-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

‮”‬السبكي‮” ‬الذي‮ ‬خطف مصر‮..‬و”جدّو حقي‮” ‬الذي‮ ‬ظلمناه‭!‬

قادة بن عمار
  • 4884
  • 0
‮”‬السبكي‮” ‬الذي‮ ‬خطف مصر‮..‬و”جدّو حقي‮” ‬الذي‮ ‬ظلمناه‭!‬

في‮ ‬المدة الأخيرة،‮ ‬أطلقت مجموعة أبو ظبي‮ ‬للإعلام،‮ ‬قناة‮ “‬ماجد‮” ‬التي‮ ‬تُعنى بالطفولة،‮ ‬مشروع إعلامي‮ ‬كبير،‮ ‬انتظرته دولة الإمارات والمجتمعات الخليجية عموما منذ فترة ليست بالقصيرة وخطط له القائمون على الفكرة طويلا،‮ ‬كما وفروا له الخبرات والكفاءات ولم‮ ‬يبخلوا عليه بالأموال الطائلة،‮ ‬في‮ ‬سبيل ظهوره بشكل احترافي‮ ‬متميز‮..‬

المشروع جاء بعد إنتاج ما‮ ‬يزيد عن‮ ‬150‮ ‬ساعة من المحتوى البرامجي‮ ‬خلال فترة قصيرة تصل إلى‮ ‬6‮ ‬أشهر،‮ ‬بما في‮ ‬ذلك‮ ‬70‮ ‬ساعة من الرسوم المتحركة،‮ ‬عملت شركة‮ “‬ماجد للترفيه‮”‬،‮ ‬الشركة الرائدة في‮ ‬مجال الإعلام والترفيه على مستوى منطقة الشرق الأوسط،‮ ‬والتي‮ ‬تم تأسيسها من قبل‮ “‬أبوظبي‮ ‬للإعلام‮” ‬على ضمان جودة محتوى‮ ‬يجمع بين الترفيه والفائدة،‮ ‬يصل إلى الأطفال العرب في‮ ‬مختلف أنحاء المنطقة‮..‬

الواقع أنّ‮ ‬من‮ ‬يطلق قناة تلفزيونية للأطفال في‮ ‬مثل هذا الظرف الصعب والزمن الموبوء بالكثير من المخاطر،‮ ‬لا‮ ‬يفعل شيئا ما عدا أنه‮ ‬يستثمر في‮ ‬المستقبل وكفى‭!‬

مهمة كبيرة وطموح مشروع،‮ ‬يبحث عن‮ “‬تجنب‮” ‬الانفلات الأخلاقي‮ ‬الذي‮ ‬نتخبط فيه حاليا،‮ ‬ويريد استعادة القيم الغائبة التي‮ ‬فرطنا فيها‮ “‬مع سبق الإصرار والترصد‮”‬‭!!‬

في‮ ‬مصر،‮ ‬قامت الدنيا قبل أيام،‮ ‬حين ظهرت طفلة في‮ ‬شريط فيديو وهي‮ ‬تقلد أبطال الأفلام التجارية وهو‮ ‬يتمايلون رقصا في‮ ‬الأفراح والموالد الشعبية واضعين سكاكين في‮ ‬أفواههم‭!‬

مصر التي‮ ‬أنتجت السينما لأكثر من مائة عام،‮ ‬تتخبط في‮ ‬مستنقع خطير اسمه”السبكي‮” ‬وهي‮ ‬عائلة تنتج أفلاما رخيصة،‮ ‬تشوّه القيم وتهدد الأخلاق وتصادر السلوكات الصحيحة‭!‬

يحدث ذلك أمام أعين الدولة التي‮ ‬يبدو أنها استقالت عن وظيفتها في‮ ‬حماية المجتمع من التدهور الأخلاقي‮ ‬وباتت مستمتعة بشعب فقد وعيه،‮ ‬ولا‮ ‬يبحث عن رقيه ولا‮ ‬يريد سوى رغيف خبز وقطعة حشيش ومشاهدة أفلام خليعة‭!!‬

لكن ماذا عنا في‮ ‬الجزائر؟ صحيح أن السينما لا تبدو بصحة جيدة،‮ ‬ولا‮ ‬يقبل عليها الناس مثلما‮ ‬يفعلون في‮ ‬مصر،‮ ‬لكن التهور الأخلاقي‮ ‬بات سمة مشتركة لكل المنطقة العربية،‮ ‬حيث لا‮ ‬يوجد شعب سلم من ظاهرة الانحرافات وإدمان المخدرات واختطاف الأطفال والتحرش الجنسي‮ ‬وووو‮.. ‬‭!‬

وهنا،‮ ‬دعونا نبدأ القصة من جذورها‮: ‬ماذا قدمنا للنشء من برامج تلفزيونية ومواد إعلامية تجنبه الوقوع في‮ ‬متاهات أو محتوى‮ ‬يمدّ‮ ‬يده لينتشله من مادة رخيصة،‮ ‬ومنتشرة بشكل كبير؟‭!‬

جدو حقي‮..‬والدويرة‭!‬

رحم الله الفقيد والأديب الكبير عبد الوهاب حقي،‮ ‬أو جدو حقي،‮ ‬مثلما كنا نناديه صغارا،‮ ‬فقد رحل دون أن‮ ‬يحقق حلمه كاملا في‮ ‬رؤية إعلام وطني‮ ‬مستقل وتربوي‮ ‬يهتم بالطفولة والنشء،‮ ‬لكنه لم‮ ‬يتراجع أبدا عن مشروعه الكبير في‮ ‬خلق لمسة إعلامية خاصة،‮ ‬ظهرت من خلال تلك الملاحق التي‮ ‬كان‮ ‬يشرف عليها في‮ ‬الصحافة المكتوبة،‮ ‬أو من خلال إطلالته التلفزيونية التي‮ ‬استقطبت اهتمام جيل بأكمله،‮ ‬ارتبط بجدو حقي‮ ‬وبالقصص والحكايات التي‮ ‬كان‮ ‬يرويها للصغار وقتها‮..‬

أشفق كثيرا على الجيل الحالي،‮ ‬فبنظرة سريعة على التلفزيونات،‮ ‬رغم كثرتها،‮ ‬لا نشاهد برامج أطفال قيّمة إلا نادرا،‮ ‬ومعظمها مستنسخ،‮ ‬كما لا نبصر عبر الشاشات،‮ ‬أيّ‮ ‬سيدة تحكي‮ ‬لهم القصص والحكايات مثلما كانت تفعل السيدة نادية كرباش‮ (‬زوجة الموسيقار تيسير عقلة‮) ‬رحمها الله،‮ ‬أو رجلا عجوزا طيبا،‮ ‬يروي‮ ‬لهم القصص والعبر مثلما كان الراحل عبد الوهاب حقي،‮ ‬لا بل إن الجيل الأخير لبرامج الأطفال انتهى مع الممثلة ليندة‮ ‬ياسمين‮ (‬صاحبة برنامج استراحة الاثنين‮) ‬ومن قبلها الإعلامية وفاء الأغواطي‮ (‬أهلا أحبائي‮) ‬ومن قبلهما أيضا الحديقة الساحرة التي‮ ‬كانت فرجة تلفزيونية ممتعة ومفيدة للكبار والصغار معا‮..(‬رحم الله الفنان الكبير ايقاش محمد رؤوف الشهير بحديدوان،‮ ‬فقد كان لوحده ظاهرة فنية لن تتكرر‮..)..‬

لماذا لا نستطيع الآن تقديم عرض مسرحي‮ ‬تلفزيوني‮ ‬مثل”الدويرة”؟ العمل الذي‮ ‬أبدع فيه عدد كبير من الممثلين،‮ ‬أبرزهم عز الدين مجوبي،‮ ‬وصونيا،‮ ‬وسيراط بومدين،‮ ‬لقد ظلت‮ (‬الدويرة‮) ‬بعد‮ ‬30‮ ‬سنة من إنتاجها،‮ ‬بإمكانيات بسيطة وظروف تقنية صعبة،‮ ‬ملتصقة بذاكرة جميع من شاهدها صغيرا،‮ ‬بكينا معها وضحكنا وفرحنا‮..‬حتى الرسوم المترجمة باتت بلا طعم ولا رائحة،‮ ‬مجرد آلات عوضت القصص والحكايات المليئة بالعبر والنصائح والأمثال‮.‬

رحم الله جدو حقي،‮ ‬فقد عاش ليربي‮ ‬جيلا بأكمله،‮ ‬على الأخلاق الفاضلة،‮ ‬والسلوكات القويمة،‮ ‬عاش مقاوما للرداءة،‮ ‬مناهضا لسلخ القيم واغتيال الطفولة،‮ ‬ورحل دون أن‮ ‬يبكيه أحد ما عدا تلك التعزية‮ “‬الباردة‮” ‬التي‮ ‬بعثها وزير الثقافة‮ “‬مضطرا ربما‮” ‬لعائلة الفقيد،‮ ‬تعزية أدانت كاتبها بالجحود حين تعامل مع جدو حقي‮ ‬على أنه‮ “‬سوري‮ ‬وافد‮” ‬بالرغم من أنه كان جزائريا حتى الصميم،‮ ‬جزائري‮ ‬أفضل من كثيرين،‮ ‬دون نكران أصوله الشامية العريقة طبعا‮..‬

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
  • منصف

    يا اخي لماذا هذا الحنين المبالغ فيه للماضي ... لماذا سلطة الماضي تحكمنا ... او لم تومنوا ان المجتمع يتحرك ز ان الديناميكا هي سيدة الموقف ... العالم لا ينتظرك حتى تتباكى عن ما فات ... لو كانت البرامج الماضية فعالة لنتجت جيلا لا يرضى بما نراه ... انما انتجت جيل عدم الخروج ... انا انظر اليها من زاوية اخرى ...في تلك اللحظة التاريخية التي تحن اليها كنا في اسمى مظاهر التخلف ... كانت القيم صلبة متحجرة ...اما اليوم فنحن في زمن المرونة ... الحراك يستمر و لا ينتظر احدا ...

  • واحد حاب يفهم

    راكم بديتو تفيقو
    الجزائر قارة تمثل كل دول آل عربان فيها بزاف الثقافات مهملينها مناش لا تيين بها
    ونروحوا لآل عربان ونديرو كيفهم ونخليو مثلا الثقافة الترقية الجزائرية الصحيحة او او او
    تستاهلو يا ز انتوما اللي ديتونا للواد*للعرب* والله شيء غريب كيفاش انخلي ثقافتي وشعبي وولادي وجدودي وجنسيتي وووو ونجيب من مصر او الاردن او
    المهم متحبسوش تحيا الجزائر والثقافة الجزائرية والشعب الجزائري

  • العربي

    شكرا على الموضوع، الحقيقة أن الطفل عندنا متروك - في غفلة من الأولياء والمربين والأفراد والمؤسسات- متروك لقنوات mbc3 و cn العربيةـ ومثيلاتها تفعل في فكره ووعيه ما تشاء، وتبث السموم في معتقداته وأخلاقه وأفكاره. في ندوة عن ثقافة الطفل دعوت إلى استعادة نشاط ما يسمى فن قراءة القصة للأطفال، فقوبلت بالتجاهل وربما بالسخرية، لأننا لا نتذكر الطفل عندنا إلا في مطلع جوان من كل سنة، ونتذكره حين يخطف طفل في عمر الزهور أو يقتل. الويل لنا من المستقبل ومن عقاب الله يوم القيامة حين نسأل عن هذه الطفولة المعذبة ال

  • Marjolaine

    "كما لا نبصر عبر الشاشات،‮ ‬أيّ‮ ‬سيدة تحكي‮ ‬لهم القصص والحكايات مثلما كانت تفعل السيدة نادية كرباش‮... ‬رحمها الله،‮ ‬أو رجلا عجوزا طيبا،‮ ‬يروي‮ ‬لهم القصص والعبر مثلما كان الراحل عبد الوهاب حقي"
    أعلق على هذا القول فقط: بل يوجد رجل عجوز يروي حكايات هادفة (تدفيء قر الشتاء) كان بالعام الماضي على قناة KBC والآن هو على قناة الوطن يروى قصص التاريخ الإسلامي.
    وهناك سلسلة تركية هادفة على قناة الشروق العامة يمكن أن يتفرجها الأطفال أو الشباب وتفيدهم(رغم أن حبكتها بسيطة لكن لها أثر وتذكير يغسل النفس).

  • بدون اسم

    بالنسبة للسبكي هو شخص عنده نفود كبير في مصر حاولوا كثير ايقافه ولم يستطيعوا ابدا

  • م

    شكرا لك اخي قادة بن عمار وجزاك الله خيرا فقد قل امثالك من الكتاب الصحفيين الجزائريين الذين يعالجون الجراح بالدواء الشافي فانت والهادي الحسني من الاطباء النفسانيين للبشرية جمعاء فواصلا كتاباتكما وشكرا

  • محمد العربي حويذق

    شكرا لك والمزيد من الافادة والتوجيه والتشويق .حق لنا وللجزائر ان نفخر باعلاميينا الشباب والى الامام نحن ننتظر بشغف مقالتك.

  • احلام . ب

    شكرا لك اخي الفاضل على هدا الموضوع المهم.ان اطفالنا يضيعون وسط هاته الرسوم المتحركة فلقد اصبحت لا تخلوا من العنف و زرع افكار الغرب فان لم تكن متابعة من قبلنا نحن الاولياء فستكون الكارثة و سياثر دلك على سلوكياتهم.انصح اخواني بان يراقبوا اطفالهم و لا يتركوهم يشاهدون الرداءة فهم امانة في رقابنا و يجب تربيتهم كما وصانا رسولنا الكريم عليه الصلاة و السلام.

  • بدون اسم

    البركة فجدو (الشاب سابقا) يزيد

  • يوسف الصحراوي

    أردت أن أكتب لك هذا البيت
    لقد اسمعت إذ ناديت حياً------ولكن لاحياة لمن تنادى
    ثم تذكرت هذا و هذا
    بكى صاحبي لما رأى الدرب دونه - وأيقن أنا لاحقان بقصيرا

    فقلت له: لا تبك عينك إنما - نحاول ملكا أو نموت فنعذرا
    فحاول جزيت خيرا لعلك تبلغ رساللتك أو تذكر بخير