-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
بعضهم يستأجرون الحافلات وآخرون صاروا "بودي غارد" لأبنائهم

يوميات رعب وحيرة للأولياء بعد توصيل أبنائهم إلى المدرسة

سمير مخربش
  • 2085
  • 4
يوميات رعب وحيرة للأولياء بعد توصيل أبنائهم إلى المدرسة
أرشيف

يعايش الأولياء في الجزائر حيرة كبيرة وحالة من الرعب واللاأمن عند توصيل أبنائهم إلى المدرسة التي أضحت محاطة بكومة من المشاعر، التي تهز كيان الوليّ وتوقفه يوميا على أصابع رجليه.

مشهد أب خرج قبل نهاية عمله في حدود الساعة الرابعة مساء، أي قبل انتهاء عمله وهرب عمدا، ليلحق بابنه الذي سيخرج من المدرسة، فتجده يسابق الزمن ويغامر ويناور بسيارته في الطرقات ويتشاجر مع كل من اعترض طريقه… هذا المشهد يتكرر أكثر من مرة وفي أكثر من مكان بل أضحى من يوميات المواطن الجزائري المكافح، وقد ينتهي المشهد بسلام لكن أحيانا نهايته تكون تعيسة عندما يصل الوالد متأخرا فيجد ابنه وحيدا يبكي بالقرب من باب المدرسة فيخفق قلب الأب وتنتابه نوبة اللوم والحسرة والندم بعد فترة من الرعب والخيال المفزع عايشها في الطريق.

هذه الحقيقة المرة ترافق الأولياء كل يوم من أجل أبنائهم الذين التحقوا مؤخرا بالطور الابتدائي ومرارتها تزداد عندما تكون المدرسة بعيدة عن المنزل فيزداد الفزع كلما تأخر الوليّ عن موعد خروج ابنه من المدرسة، وقد يكون ذلك بسبب الازدحام في الطرقات أو لطارئ معيّن فتتحول الحادثة إلى مأساة حقيقية تزداد حدتها مع كل دمعة تسيل من عين الطفل البريء، وتكون الصدمة بالنسبة إلى الأب أو الأم التي تجرّ معها اللوم والندم والشجار والغضب وتبادل التهم واللوم.

فالتحاق التلميذ بالمدرسة أضحى مهمة شاقة لكلا الوالدين ومتعبة بدنيا ونفسيا خاصة ذاك التلميذ الذي يدرس بعيدا عن المسكن ويتطلب مرافقة لصيقة تتكرر أربع مرات في اليوم وأي خلل عند خروج التلميذ أو التأخر عن الموعد يعني حالة طوارئ تزعزع العائلة بكاملها. والويل للأب والأم العاملين اللذين يجدان صعوبة في ضبط وقت الخروج من العمل والتواجد اليومي عند مدخل المدرسة. هذه الوضعية تعني فزعا دائما للوالدين وحيرة مستمرة ازدادت حدتها في السنوات الأخيرة بعد انتشار ظاهرة اختطاف الأطفال والاعتداء عليهم وقتلهم وتعرضهم لحادث مرور، فكل تأخر عن موعد خروج التلميذ من المدرسة ترافقه صورة اختطاف تحاصر خيال الأولياء. فحتى العائلات التي تقطن بالقرب من المدرسة يحرص فيها الأولياء على توصيل أبنائهم ولو لبضعة أمتار فلا يفارقونهم حتى يطمئنوا لدخولهم إلى المدرسة أو المنزل لأن الجزائري لم يعد يأمن أحدا على أبنائه، حتى وإن كان من المقربين. ولمن أراد أن يلحظ الظاهرة ما عليه إلا أن يقف وقفة شاهد أمام المدرسة الابتدائية بالخصوص، ليلحظ لهفة الأولياء عند خروج التلاميذ وفزع تلك الأم عندما يتأخر ابنها للحظات قبل الخروج، فكم من أم بكت أمام المدرسة ليس لأنها لم تجد ابنها بل لأنها فارقته عند دخوله إلى القسم أما أن يطول غيابه فتلك كارثة من الدرجة الثالثة.

عائلات تستأجر حافلات بـ 5000 دج شهريا

وأمام هذا الرعب المتكرر لجأت بعض العائلات إلى حافلات رياض الأطفال لتوصيل أبنائهم إلى المدرسة مقابل مبلغ 5000 دج للشهر تتغير قيمتها حسب المسافة والخدمة التي قد تتطور إلى الإبقاء على التلميذ داخل الروضة لتناول الغداء وإعادته من جديد إلى المدرسة وهكذا تبقى الروضة متكفلة بالتلميذ حتى بعد التحاقه بالمدرسة والأولياء لا يلتقون مع أبنائهم إلا في المساء. وأما العاجز عن دفع هذا المبلغ فعليه أن يواصل رحلة العذاب والفزع اليومي عند مدخل المدرسة. هذا في المناطق الحضرية أما في الجهات النائية فالأولياء هناك سلموا أبناءهم للشارع وعلى التلميذ أن يمشي في اليوم عدة كيلومترات دون حماية ولا رفيق ورحلته محفوفة بمخاطر متعددة مصدرها بشري أو حيواني، وليس للأولياء أي خيار فهم يتدخلون فقط عندما تكبر الطفلة فيخافون أن تتعرض للاغتصاب فيقررون مباشرة توقيفها عن الدراسة واللجوء إلى الحل الراديكالي في غياب أي حلول أخرى.

غياب النقل المدرسي يؤرق الأولياء

يحدث هذا لأن الدولة مازالت عاجزة عن توفير المدارس بالعدد الكافي لكل حي، فبُعد المدرسة عن المنزل يعني أن هناك مشروع كارثة سيتجسد في أي لحظة، والعجز كذلك في توفير النقل المدرسي الذي مازال يشكل هاجسا للعائلات خاصة في المناطق الحضرية والنائية. فلا يجوز لك أن تقارن بين ذلك التلميذ الوسيم الذي يأتيه الباص قرب منزله فيخرج في لحظة مرح وهو يلوح بيده يسلم على أمه وهي تبتسم فيركب براحة وسلام إلى أن يصل إلى المدرسة وذاك التلميذ الأشعث الأغبر الذي يشق الحرث ويغامر بقطع الطرقات وهو يحمل محفظة تزيد على وزنه فتجده كئيبا كأنما يساق إلى حبس الحراش.

فصورة ذاك الأب الذي يهرب من العمل قبل الوقت المحدد أقل بشاعة من صورة ابنه الذي خرج من المدرسة ولم يجد من يرافقه إلى المنزل، إنه العذاب المقدر على الأبناء وأوليائهم لأننا في زمن الغدر واختطاف الأطفال والخديعة والفساد أيضا.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
4
  • ما يفعله المجتمع الان !؟

    فطور اطفال المداريس لا اشرب الحليب. يوميا. لكن. احب ان اشرب فيتا جي ستكون نتائج وخيمة على الصحة النفسية والجسدية لاجيال تنتعش. بالشيبس ولا تكثر من شرب الماء

  • ما هذا النظام القبيح تطبيقه

    فطور اطباؤنا. ممرض طبيب جراح اخصائي امراض باطنية. مقاول. تاجر صايغي رئيس مصلحة. والي نائب. والي. فنجان تاي. و. ميسكوتشو. بمعجون المشمش القهوة. بعد. العاشرة

  • علي

    قري ولدك وين تسكن تتهنا و تهنيه و تهني الناس. اغلب الموضفين عايشين لولادهم و جدول زمنه على حسب المدرسة. دخول للعمل على 8.30 او 9 الهروب من العمل على 10.30. الدخول للعمل على 2 او 2.30 مغادرة العمل على 3.30 .

  • 7

    ليضع أولياء التلاميذ في حافلة باموالهم و سائق متقاعد او بالتناوب المهم سلامة الأبناء و ليس التاخير