-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

وزيرة متضامنة مع نفسها!

قادة بن عمار
  • 4965
  • 8
وزيرة متضامنة مع نفسها!

وزيرة التضامن وقضايا المرأة في الحكومة “كثّر خيرها” لا تلبث في كل مرة على تأكيد أهميتها داخل الطاقم التنفيذي، بل وفي حياة الجزائريين عموما، وذلك عقب كل كارثة تحلّ بالبلاد والعباد..الله غالب، فقدر السيدة سعاد بن جاب الله أن لا تتصدر المشهد وأن لا يتم الحكم عليها سوى في الكوارث الطبيعية وحتى تلك الإنسانية التي يتم ارتكابها من طرف المسؤولين في هذا البلد!

لكن مهلا.. فالفيضانات الأخيرة التي ألمّت ببعض ولايات الشرق، قد تدفعني لتغيير وجهة نظري حول أداء السيدة بن جاب الله “كثر خيرها”، فهي لم تظهر على شاشة التلفزيون، وفي نشرة الثامنة لتزور تلك الولايات المنكوبة سوى بعد ثلاثة أو أربعة أيام.. صحيح أن الحكمة تقول: “تصل متأخرا أفضل بكثير من أن لا تصل أبدا”، وحكومتنا “حكيمة جدا” بهذا الخصوص، لكن ليس في كل مرة تسلم الجرّة.. وإلا فكيف نبرر هذا التأخر والغياب الرسمي عن توفير الدعم لأصحاب البيوت التي انهارت، والمزارع التي غرقت، والأهم من هذا وذاك، للأرواح التي سقطت فلم تزرها الوزيرة إلا بعد مرور أربعة أيام، ثم وقفت وفي كامل أناقتها أمام جمع من الناس، على حافة أحد الوديان، لتصف وظيفتها بالتكميلية فقط، فهي ليست سوى وزيرة في حكومة لم تلتئم منذ ثمانية أشهر، كما أن السلطات المحلية لديها من الإمكانيات ما يسمح بتغطية الخسائر وتعويض المتضررين، وطبعا لم تفارق معاليها المنطقة دون التصريح للتلفزيون عن منح إحدى الولايات شيكا بأربعة ملايير سنتيم!

الواقع أن ظاهرة “التبراح” الحكومي بالعطايا والامتيازات التي يتم منحها للمواطن البسيط ليست جديدة، ولا سابقة أتت على ارتكابها وزيرة التضامن، بل هي عادة رسمية قديمة منذ عهد الثورة الزراعية، حتى أن المواطن بات يتلذذ بها، ولم تنجح كل الخطابات الرسمية والحكومات المتعاقبة في نزع هذه الروح الاتكالية التي جعلت البلاد محتارة في نهجها الاقتصادي، مفضلة حتى كتابة هذه الأسطر وضع رِجل في الاشتراكية وأخرى في الليبرالية.

وبالعودة إلى وزيرة التضامن وقضايا المرأة، وبعيدا عن سياسة التبراح المشتركة.. يحق لنا التساؤل: هل رأيتم يوما السيدة سعاد بن جاب الله تحتضن عائلة شردتها الفيضانات في ولاية من الولايات، أو امرأة مطلقة وجدت نفسها في الشارع؟ هل رأيتموها تربُت بحنان على كتف طفل معرّض للخطر تم انتشاله من عالم الجريمة، أو شخص من ذوي الاحتياجات الخاصة بعيدا عن تاريخ الاحتفال باليوم الوطني للمعوقين ودون تذكيره بالمنحة “العظيمة” التي تمنحها له الدولة؟.. حتى إنها لم تزر وتواسي تلك العائلات التي تعرضت لاختطاف أطفالها وقتلهم إلا بعد ما تحولت القضية من مجرد جريمة إلى فضيحة رسمية للحكومة!

لكن في المقابل، ألم يقم سلفها في المنصب جمال ولد عباس بكل تلك المهمات أمام الكاميرا زورا وبهتانا، لنكتشف في نهاية المطاف أنه لم يُشبع تلك الأعداد الكبيرة من المحتاجين سوى وعودا كاذبة، وكأنّ قدر الجزائريين الاختيار ما بين وزير يقول ولا يفعل، وآخر لا يقول ولا يفعل.. ولا يفكر حتّى؟!

 

وزيرة التضامن ليست سوى قطرة في بحر.. فهذا زميلها في التجارة يتوقع ارتفاع الأسعار وانخفاضها في السوق دون أن يحاربها، وآخر في البيئة، لا يتردد في جعل معركته الكبرى محصورة في”الصاشيات”، وثالث في التربية لا يخجل من الحديث عن ضرورة الانتقال للعلوم والتكنولوجيا وتطوير المدرسة، وهو لم يحلّ بعد حتى مشكلة الاكتظاظ وغياب التدفئة، ورابع لا يتوقف عن المباهاة أن ولده لم يحصل على سكن رغم أنه وزير سكن، وخامس لا يستحي من التصريح إعلاميا أن عدد الوفيات للنساء الحوامل في قطاع الصحة الذي يسيّره لم يخرج عن المعايير الدولية، وسادس وسابع وثامن.. كل مصيبة تنسيها في الأخرى، هل فهمتم لماذا قلنا في البداية عن سعاد بن جاب الله “كثّر خيرها”؟!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
8
  • بدون اسم

    بارك الله فيك , والله حار و تبرد القلب

  • كمال

    يكثر خيرك يا كاتب المقال......و بما انك صحفي محنك..... نطلب منك ان تقرن المشكل بالحل...لان المشاكل معروفة و أسبابها كذالك.... و بيت القصيد هو في الحل وكيفية نجاحه.....!!!

  • رانية

    فهل من منقد ؟ الوزيرة تحب زيارة المعارض وما الى ذلك.

  • smari abdelmalek

    M. Kada BenAmar, il faudrait apprendre à vos victimes deux petits principes de civisme avant de venir accuser injustement nos gouvernants:
    1) que vos victimes apprennent que qui a un bien, il faut qu'il l'assure. Or presqu'aucun Algérien ne veut dépenser un sou en assurances.
    2) qu'elles apprennent à respecter les règles de la construction. Or ici aussi vos victimes sont capables de construire une maison sur le bord même du Mississipi si elles peuvent ou si on les laissent faire.
    Alors M. Kada BenAmar, ne vous mettez pas à pleurnicher vous aussi, même pour le compte de vos victimes... qui ne sont pas aussi victimes que ça !!! www.malikamin.net

  • mustapha

    المشكلة أن هؤلاء المسؤولين لا يعيشون في الأحياء الشعبية ليحسوا بمعاناة الناس فكما يعلم الجميع أنهم يعيشوا في بروج محصنة في نادي الصنوبر و اذا تنقلوا فبسيارات مصفحة ذات أضواء كاشفة ترافقهم حراسة مدججة و همهم الأول والأخير هو كيف يتقاسمون كعكة البترول الذي دوخونا بأنه سينفذ قريبا ليستأثروا به وحدهم لا يزاحمهم فيه أحد

  • مواطن جزائري

    لو كان المقال مكتوب في الفايسبوك وكان درتلك جام يا بن عمار

  • الجزائرية

    كلامك صائب و لا شك فيه.لكن ألا يحق لنا طرح السؤال التالي لماذا يحدث هذاوأين مكمن العجز؟هل في الوزير ؟ألعدم كفاءته،أم لقلة حيلته؟بمعنى ،لنا الحق في التشخيص و النقد كما لنا الحق في التحقيق و معرفة الأشياء عن قرب،أي ماذا يحدث بالضبط للمسؤول؟أرى أن هذا هو مربط الفرس.كان أحد خيرة أساتذتي ثقافة ووعيا وتشدقا بالوطنية أيام الثانوي و كان ناقما على الوضع بصفة عامة فيشفي كلامه قلوبنا المحترقة على هذا الوطن و لما صار رئيس بلديةعاث فسادا و خرج من الباب الضيق هل المنصب مفسدة أم الرعية شديدة الصعوبة أم كلاهما؟

  • Mounir

    المشكل يا أخي قادة، ليس في الوزيرة فلانة أو الوزير علان، المشكل حقيقتا معقد، واضن انه يمكن تشخيصه في النقاط الآتية؛
    - التدرج في مناصب الدولة لا يتم بالشفافية المطلوبة، اللذي يرتقي هو اللذي يحسن "البروصة"، أو من يعرف فلان و النتيجة: لا احد (أو قلة قليلة) له الكفاءة في هرم السلطة.
    الباقي يمكن أن تقول انه نتيجة مباشرة من ما سبق ذكره:
    - الفئة الرائدة في الأمة (l'elite) همشة،
    - القطاعات الحساسة(التعليم، الصحة، العدل) أصابها ما أصابها بسبب سوء التسيير و تغييب الأكفاء
    لا تنتظر المفاجئات ....