-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

من “الحفافات” إلى “الحمّامات”!

قادة بن عمار
  • 22552
  • 8
من “الحفافات” إلى “الحمّامات”!

بعض نوَّاب البرلمان يعتقدون أنهم قادرون فعلا على إقناع حكومة عبد المجيد تبون بمطاردة المتهرِّبين من الضرائب وإنهاء زواج المال بالسياسة، غافلين أو “جاهلين” أن الأمر لا يتعلق ببرنامج حكومي وإنما بعقيدة سياسية سار عليها النظام في السنوات العشر الأخيرة ولا يريد التخلِّي عنها.

 لا توجد مؤشِّراتٌ حقيقية على إحداث القطيعة مع ممارساتٍ سابقة، فحتى الإجراءات التي قامت بها الحكومة في الفترة الماضية، وتتعلق بتقليم أظافر بعض رجال الأعمال وبارونات الاستيراد ومافيا الاحتكار، ردَّت عليها هذه الأخيرة بكثير من العنف، حيث شاهدنا جميعا كيف أن تلك “المافيا” باتت تستفيد من عجز الحكومة وبيروقراطية الإدارة في تثبيت مواقعها أكثر، فحتى الآن لا تستطيع الحكومة حلّ مشكلة الموز وأعلاف الماشية، فما بالك بمواد البناء، والدواء، وإنهاء سيطرة رجال المال عموما!

حتى النقاشات الأخيرة التي تمت في البرلمان والمتعلقة بمخطط عمل الحكومة، أظهرت المستوى الهزيل لكثير من النواب الذين تقدّموا لمسؤولية التشريع دون تحصيل علمي ولا انتماء سياسي، حيث ظهر أكثرهم غير مهتم بالنقاش الاقتصادي، بل إن بعضهم كرّر عبارات “تنويع الاقتصاد، وتطويره، وتوفير التنمية وإرساء الحكم الراشد..”، بطريقة فجّة، لا يعلم من خلالها معاني تلك الكلمات ولا فحواها!

ثم كيف يمكن الاطمئنان لبرلمان يبدأ نشاطه بمهزلةٍ دستورية كبيرة، على غرار ما فعلته نائب أفلانية منعت زميلها في “الأرسيدي” من التكلم بالأمازيغية، وهي لا تعلم أنها لغة رسمية بنص الدستور؟!

لكن ما يدعو للقلق أكثر، ليس تصرُّف ممثلة الأغلبية، وإنما تعامل “الأرسيدي” مع الموقف على طريقة المثل الشعبي القائل: “عجوزة حكمت سارق”، حيث ترك نقاش الحكومة وأهمل الحديث عن مشاكل البلاد والعباد وراح يصف البرلمانية الأفلانية بـ”قليلة الأدب”، مُظهرا مرة أخرى، أن حزب سعيد سعدي لا يمكنه التحرُّر من النقاش الإيديولوجي المقيت، والذي لا يغني ولا يسمن من جوع، بل هو يقتات منه ويعيش عليه، تماما مثل ما يعيش الأفلان على الشرعية الثورية!

برلمان لا يحترم الدستور، ويعيش على الماضي، غير متحرر من ذهنية الصالونات ويتصرف نوابه وكأنهم في “حومات” أو “حمّامات شعبية” هو برلمان خطير على مصلحة البلاد!

بل إن مناقشة خطة عمل الحكومة غاب عنها أكثر من نصف النواب، وبرر أحدهم الأمر بالقول إن زملاءه أصيبوا بالتعب والإعياء، ناسيا أو متناسيا أن الأمر يتعلق بنشاطهم الأول منذ “نكسة” انتخابهم في الـ4 ماي المنصرم!

حتى مداخلات المعارضة، لم تخرج عن إطار الغزل العفيف “من بعيد لبعيد”، أو الاعتراض اللطيف، مثل نائب حمساوي اتهم الوزير الأول السابق عبد المالك سلال بمسؤوليته عن “اغتيال” برنامج الرئيس، غير مكترث بانتمائه لحزب من المفترض في سلوكه، معارضة البرنامج والرئيس معا! 

كل هذه المؤشرات والمعطيات، تجعلنا نصدِّق من توقع يوما بأننا سنندم على برلمان “الحفافات”، طالما أن الجلسات الأولى للبرلمان الحالي تصدق معه أوصاف الرداءة والإهمال وتطغى عليه تصرفات الحمّامات!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
8
  • بدون اسم

    لا يستقيم ويتحسن حال الجزائر الا اذا تم حل البرلمان ومجلس الغمة لان وجودهما هو هدر للماال العام لا غير....

  • لزهر

    كلامك اخي قادة منطقي ومعقول لكن في بداية مقالك تكلمت عن رجال الاعمال فما المانع من سيطرة رجال الاعمال على قطاعات معينة في التجارة اوالصناعة خاصة وانهم جزائريون وقد ثبت لنا ان عقلية البايلك او الاشتراكية لاتسمن ولا تغني من جوع ومن اجل الارتقاء ببلدنا يجب التحرر من هذه العقليات اما بالنسبة للحفافات وكلام الحمامات فماذا كنت تنتظر

  • بدون اسم

    السلام عليكم
    شكرا ..
    صح عيدكم مسيو قادة أتعيدو وتعاودو
    كل عام وأنتم بخير
    .. قالــــوا ما خـــلاو ما ايقولـــوا
    .. تَهْجــــــــالي ولاَ زْوَاج الجيـــــلالي
    وشكرا

  • عدة

    ياسي قادة _لقد اصبت في هذه الافادة -لك كل الاشادة_لانك من طينة الكبار في الزيادة_خلي البير بغطاه _هذا ربي ماعطاه_الوطن المال صابوطاه_نحن نعيش الاعادة_ماعندناش ارادة_اصبر ياسي قادة_القماش هو هاده

  • غدادي عبدالقادر

    يستحيل على شعوب أفريقيا أن تتخلص من التخلف والاستبداد المفروض عليها قديما وحديثا وستبقى أبد الأبدين على اوضاعها المزرية بسبب عوامل سياسية وأخلاقية ... ولن تفرح بالخروج من هكذا أوضاع لأنها محكومة من طرف أنظمة لا تحمل من ذلك سوى الأسم ترى في شعوبها مجرد قطعان دواجن أو جراد او ماعز أو أغنام ... تشتري له الأكل ودون ذلك ليس له سوى قفل فمه ،وان تجرأ على الكلام فسيكون مصيره مصير مانراه في دول نشاهد دمارها وخرابها على الفيسبوك والفضائيات ...

  • محمد

    هذا الخلط يستحيل أن يناقش بموضوعية يا سي قادة، كيف لبرنامج رئيس أن يناقش في مجلس أغلبيته منه، هذه مضيعة للوقت و المال، الموالاة تدافع قبل أن تصادق و الموارضة مجرد ظل يعطي جمال للمجلس، أما المعارضة فهي مشتة خارج السرب و لا يُسمع بها، ذهنية لا تؤمن بالنصوص لا تتوقف إلا أمام ملموس، الخطأ القديم مازلنا ندفع ثمنه، فالسياسة عوض أن تُضبط بنصوص، ضُبطت برجال و أولائك الرجال لم يورثوا سوى هذا المال.

  • محمد

    هذا الخلط يستحيل أن يُناقش بموضوعية يا سي قادة، كيف لبرنامج رئيس أن يناقش في مجلس فيه الأغلبية من أتباعه؟ هذه مضيعة للوقت و المال، الموالاة لا تناقش بل تدافع قبل أن تصادق و الموارضة كلامها بضاعة تُسوّق لأتباعها فقط و المعارضة مشتة خارج المجلس لا يُسمع لها، ذهنية لا تؤمن بالنصوص ليس أمامها سوى الملموس، السياسة عوض أن تُضبط بالنصوص من أول يوم، ضُبطت بالرجال لفترة ثم لم يخلفوا وراءهم شيء يرضو عنه جميعا سوى المال و هذا مآل حتمي لابد منه.

  • Benmoumene boubakre

    إنا لله و إنا إليه راجعون ( لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صَلُح به أولها) البلاد في الإسلام يسيرها أهل ( الحل و العقد) أما في الديموخراطية العربية الإفريقية البيروقراطية فيسيرها كل من يصفق و يطبل لفرنسا و للمسؤولين و لو عرضوا البلاد إلى ما لا تحمد عقباه اللهم احفظ بلادنا يا رب