-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

مصر ولكن لا سلام بدون سوريا

صالح عوض
  • 9753
  • 0
مصر ولكن لا سلام بدون سوريا

عبثا حاول الفلسطينيون استبدال الجغرافيا وشروطها، وعبثا حاولت إسرائيل أن تدير ظهرها لقوانين المكان.. فلقد ظن الإسرائيليون انهم يضمنون الأمن والاستقرار لمشروعهم العنصري إن هم اخرجوا مصر من دائرة الصراع .. صحيح أنهم يكونون حققوا ضربة في الصميم للجبهة العربية عندما استفردوا بمصر باتفاقيات صلح تاريخي مع إسرائيل.. لكنهم واجهوا بعد خروج مصر من الصراع أسوأ أيام مشروعهم.. واجهوا مقاومة هزمتهم في اكثر من مكان ومرغت بجيشهم في وحل الانكسارات في لبنان وفلسطين، وكانت سوريا دائمة الحضور في صف المقاومة ومن خلفها، رغم بعض السحب الداكنة التي عكرت احيانا صفو صلات الرحم بين إجزاء بلاد الشام.

  •  
  • بلا شك تمكن السوريون أن يلعبوا بكل أوراق القوة وأن تصبح سوريا المعضلة الأساسية أمام تقدم المشروع الإسرائيلي، بل والأمريكي، ألى حد ما بعد أن وطدت علاقاتها بالعراق وإيران.. وهكذا أصبح طلب ود سوريا جهدا يبذله الأوربيون وغيرهم؛ لأنها مفتاح بؤر الصراع كلها.. وهكذا تبدو الحسابات الاستراتيجية فاقعة الوضوح أن السلام والصلح الذي صنعته إسرائيل مع مصر لم يجلب لها أمنا ولا استقرارا، بل استنزافا، كما أنه لم يجلب لمصر شيئا، فلقد خسرت مصر مجالها الحيوي وقدرتها على تمثيل الموقف العربي بعد أن كبّلوها فلم تعد قادرة أن تبدي حراكا حقيقيا في ملفات حساسة وخطيرة وتهم أمنها القومي، فلقد حاصروا ليبيا وهي جارة لسنوات عديدة ولم تستطع مصر كسر الحصار، وهاهم ينهبون السودان ويقطعونه إربا وهي غير قادرة أن تنقذه أو تنقذ نفسها؛ لأنه عمقها الأمني، وهاهو قطاع غزة مسجون منذ اكثر من سنة من بوابة يشرف عليها الأمن المصري، وهم غير قادرين أن يفرجوا عن أهلهم الفلسطينيين.. بل أصبحوا غير مسموح لهم بإيجاد مصالحة بين المتحاربين الفلسطينيين.
  • الآن تقود تفصيلات الاوضاع إلى القول بأن سوريا لم تتخل عما نحته لها الجغرافيا من أدوار ومجالات، فهي المتحكم بقوة في الملف اللبناني، وهي العمق والرئة للمقاومة العراقية، وهي قاعدة التواجد الفلسطيني المقاوم في الخارج.. ومن هنا ثبتت سوريا مقولة أن لا سلام بدونها.. بل هاهم الفلسطينيون كما اللبنانيون يعودون إليها لكي يتصالحوا بينهم.
  • وهنا تصبح المسئولية القومية بالغة الخطورة والامتحان الصعب على القيادة السورية، ورغم إدراكنا أن السوريين لا يتحملون نصيحة أو نقدا فإننا نؤكد ان خروج سوريا من الصراع العربي الإسرائيلي مهما أعطوها، حتى لو هضبة الجولان كاملة، فإن سووريا ستخسر كل ما منحتها إياه الجغرافيا من امتيازات، وستصبح سوريا رقما في المنطقة، وسيهشمونها تهشيما اقتصاديا وثقافيا.. سوريا هي حاضنة بلاد الشام وهي الرهان الكبير على عدم السقوط العربي، فهل ستخرج من هذا الامتحان كما كانت قاعدة للمقاومة اللبنانية والفلسطينية والعراقية؟.. الأيام القادمة ستحمل الإجابة.
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!