مصر التي ضاعت.. وضيّعتنا!
![مصر التي ضاعت.. وضيّعتنا!](https://i.dzs.cloud/www.echoroukonline.com/wp-content/uploads/2021/03/Djami3a_arabia_SG_429866654_582037503.jpg?resize=790,444.375)
مصر غير قادرة على اقتراح رجل “أقل قذارة” من أحمد أبو الغيط ليكون أمينا عاما لجامعة الدول العربية؟ ألهذا الحدّ وصلت بنا الأمور لتعيين الرجل الذي أيد العدوان على قطاع غزة ليكون المسمار الأخير في نعش التعاون العربي!!
ألم يكن من واجب الدول “النظيفة” وفي مقدمتها الجزائر، أن تنتفض على هذا الخيار، لأن مصر الحالية، ليس بمقدورها تصدير نماذج جيدة، ولا أسماء كبيرة ماعدا في الخذلان وبيع القضية مثلما هو الحال بالنسبة لأبو الغيط، صديق الصهيونية تسيبي ليفني الأول في المنطقة!!
في مصر، لم يعد الأمر مقتصرا فقط على النزاع حول دعم النظام أو الخروج عنه، شرعية السلطة القائمة أو لا شرعيتها، انتشار المظالم السياسية أو تبريرها، لكن الأمر بات كارثيا بالجملة لدولة ظلت تصدّر لعقود طويلة منارات فكرية وإبداعية وسياسية هامة قبل أن تسقط في أوحال الدكتاتورية، ونحن هنا لا نقصد فقط دكتاتورية النظام، لكن دكتاتورية الجهل واستبداد اللاوعي وضياع البوصلة الأخلاقية!!
مصر الفكر والثقافة والتاريخ، لم تعد تحضر إعلاميا في الوقت الراهن، سوى عبر صورة نائب برلماني مخبول التقى السفير الإسرائيلي فضربه زملاؤه بالحذاء في مشهد كاريكاتوري، ثم قاموا بطرده من مجلس منتخب، وكأنهم يفتون: رفع علم تل أبيب في سماء القاهرة حلال، لكن اللقاء مع سفيرها حرام!!
مصر الحالية لم يعد يشغلها سوى كيفية تجريم حركة حماس الفلسطينية لتبرير الغلق المستمر لمعبر رفح، ولم تعد مهتمة إلا بتحصيل مزيد من الأموال الخليجية ورفع صفقات الجيش، ولم يعد يثير شارعها وإعلامها سوى منع النقاب في الأماكن العامة وقضية ممثلة مصرية مخمورة اتهمت ضابط شرطة بالاعتداء الجنسي عليها وهتك عرضها، فقامت الدنيا بأكملها دون أدنى اعتبار لمئات الآلاف الآخرين الذين تنتهك أعراضهم بشكل يومي ويساقون لمحاكمات عسكرية ويعذبون بطرق بدائية، وذلك كله وفقا لتقارير رسمية وأخرى حقوقية من داخل مصر وليس من خارجها؟!!
النظام في مصر الآن لم يعد مهددا من طرف الإخوان ولا اليساريين ولا حتى الجهاديين في سيناء، النظام يهدده الآن، أمناء الشرطة الذين تحولوا إلى سلطة موازية، ودولة داخل الدولة.. النظام يهدده الآن قضاء فاسد يحكمه رجل ماكر يسمى أحمد الزند دعا لقتل جميع المصريين من تنظيم الإخوان، صغارا وكبارا لـ”تحقيق العدل والقصاص لشهداء الشرطة والجيش”!!
النظام في مصر الآن يخنق نفسه بيديه.. حيث أتى ببرلمان تحوّل في ظرف وجيز إلى مسخرة حقيقية، ودعَم إعلاما فاسدا لم يعد قادرا على لجمه ولا ضبط انفلاته، كما أهدى الدولة على طبق من ذهب لجهاز المخابرات وجنرالات الجيش من أجل الحصول على مشاريع جديدة، والاسترزاق من أموال المصريين الغلابى في تكرار لما فعله نظام حسني مبارك حين سلم الدولة، بمن فيها وما فيها لزمرة من رجال الأعمال الفاسدين يتقدمهم ماكر آخر اسمه أحمد عز!!
لم يكن الإخوان يملكون تصوّرا حقيقيا للدولة، ربما أضاعوا الكثير حين قرروا حكمها بمفردهم، لكن الجمهورية التي جاءت بعد محمد مرسي، جعلت من هذا الأخير يبدو أكثر “اعتدالا وتنظيما وتسامحا” مما يحدث الآن!!
السيسي أطلق النار على قدميه حين قرر التخلص من جميع حلفائه وبناء جمهورية جديدة، ففي عهده الآن يقبع جميع من كانوا ضد الإخوان، معتقدين أنهم بتأييد الانقلاب ساهموا في بناء مجد ذاتي لا يزول، وفي مقدمة هؤلاء، كاتب يدعى إسلام البحيري وناشطة تسمى فاطمة الناعوت، وفي قادم الأيام، سيسجن أيضا توفيق عكاشة ومرتضى منصور، والقائمة طويلة..!
في مصر الآن، أنت متهم حتى لو كنت طفلا لم تتجاوز السنة من العمر بعد، على غرار رضيع تم الحكم عليه غيابيا بتهمة التورط مع جماعة إرهابية، وحين داهمت الشرطة مقر مسكنه لإلقاء القبض عليه وفوجئت لصغر سنه، قامت باعتقال والده بدلا عنه.. فهل رأيتم ظلما أكثر من هذا!! مصر الآن يحكمها إعلام المرتزقة وقضاء الفاسدين وبرلمان المهجرين وتحرش العسكريين، فهل هذه هي مصر التي عرفناها على امتداد التاريخ؟