-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
تم تحييد الكثير منهم ولا يزال البعض الآخر

مؤرخون فرنسيون يطالبون بتنظيف باريس من عتاة الاستعمار والعبودية

محمد مسلم
  • 1479
  • 0
مؤرخون فرنسيون يطالبون بتنظيف باريس من عتاة الاستعمار والعبودية
أرشيف

يدور نقاش هادئ وسط النخب الفرنسية يتمحور حول سؤال كبير مفاده، هل ينبغي القيام بعملية تنظيف واسعة لشوارع المدن الفرنسية وعلى رأسها العاصمة باريس، من بعض الأسماء التاريخية التي من شأنها تلويث سمعة الدولة الفرنسية، كشخصيات ولغت في دماء الأبرياء وانتهكت حقوق الإنسان على مدار تاريخ فرنسا الحديث.
هذا النقاش يجسده مؤلف جديد ينتظر صدوره العام المقبل، تحت عنوان “باريس الاستعمارية والمناهضة للاستعمار.. جولات في العاصمة حول تاريخ العبودية والاستعمار”، من تأليف المؤرخين مارسيل دوريني، الذي توفي العام المنصرم، وآلان روسيو، انطلاقا من دار هيميسفير/ ميزونوفر ولاروز.
الكتاب يعالج انشغالا قديما متجددا، ويتمثل في كون “بعض أسماء الشوارع أو الساحات، وبعض التماثيل، غير مريحة بصراحة، لأن باريس تكرم تجار العبيد، والمبارزين، والمدخنين، ومنظري العنصرية”. قبل أن يتساءل: “هل ينبغي لنا مع ذلك أن نبدأ في عملية تنظيف واسعة النطاق، على أساس كل حالة على حدة، بعملية إعادة فحص إسناد الأسماء؟”.
ومعلوم أن الكثير من كبار مجرمي جيش الاحتلال الفرنسي في الجزائر، نالوا تكريما من قبل بعض الأوساط التي لا تزال تحلم بالجزائر فرنسية، وسُميت شوارع بارزة في العاصمة الفرنسية بأسمائهم، وهذا أزعج الكثير من الفرنسيين أيضا، الذين يؤمنون بقيم الحرية والمساواة، التي نادت بها الثورة الفرنسية، التي لا تتماشى مع ممارسات بعض المكرمين بتسمية شوارع وساحات ومؤسسات بأسمائهم.
ومما جاء في بعض المقتطفات المسربة من الكتاب: “لعدة سنوات، أثير نقاش حيوي ومزعج، بل وممل في بعض الأحيان، جزءًا من الرأي الفرنسي: نقوم بعملية تنظيف كبرى، نعيد تسمية أسماء الشوارع، نزيل بعض التماثيل؟”، وجاء في مقتطف آخر: “أسماء معينة للمحاور أو الأماكن، والعديد من التماثيل، تجعلنا نشعر بعدم الارتياح بصراحة. نعم، إن باريس تكرّم تجار العبيد، والمبارزين، والمدخنين، ومن يسمون بمنظري العنصرية ـ وهذه الكلمة لم يسبق لها مثيل من أي وقت مضى. نعم، هذا هجوم على سمعة هذه المدينة”.
هذه المبادرة أكثر من مشروعة برأي المطالبين بتنظيف شوارع باريس من الأسماء التي تلوث سمعتها من عتاة الاستعمار والعبودية، طالما أن هناك حالات حصلت، وتمت الإشارة هنا إلى حالة أولى، وهي التي تمثلت في تغيير اسم ألكسيس كاريل، الذي له روابط بالنازية للنازية، في عام 2002 ليحل محله المناضل جان بيير بلوخ، وكذا حذف اسم الجنرال ريشابانس، الذي أعاد العبودية إلى غوادلوب، لصالح اسم شوفالييه دي سان جورج، الفنان والجندي.
وهنا يقترح المؤرخان حذف اسم الماريشال روبير بيجو من المشهد الباريسي، بسبب “سمعة الرجل مقيتة، والتي لها ما يبررها، حملات لا ترحم، وإحراق، ومداهمات، ومصادرة الأراضي، وما إلى ذلك. فقد استشهد ألبير كامو (كاتب فرنسي) ذات مرة بهذه الحكاية: “قالت له امرأة من الجبل أو القرية، عندما أرادت تخويف طفلها وإسكاته: “اصمت، سيأتي بوشو”. وكانت تشير إلى الماريشال بيجو، الذي كان يمثل الرعب بالنسبة للبعض”.
والممارسات الشائنة التي نسبت إلى هذا الماريشال، الذي مات بعد إصابته بالكوليرا في 1849، تورط فيها في الجزائر، التي كان حاكما عاما عليها خلال الاحتلال الفرنسي، فقد تولى بيجو الحكم في الجزائر في 29 ديسمبر 1840 إلى 29 يونيو 1847. وقد انتهج خلال سنوات حكمه سياسة القهر والعنف والإبادة والتدمير والتهجير والنفي، في إطار الحرب الشاملة التي مارسها تجاه الجزائريين.
وعلى الرغم من “السمعة السيئة جدا” لهذا الجلاد، يقول المؤلفان، لم تمنع أعضاء مجالس مدينة ليون، ومرسيليا، وبريست، وآجان، وإكسيدوي وبيريجو، من تسمية بعض الشوارع والساحات باسمه، فضلا عن تخصيص تماثيل له في المدينتين الأخيرتين. وقد حان الوقت كي يراجع هذا الأمر ويسحب منه هذا التكريم، على غرار الكثير ممن تم تكريمهم لاعتبارات لم تراع قيم الجمهورية الفرنسية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!