ليس دفاعا عن أويحيى!
ليس مهما أن يستقيل أحمد أويحيى من رئاسة حزبه “التجمع الوطني الديمقراطي”، بل ليس مهمّا أصلا ما يحدث داخل هذا الحزب السلطوي بتاتا، طالما أنه ليس مملوكا للشعب، ولا حتى لمناضليه، بل تحكمه دوائر خاصة، أنجبته وتولت رعايته وإرضاعه حتى أصبح بعبعا كبيرا في الانتخابات، آخرها مجلس الأمة، التي حصل فيها الأرندي على المرتبة الأولى، ليخرج زعيمه من الباب الضيّق في مفارقة عجيبة؟!
الجزائر هي البلد الوحيد الذي يفوز فيه حزب سياسي بانتخابات، ويكافأ زعيمه بالانقلاب عليه والتمرد ضده، بل و”ببهدلته” على صفحات الجرائد، لأنه لا مقاييس طبيعية تحكم المشهد السياسي والحزبي في البلاد، ولا كرامة ولا فضل لرؤساء الأحزاب، بل معايير الولاء والقرب من السلطة والكولسة، وحسابات الجهوية والمحسوبية!
ليس مهما استقالة أويحيى، لأن مجيئه على رأس السلطة في البلاد، وتوليه مناصب عدة لم يكن أبدا بتفويض شعبي، وإنّما بإرادة فرضها توازن القوى داخل النظام السياسي، وهو أمر يعترف به حتى الرئيس بوتفليقة في خطاباته، ولا يعدّ أمرا جديدا، طالما أن الصناديق التي طلقها ملايين الجزائريين، لم تعد مهمة إطلاقا لقياس شعبية أيّ طرف سياسي في البلاد، بل مجرد تحصيل حاصل، لا أكثر ولا أقل!
لكن من المهم جدا، معرفة من سيستمر في خداعنا خلال المرحلة المقبلة، بعد إسقاط أحمد أويحيى؟ هل هو عبد القادر بن صالح مثلا تمهيدا لعهدة رابعة؟ أم شريف رحماني “باي الجزائر” الذي يريد أن يلعب دورا سياسيا مهما في المرحلة المقبلة، وطموحه يتجاوز كونه مجرد وزير للصناعة أو للبيئة في حكومة موصوفة بالانتقالية، مهمتها تسيير الأعمال حتى 2014؟!
الشعب الجزائري ليس ساذجا حتى يصدّق ـ مثلا ـ أن نورية حفصي التي أخفقت في حكم 40 امرأة ضمن اتحاد النساء، هي من سحبت البساط من تحت أرجل أويحيى، خصوصا أن هذا الأخير كان ـ وحتى الأسبوع الماضي فقط ـ أحد أبرز المرشحين لخلافة عبد العزيز بوتفليقة، قبل أن ينقلب عليه الجميع في طرفة عين، ويوقّع الوزراء على بيان سحب الثقة منه، ليظل ميلود شرفي وحيدا في رواق مسانديه والمدافعين عنه.
المهم في كل ما سبق، أن صاحب المهمّات القذرة لم يسقط على يد نورية حفصي، ولا يحيى ڤيدوم، ولا بسبب “خيانة” وزرائه في الحكومة، ولكنه سقط بيد من ساندوه وأنقذوا رأسه في ربع الساعة الأخير في معركته الشهيرة مع الأمين العام السابق الطاهر بن بعيبش!
هنالك محاولة علنية لتقليم أظافر أويحيى؟ ربما.. أو سعي حثيث لتدجين الأرندي أكثر مما هو مدجّن! ولذلك لا تصدّقوا نورية حفصي حين تنفي الربط بين التخلي عن رئيس الحكومة السابق مع الرئاسيات المقبلة، بل إن جميع ما يحدث وما قد يحدث في الأحزاب السياسية الكاريكاتورية هذه الأيام، سببه الصراع حول هوية ساكن المرادية الجديد، بعد سنة ونصف من الآن. وحتى لا يظن بنا السوء، ونحسب في صفّ المدافعين عن صاحب المهمات القذرة، فإننا نقول بأن المناوئين له من أمثال ڤيدوم ونورية، هؤلاء ليسوا بأحسن حالا من زعيمهم السابق، فقد أيدوه ونفخوا فيه، وناصروه لسنوات، ثم لم ينقلبوا عليه إلا بسبب تخلي الدوائر النافذة عنه.. نقول كلامنا هذا ونستغفر الله لنا ولكم، من أمثال هؤلاء “السياسيين” جميعا؟!