-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

“لوزان” عقدة في ذمة التاريخ

“لوزان” عقدة في ذمة التاريخ
ح.م

اتفاقية لوزان قيد غليظ، وضع تركيا في دائرة الضيق الأبدي منذ انهيار الإمبراطورية العثمانية في الحرب العالمية الأولى، لا مخرج منها، فهي إلزام صادق عليه كمال أتاتورك مؤسس الجمهورية التركية “العلمانية” في إطار حدودها التي يعترف بها المجتمع الدولي حاليا .

“لوزان” صك أبدي بيد أوروبا، وهبها ثروات كبرى، لن تتخلى عنها مطلقا في أي ظرف كان، انتزعته في انتصار عسكري على قوى كبرى حكمت العالم في قرون مضت، غيرت هزيمتها التاريخ البشري، وبدأت بعدها عصرا جديدا، أفرز قوى فصلت الأرض وفق إرادتها.

تركيا اليوم كما الأمس، يخنقها ذلك القيد، فقد أضحى مثل ربق عبودية، يحرمها حق الحركة في محيط ثرواتها العظمى، بعد ما كانت إمبراطورية تحكم أجزاء من أوروبا وآسيا وإفريقيا، غادرتها مرغمة في حرب كونية، حتى انحسرت في جغرافيا ضيقة ناطقة بلغتها الأم .

اتفاقية لوزان “معاهدة سلام دولية” بين تركيا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا واليابان واليونان ومملكة يوغسلافيا ورومانيا تم التوقيع عليها في 24 يوليو 1923 تأسست بموجبها الجمهورية التركية وعاصمتها أنقرة، ورسمت حدود عدة دول من بينها اليونان وبلغاريا ومنطقة المشرق العربي،  تنازلت فيها تركيا عن مطالبها بجزر دوديكانيسيا وقبرص ومصر والسودان والعراق وسوريا، كما تنازلت تركيا عن امتيازاتها في ليبيا، وأعيد ترسيم الحدود مع سوريا بما يشمل ضم أراض واسعة وتضم من الغرب إلى الشرق مدن مرسين وطرسوس وقليقية وأضنة وعنتاب وكلس ومرعش وأورفة وحران وديار بكر وماردين ونصيبين وجزيرة ابن عمر .

أجبر الأتراك على الخضوع لاتفاقية لوزان كطرف مهزوم في الحرب العالمية الأولى، باعتبارها أمر واقع لا يتيح لهم سوى حدود دولة معترف بها، وفق شروط وضعها المنتصرون .

“لوزان” أسقطت آخر إمبراطورية اسلامية، قادها الأتراك الذين تغنوا بقيادة المسلمين لقرون طويلة، وتجرعوا مرارة الهزيمة التي حولها الزعيم كمال أتاتورك إلى انتصار بإقامة جمهورية علمانية تتوافق مع محيطها الأوروبي، أخذت بالنمو في مسيرة بناء متقدم، وعلاقات دولية متوازنة.

اتسع صرح الجمهورية التركية، وسارعت في مراحل التقدم الذي دعاها في عصر “الإسلامي” الطيب رجب أردوغان لاسترداد هيبتها، وإعادة جغرافيا ثروات النفوذ التي فقدتها، في الوطن العربي وأوروبا وشرق المتوسط دون النظر لعوائق اتفاقية لوزان السارية المفعول أو منطق سيادة الدول المستقلة .

التفاف غير محسوب النتائج على اتفاقية لوزان يسعى إليه الطيب رجب أردوغان عبر العودة إلى سوريا والعراق في عمليات عسكرية تحت عناوين جديدة خلفت مآسي إنسانية ساهمت بها قوى دخيلة أخرى، وإعادة التمركز في ليبيا تحت غطاء الاتفاقيتين البحرية والأمنية في طريق العودة لشرق البحر الأبيض المتوسط، بما أدى إلى توافر عوامل اندلاع حرب إقليمية/دولية تمتد من إفريقيا إلى أوروبا .

أوروبا لن تتخلى عن مزايا “اتفاقية لوزان”، ولن تستجيب لرغبات تركيا في شرق المتوسط، بأي ثمن كان، وخيارات عودتها عبر الممر الليبي مغامرة ستقف عند حدود حكومة الوفاق الوطني في طرابلس الغرب، وستنتهي بنهاية صلاحية شرعيتها الدولية .

وهكذا يبقى الخيار التركي الأوحد هو كيفية الانسحاب من هذا المأزق بأقل الخسائر، وترك “لوزان” عقدة في ذمة التاريخ.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
4
  • 54الجزائر

    حتى اوردوقان عضو في المحفل الماسوني وله بطاقةتشهد وقد اثار ذلك برلماني تركي وسال اوردوقان عن ذلك ولم يجب

  • الامبراطورية الجزائرية

    بطبيعة الحال الخاسر و الضعيف يسرق و تنهب اراضيه سواء باتفاقية او دونها لكن على العموم في القرنين الماضيين كل العالم الاسلامي ضعف و تعرض السرق و الاحتلال الا ان الضعف و الخسارة لامفر منها فهي سنة من سنن الدنيى فالرسول صلى الله عليه و سلم مع صحابتة خسرو في احد .لكن العيب في الاستسلام و قبول الامر الذي يفرضه الاعداء فالجزائر لو رضخت الاوامر فرنسا لكنا اليوم مثل تركيا او حتى اسبانيا لكن الحمد للله فبعد مقاومة و جهاد عمره 132 سنة نالت الجزائر ارضها و زيادة و اسلامها و عروبيتها.فالذلك نتمنى الى كل بلاد بقي فيها المسلمون مثل تركيا و فلسطين و سوريا و غيرها ان تنال ما نلناه نحن ان شاء الله.

  • نحن هنا

    انهزم الاتراك في حرب كونية قل لها مثيل والمنهزم لايحتاط لشيء الافسحة حياة وهو مادفع أتاتورك الى قبول شروط المنتصر جملة وتفصيلا وهل للمكره ارادة؟
    ان عقدة لوزان لاتثني الامنهزما وأردقان ليس كذلك فارجع البصر هل ترى من فطور؟

  • خالد بن الوليد

    لوزان يا سيد كيلاني هي المقر العالمي للماسونية والصهيونية التي ينتمي اليها كل امراء وسلاطين العرب و معظم حاكمهم -ينتمي حكام الخليج خاصة الي المحفل الماسوني النوراني الفرع 583 بلوزان سويسرا والذي ذو صلة قوية مع المحفل الماسوني النوراني العربي اللبناني ببيروت عاصمة لبنان -.
    انت لم تتكلم عن فلسطين وصفقة القرن - خيانة العرب لقضية فلسطين -التي تم من خلالها بيع ما تبقي من ارضكم العربية قبلة المسلمين الاولي فلسطين .
    لما الهروب الي الامام يا كيلاني المشكلة الاكبر تكمن في العرب شعوببا وحكاما الذين استسلموا وسجدوا لامريكا الصليبية والصهاينة ان العرب الذين باعوا الارض والشرف والكرامة ودينهم ليهود