-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

لا حبّ ولا حرب!

قادة بن عمار
  • 15421
  • 0
لا حبّ ولا حرب!

إذا صح ما تم نقله عن رئيس الهيئة الوطنية المستقلة لمراقبة الانتخابات بشأن تبادل الاتهامات بين جمال ولد عباس وأحمد أويحيى من أنها “ظاهرة صحية”، وبأن كل شيء مبرر في “الحب والحرب”، فإننا بصدد صياغة وظيفة جديدة لهيئة دربال تتمثل في تبرير ما لا يُبرَّر، ونخشى أنه، وتحت هذا العنوان العريض، سيخرج علينا الشخص ذاته يوم الخامس ماي المقبل للرد على اتهامات متوقعة بشأن التدخل في النتائج لتبرير التزوير، وبأنه لا انتخابات دون إدارة.. (سامطة الحالة!) وبأن الأحزاب تتحمَّل مسؤوليتها كاملة (أمام الله والتاريخ والوطن) طالما أنها لا تستطيع تغطية كل المكاتب ومراقبة جميع الصناديق.. وطبعا فإن الاستقرار “هدفنا جميعا”، ومن أجل عيون هذا الاستقرار يهون كل شيء، حتى التزوير والتضليل وكل “انتخابات وأنتم بخير”!

دربال لم يفعل شيئا منذ بداية تعيينه في منصبه سوى إطلاق الوعود في كل الحوارات الصحفية، حيث يجتهد في تبرئة الإدارة والوزراء وكل المسؤولين قائلا إنه “لا يوجد ملائكة في السياسة”، بمعنى توقعوا منهم كل شيء، فهم بشر، وتلك هي طبيعة وظيفتهم، وأن التزوير “غريزة إنسانية” ومجرَّد تهمة إعلامية أكثر منها حقيقة، رغم كل الشهادات والوقائع التي سردها رجال من داخل النظام، وحتى من جبهة التحرير، ومع ذلك يصرُّ دربال على تنظيف خطاب السياسيين من كلمة (تزوير) وليس تنظيف ممارسات الإدارة من هذه الجريمة الخبيثة!

لم يسمع الجزائريون كلمة واحدة تتعلق ببرنامج جبهة التحرير منذ بداية الحملة الانتخابية، بل كل ما سمعوه هو ترديد الأمين العام للحزب العتيد قصته إبان الثورة وقضية الحكم عليه بالإعدام ودعوته المناضلين إلى احتكار الرئيس (مثلما قال فهو رئيس جبهة التحرير ومن حقنا احتكاره)!

الغريب أنه، وبدلا من تجاوز و”استغلال” هذا الضعف الظاهر في خطاب جبهة التحرير وتقديم خطابات بديلة، راحت معظم الأحزاب السياسية تبني عليه ردود فعلها، وكان في مقدمة تلك الأحزاب، التجمع الوطني الديمقراطي الذي سلك أمينه العام ومنذ بداية الحملة أسلوبا شعبويا خالصا، يعد الجزائريين بالجنة، وهو الذي أدخلهم جحيم التسريحات وغلق المؤسسات ثم استكثر عليهم “علبة ياورت” في زمن البحبوحة، فكيف يمكنه اليوم رفع مِنحهم المالية وحجم استفادتهم من السكنات في وقت التقشف؟!

حتى “حمس”، بدأت في اتخاذ الطريق ذاته، على اعتبار أنه الأكثر تأثيرا، فوعد مقري بتحويل البلد إلى ماليزيا في ظرف خمس سنوات “إن حصل على الأغلبية” وهو يدرك تماما أن الأمور في الجزائر لا تحكمها مثل هذه المعايير الديمقراطية والانتخابية وإنما يحكمها سادة الظل وأرباب السرايا!

صحيحٌ أنه ومثلما قال دربال، كل شيء مبرر في “الحب والحرب”، لكن في الجزائر، لا حب في الانتخابات سوى حب “الشكارة” ومغازلة أصوات المواطنين بالوعود الكاذبة ونقل المحتاجين إلى جنّةٍ افتراضية وتحويل الوهم إلى حقيقة مؤقتة، ولا حرب في الحملة الانتخابية سوى حروب الردة والمال الفاسد والتموقعات السياسية والاستبداد بالإدارة واحتكار الرئيس!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!