-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
الجزائر كانت ولا تزال محور حراك قارّي ودولي

قضية النيجر تبصم على هوية القوة الإقليمية في المنطقة

محمد مسلم
  • 2038
  • 0
قضية النيجر تبصم على هوية القوة الإقليمية في المنطقة
أرشيف

تكشف التطورات الأخيرة التي تشهدها منطقة الساحل، والتي يبقى عنوانها الأبرز الانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس النيجري المنتخب، محمد بازوم، عن تصورات جيوإستراتيجية أفرزتها هذه الأزمة، تعطي مؤشرات قوية بشأن القوة الإقليمية في شمال إفريقيا ومنطقة الساحل، التي لا يمكن تجاوزها في أي قرار يتخذ على هذا الصعيد.
ومنذ الإطاحة بالرئيس النيجري يوم 26 جويلية المنصرم، كانت الجزائر محط اهتمام القوى العالمية الفاعلة، فأول مبعوث توفده المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا “إيكواس”، نزل ضيفا على الجزائر، وكان الهدف من ذلك هو استشراف موقفها من التدخل العسكري، وكذا إمكانية المساعدة في حال تقرر القيام بعمل من هذا القبيل، غير أن الرد الجزائري كان صارما ولا يقبل أي تأويل، وهو الرفض المطلق.
ومنذ أن كشفت الجزائر عن موقفها، بدأ المعسكر الذي يدعو إلى تفعيل القوة ضد الانقلابيين يتضعضع، وبرز بقوة الطرح الجزائري الداعي إلى الحل السلمي يأخذ مزيدا من الزخم، لتتبناه بعد ذلك دولا عضوة في “الإيكواس” ذاتها، مثل تشاد، فضلا عن مالي وبوركينافاسو، ثم جاء الموقف الإيطالي الرافض، أيضا، للحسم العسكري ومعه الألماني، ليبقى الموقف الفرنسي، المندفع بقوة خلف منظمة دول غرب إفريقيا، نشازا بين معسكر الكبار ولاسيما داخل الاتحاد الأوروبي.
الحضور الجزائري كقوة إقليمية لا يمكن تجاوزها في المنطقة في سياق البحث عن حل لأزمة دولة النيجر، تعزز من خلال الاهتمام الذي أبدته الولايات المتحدة الأمريكية، فقد وجّهت دعوة لوزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، أحمد عطاف، من أجل زيارة واشنطن، في وقت تعيش الأزمة في النيجر أوجها.
وكان لافتا في الموقف الأمريكي تناغمه مع الموقف الجزائري الرافض للحسم بخيار القوة، فواشنطن، وعلى الرغم من أنها حليف تقليدي لفرنسا ولها قوات على الأرض في منطقة الساحل بهدف محاربة الإرهاب، إلا أنها لم تتردّد في الدعوة إلى إعطاء الوقت الكافي للحلول السلمية، متخطية بذلك، الموقف الفرنسي المندفع نحو منطق القوة.
ومعلوم أن النظام المغربي يتنازع مع الجزائر على توصيف “القوة الإقليمية”، ويقدّم نفسه على أنه دولة محورية، غير أن أيّا من الأطراف المعنية مباشرة بأزمة النيجر، سواء في المنظمة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، أو فرنسا أو الولايات المتحدة الأمريكية، لم توفد ممثلا عنها إلى المغرب، أو تستقبل مسؤولا مغربيا، كما حصل مع الجزائر، التي استقبلت موفدا من “إيكواس” وسافر عطاف إلى أمريكا لبحث قضية النيجر، وقبل ذلك، زار رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق سعيد شنقريحة، موسكو وكان ملف النيجر حاضرا أيضا في المباحثات.
ومن مميزات الدولة التي تحمل مواصفات “القوة الإقليمية”، أنها تكون حاضرة في أي أزمة تعصف بالمنطقة أو الإقليم الذي توجد فيه، من خلال دور تؤديه، أو استشارة تقدّمها للدول المعنية مباشرة بتلك الأزمة، بمبادرة منها أو بطلب من قوة فاعلة، كالولايات المتحدة أو روسيا أو منظمة إقليمية، التي تمثلها، في حالة النيجر، منظمة “إيكواس”.
المواصفات التي سبقت الإشارة إليها تضع المغرب خارج دائرة “القوة الإقليمية”، فهي لم تشارك في أي مشاورات حول هذه الأزمة، سواء كانت الولايات المتحدة هي الداعي إليها أو روسيا أو منظمة “إيكواس”، وهذا يعني أنهم على قناعة بأن النظام المغربي ليس لديه ما يقدّمه لتجاوز هذه المعضلة، فيما كان الدور الجزائري حاضرا وبقوة، ما يؤشر على أن واشنطن وموسكو و”إيكواس” ينظرون إلى الجزائر على أنها القوة الإقليمية الوحيدة في منطقة شمال، غرب إفريقيا ومنطقة الساحل.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!