-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

قسنطيني‮ ‬في‮ ‬مالي‮!‬

قادة بن عمار
  • 2720
  • 2
قسنطيني‮ ‬في‮ ‬مالي‮!‬

عندما قرأت أن عددا من الأحزاب السياسية في دولة مالي الشقيقة عرضت على السيد فاروق قسنطيني، رئيس لجنة حقوق الإنسان عندنا في الجزائر، أن يقدّم لها تصوّرا من أجل المصالحة الوطنية هناك، اعتقدت للوهلة الأولى، أن الأمر يتعلق بمقلب جديد من مقالب الكاميرا الخفية، أو‮ ‬بوقالة‮ ‬رمضانية‮ ‬على‮ ‬شاكلة‮ ‬تلك‮ ‬الألغاز‮ ‬الشعبية‮ ‬التي‮ ‬تطرحها‮ ‬النساء‮ ‬فوق‮ ‬أسطح‮ ‬البيوت،‮ ‬وتطلب‮ ‬من‮ ‬صاحبها‮ ‬أو‮ ‬صاحبتها‮ ‬أن‮ ‬تعقد‮ ‬النية‮ ‬على‮ ‬من‮ ‬تريد؟‮!‬

هل تعلم هذه الأحزاب المحترمة في دولة مالي”المحتلة” من طرف الجيش الفرنسي، أن السيد فاروق قسنطيني يشغل أصلا في بلده منصبا استشاريا، والمشورة هنا تأخذ صفة التشريف أكثر من التكليف، أو بعبارة موجزة أخرى، فالسلطة عيّنت قسنطيني على رأس لجنة تتعامل معها وفقا لمنطق‮ ‬الرجل‮ ‬في‮ ‬مساءلة‮ ‬زوجته‮…‬شاورها‮ ‬وخالفها؟‮!‬

 

لكن، والحق يقال، أنّ التقرير الأخير الذي قدمه فاروق قسنطيني وتحدث فيه عن ممارسات تعسفية للقضاء وانتشار أخطبوطي للفساد، شكّل مفاجأة بالنسبة للعديد من الأوساط المتابعة، فالرجل لم يترك أحدا إلا واتهمه بالفساد،- دون تسمية طبعا- وتحدث بصراحة شديدة ونادرة الحدوث‮ ‬بالنسبة‮ ‬لمسؤول‮ ‬في‮ ‬البلاد،‮ ‬عن‮ ‬الحبس‮ ‬الاحتياطي‮ ‬الذي‮ ‬قال‮ ‬إنه‮ ‬ممارسة‮ ‬بشعة‮ ‬في‮ ‬حق‮ ‬المواطنين،‮ ‬قبل‮ ‬أن‮ ‬يتهم‮ ‬القضاء‮ ‬أو‮ ‬جزء‮ ‬منه‮ ‬بالتساهل‮ ‬مع‮ ‬أصحاب‮ ‬النفوذ‮ ‬على‮ ‬حساب‮ ‬الزوالية؟‮!‬

أيّ شجاعة وجرأة هذه يا قسنطيني؟ لكن ألا تلاحظون معي أن التقرير الأخير ليس جديدا عن اللجنة الاستشارية لحقوق الإنسان، وبأنه لم يخرج عن اللغة ذاتها التي كان يستعملها المحامي قسنطيني منذ فترة طويلة؟ لا بل إنه أصدر في وقت سابق العديد من التقارير التي تحمل لغة أكثر‮ ‬جرأة‮ ‬من‮ ‬التقرير‮ ‬الأخير،‮ ‬وتحديدا‮ ‬عن‮ ‬قطاع‮ ‬الصحة‮ ‬حين‮ ‬وجه‮ ‬الاتهام‮ ‬لعدة‮ ‬أطراف‮ ‬بالمساهمة‮ ‬في‮ ‬تعفين‮ ‬القطاع‮ ‬وتيئيس‮ ‬المواطنين‮ ‬من‮ ‬فائدته؟‮!‬

ولإثبات أن هذه التقارير التي يصدرها السيد قسنطيني ومعه اللجنة الموقرة، لا فائدة منها، بالنسبة للسلطة على الأقل، نتساءل: كم مرة اجتمع الرئيس بوتفليقة مع مسؤول هذه اللجنة واستشاره في القضايا المرتبطة بحقوق الإنسان في البلاد؟ هل رأيتم أو قرأتهم في جريدة ما، الوزير الأول عبد المالك سلال يطلب قسنطيني ولو بالهاتف لسؤاله عن الأطراف التي يتهمها بممارسة الفساد وتعفين الوضع بقطاعي الصحة والعدالة؟ سؤال آخر..هل قرأتم اسما واحدا أو هوية جهة بعينها في تلك التقارير التي لا تبرّر حجم الأموال المرصودة لهذه اللجنة الاستشارية‮ ‬العقيمة؟

فإذا كان كبار القوم عندنا لا يهتمون بالسيد قسنطيني ولجنته، ولا بالتقارير التي يصدرها بين الفينة والأخرى لإدانة هذا الجهاز أو ذاك، فالأفضل له فعلا أن يفكر بالهجرة إلى مالي، لعل وعسى يجد عندهم ما افتقده لدينا، فهم على الأقل، بادروا بدعوته للعمل، ووضع إطار منظم‮ ‬للمصالحة‮ ‬الوطنية‮ ‬تحت‮ ‬ظلال‮ ‬الاحتلال‮ ‬الفرنسي،‮ ‬مع‮ ‬التمني‮ ‬للسيد‮ ‬قسنطيني‮ ‬التوفيق‮ ‬في‮ ‬مهمته‮ ‬الجديدة‮ ‬ولدولة‮ ‬مالي‮ ‬الشقيقة‮ ‬الطمأنينة‮ ‬والاستقرار‮.. ‬والدعاء‮ ‬لتقارير‮ ‬اللجنة‮ ‬الاستشارية‮ ‬عندنا‮ ‬بالرحمة‮ ‬والغفران‮! ‬

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • الجزائرية

    إنك توجه عتابا شديد اللهجة للسلطة التنفيذية في كيفية تعاملها مع هيئة قسنطيني الإستشارية و في الوقت ذاته تعترف لقسنطيني بأنه قدم تقارير جريئة عن قطاع الصحة و كذلك الفساد... و المهم في كل هذا أنه لمن الشرف أن تطلب الطبقة السياسية المالية من جزائري أن يقدم تصوره حول المصالحة الوطنية فهو دون شك أهل لذلك .. و أنت يا قادة قد وفقت في تزكية قسنطيني بكل ذكاء .

  • ياااااسييينن

    والله تعجبني جرتك في طرح المواضيع يا سيد قادة