-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

قانون قيصر: عقوبات أمريكية عابرة للحدود

قانون قيصر: عقوبات أمريكية عابرة للحدود
ح.م

“قانون قيصر” عقوبات تفرضها الولايات المتحدة الأمريكية على النظام السوري في نص ديباجتها، لكنها في جوهرها عقوبات عابرة للحدود، لا تستثني أحدا، دول مهما كان حجمها، أو شركات أو أفراد، وستدخل الشعب السوري في متاهات أزمة معيشية خانقة ورداءة لا تطاق في مستوى الخدمات في ظل وضع أمني مترد.

تشريع عقوبات قيصر التي تدخل حيز التنفيذ، تجرد نظام بشار الأسد من قوة تحالفاته الدولية والإقليمية التي ضمنت بقاءه، وتجرد الحلفاء من مناطق نفوذهم، وتضع دولهم تحت طائلة العقاب الاقتصادي والسياسي الذي يضر بسيادتها واستقرارها في المجالات كافة، ويعزلها عن العالم.

وضعت “عقوبات قيصر” روسيا وإيران ولبنان والعراق في زاوية ضيقة، لا منفذ خروج لها سوى التخلي عن مكاسبها في منطقة النفوذ السوري، وتغيير سياساتها جذريا في إقليم الشرق الأوسط.

أضحى العمل في سوريا اليوم سياسيا أو اقتصاديا أو استثماريا أو عسكريا في دائرة الخطر المحدق، فلا الدول ولا الشركات ولا الأفراد قادرون على تحمل أعباء العقوبات الأمريكية دفاعا عن نظام معزول عالميا، ودفع فواتير خسائر لا حدود لها.

لقد استند الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في تشريع “قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين”، الذي كسب تأييد الحزبين الجمهوري والديمقراطي، على الوثائق التي سربها الجندي السوري المنشق المدعو قيصر، واستدرجت كـ “جرائم حرب” نسبت إلى نظام بشار الأسد وحليفيه الروسي والإيراني.

حين وقّع الرئيس الأميركي دونالد ترامب مشروع “قانون تفويض الدفاع الوطني” الأخير ليصبح قانونا في ديسمبر الماضي، أقرّ أيضا بـ “قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين” الذي يحظى بتأييد الحزبين الجمهوري والديمقراطي، الذي سمّي تيمنا بالجندي السوري المنشق الذي كشف عن مجموعة كبيرة من الأدلة التي توثّق جرائم حرب نظام الأسد وبدعم ميليشيات جندتها روسيا وإيران.

العقوبات الأمريكية التي تستهدف هيكل النظام السوري، وتمهد الطريق لانهياره كليا، ليست الأولى من نوعها، فقد اتخذ الرئيس السابق باراك أوباما عقوبات جمد بموجبها أملاك الحكومة السورية والكيانات التي تدعمها تكنولوجيا أو ماليا أو الكيانات التي تعمل لصالحها أو تتصرف نيابة عنها.

بدت عقوبات باراك أوباما بمضمون عقاب داخلي حصري في استهداف نظام بشار الأسد، وقانونها يفتقر إلى آليات تنفيذية صارمة، ولم تغير شيئا على مستوى تعقيدات ودموية الواقع السوري، ولم تقترب من نفوذ وأنشطة الحليفين الروسي والإيراني، ما جعلها خطة إستراتيجية قاصرة في بلوغ أهدافها رغم التزام الاتحاد الأوروبي بتنفيذها، عندما سارعت موسكو وطهران لاحتواء مخاطر تلك العقوبات وإفراغها من محتواها بدعم عسكري ومالي.

“قانون قيصر” دخل مرحلة التنفيذ، ودخل بها الشعب السوري مرحلة معاناة لا تحتمل، والليرة السورية رمز القدرة المعيشية لم تعد مؤهلة بقيمتها المتدنية شراء رغيف خبز حاف، وخيارات الخروج من المأزق أصعبها مر، ستتجرع موسكو وطهران مرارتها، فـ”عقوبات قيصر” ستضرب عمقهما إن حلما أكثر بالبقاء في ربوع سوريا.

ميليشيات إيران تتجرع مرارة الهزيمة، وروسيا تجرعت مرارة طلب الحوار مع واشنطن حول مستقبل سوريا، وورقتها الوحيدة في حوار لن يكون متكافئا، هو إسقاط نظام بشار الأسد واستبداله بنظام إصلاحي جديد يقبله المجتمع الدولي مقابل الإبقاء على قواعدها في البحر الأبيض المتوسط.

مطلب موسكو لا تقره الاستراتيجية الأمريكية الرامية إلى إخلاء أي نفوذ مناوئ لها في الشاطئ الجنوبي للبحر الأبيض المتوسط، بما يمد في تفاصيل الصراع الأمريكي – الروسي الذي كان سببا في دمار سوريا، وهو ذات السبب في دمار ليبيا وتهديد أمن شمال إفريقيا وأمن الشرق الأوسط برمته.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • Imazighen

    جاء متاخرا كثيرا، وهو من يوقف سفك دماء الابرياء والعزل، ققانون قيصر مفروض تصدره وتتبناه منظمة الامم المتحدة تحت البند السابع...

  • يوبا الاول

    الخبراء العسكريون الامريكيون بالبنتاقون الامريكي وكذا الاستخبارات الروسية يتوقعون حدوث حربا عالمية ثالثة نووية بين العرب وامريكا في القريب العاجل .
    اللهم الطف يا رب

  • خالد

    مادام الحكام العرب وشعوبهم العربية قد تصهينوا وسقطوا في الفخ الامريكي وقبلوا بذلك وباعوا كل فلسطين والمقدسات الاسلامية لليهودبرضي كبير فلا بد لباقي الشعوب ان تذل وتركع عند اقدام ترامب ونتنياهو.
    العالم الجديد حسب راي دونالد ترامب سيد كل العرب حكاما وشعوبا وعلماء دين يجبب ان يتحول الي الصهيونية والصليبية العالمية وكفي.
    الحكم للاقوي للاسف الشديد .