-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
تلاميذ أنهكتهم الواجبات المنزلية ولا مكان لهم للترفيه والمتعة

عندما يتحوّل البيت إلى مدرسة.. والأولياء إلى معلمين!

وهيبة سليماني
  • 1530
  • 0
عندما يتحوّل البيت إلى مدرسة.. والأولياء إلى معلمين!

أضحت الواجبات المدرسية، خلال الموسم الدراسي الجاري، ضغطا مسلطا على التلاميذ وأوليائهم في المنزل، فبدل أن يجد هؤلاء في نظام التفويج، فرصة للترفيه والراحة وصقل المواهب وتنمية الهويات، فإن ثقل هذه الوجبات أخلط أوراقهم وحول البيت الى مدرسة والأولياء الى معلمين..!
وجد الكثير من الأولياء في منصات التواصل الاجتماعي، مكانا يفرغون فيه شحنات الضغط والقلق، وضيق الوقت جراء سهرهم على مساعدة أبنائهم في حل الواجبات، وانجازها بطرق صحيحة، حيث باتت بيوتا أشبه بمدرسة خاصة بالنسبة للعائلات التي لها أكثر من إبن في المدرسة .

الواجبات المنزلية للتلميذ بضاعة تباع للطفل!
وفي هذا الإطار أكدت الأستاذة مليكة قريفو مختصة في علم النفس التربوي واللغوي، أن مشكل الواجبات المنزلية المطروحة منذ سنوات أمام التلاميذ وأوليائهم، لا تتعلق بالأستاذ ولا بالمؤسسات التربوي، ولكنها نتيجة من نتائج البرنامج التعليمي، الذي يحارب المختصون والأكاديميون لتغييره، حيث وجد حسبها، منذ 50 سنة ولم يحل مشكل هذا البرنامج التعليمي.
وقالت المختصة إن أهدافه غير عادية، وأن نظام التفويج الذي فرضته جائحة كورونا، لم يغير شيئا، حيث أن في ألمانيا، حسبها، دائما التلميذ يملك وقتا كافيا خلال الموسم الدراسي، ولكن في الجزائر تحوّل التفويج نفسه، إلى فرصة لزيادة ثقل الواجبات المدرسية.

قريفو: تمارين المنزل ليست لديها أهداف وخالية من المتعة
قريشي: نحن بحاجة إلى إعطاء دافعية التعليم للتلاميذ

وأوضحت محدثتنا أن تمارين الواجبات المدرسية التي تعطى للتلاميذ، في الجزائر، ليس لديها معنى فهدفها فقط ترسيخ الجملة داخل العقل، ولكن إذا كان لها أهداف عالمية، حسب قريفو، فإنها تحقق المتعة للصغار ولأوليائهم.
وأكدت الأستاذة مليكة قريفو أن الأهداف العالمية للواجبات المنزلية، وخاصة للأطفال من 8 سنوات إلى 10 سنوات، هي مشاركتها مع العائلة من باب الترفيه والمتعة، ويعني حسبها، أن هذه الواجبات هي قصص وحكايات وليست تمارين تمارس كبضاعة من ورائها أشخاص يرون في الطفل زبون تباع له هذه البضاعة عن طريق المدرسة.
وأوضحت مصدرنا، أن النظام القصصي والحكايات والنصوص الممتعة التي يقرؤها الأولياء لأبنائهم في البيت ويتم تلخيصها أحيانا، هي طريقة جيدة للتعليم، وتحقق المتعة والراحة في نفس الوقت. وترى في النظام التربوي الموجود حاليا، أن أهدافه في الوقت الراهن، ليست مدرسية، وهي إنتاج لأشخاص رحلوا عن عالمنا، مشيرة إلى أن بعض الأولياء كتبوا عبر منصات التواصل الاجتماعي، أنهم لا يريدون لأبنائهم الجغرافيا والتاريخ والتربية المدنية، ويريدون المحادثة، وإن هذه الأخيرة ليست بالنسبة لها، هدف مدرسي.
وقالت السيدة مليكة قريفو، المختصة في علم النفس التربوي، واللغوي، إن العالم يأخذ رأس ماله من الثقافة، وإن القصة والدواوين الشعرية هي مكتبات مفتوحة خارج المدرسة وفي بيوت العائلات الجزائرية، مناسبة جدا للطفل، مؤكدة أن الامتحان عبر تمارين منزلية هو هروب من واقع، وتشكل مللا، ولا تحقق نتائج حضارية، قائلة “إن أصحاب البرامج التعليمية التي لا تزال موجودة رغم التغير الحاصل، رحلوا عن الدنيا، وتركوا لنا أخطاءهم رغم مرور 50سنة”.

مطلوب تنظيم وقت للتلميذ حسب طاقته
وفي ذات الموضوع، أكد عضو لجنة التربية والتكوين بمجلس الأمة، عبد الكريم قريشي، أن الواجبات المنزلية للتلاميذ تشكل ضغطا وتوترا نفسيا، وهي رغم أنها إشكالية مطروحة، إلا أنها لا تناقش في اجتماعات وزارة التربية والتعليم.
وقال إن التلميذ يملك طاقة محدودة، وأن تنظيم وقته خلال الموسم الدراسي، يجعله يتحصل على نتائج مقبولة، حيث أن التعب وكثرة الدروس، والواجبات المدرسية تهدر طاقتهم، وتعرقل تفكيره.
وأوضح أن هناك نظريات علمية وفلسفية، تأكد أن كلما زادت الدافعية كلما كان الأداء منخفضا، وهذا موجود أيضا في العمل، حيث مطلوب حسبه، مراجعة مشكل الواجبات المنزلية، والدروس، وجعل من التعليم تحصيلا علميا في أريحية، ومن دون محالة لتحميل عقل التلميذ بكثير من المعلومات وبطريقة آلية.
وأفاد قريشي، أن أكثر الواجبات المدرسية، تفتقر للقيمة التربوية، فهي مجرد تكليف الطفل بنسخ جمل أو القيام بتمارين، وأعمال بطريقة آلية تهدر الطاقة، وتصيب التلميذ بالقلق والتوتر.
وأضاف قائلا “إن أبناءنا في أوج الحاجة إلى أنشطة تحفيزية، خاصة بالنظر إلى الآثار التي تركتها جائحة كورونا في مجتمعنا، وإن هذه الأنشطة مهمة لزيادة رغبتهم في التعليم، وإن التفرغ لأنشطة أخرى يكون بالتقليل من ثقل الواجبات المدرسية في المنزل”.
وكشف محدثنا أن الصين أصدرت مؤخرا قانونا في مجال التعليم يهدف إلى تقليل الضغط الذي تسببه الواجبات المدرسية للتلاميذ، وقد طالبت حكومة هذا البلد، الآباء والأمهات التأكد من أن أطفالهم يحصلون على وقت فراغ كاف للراحة وممارسة الرياضة.

جدل بين الأولياء والوزارة “شاهد ماشافش حاجة”
وقال بعض أولياء تلاميذ أثقلوا بالواجبات المدرسية، أن مشكل هذه الواجبات غير مطروح تماما في مناقشات اجتماع وزارة التربية والتعليم، وإن نظام التفويج من المفروض أن يصبح مفيدا من ناحية نقص الاكتظاظ في الأقسام، واستيعاب الدروس، كما هو أيضا مفيد في ربح الوقت للعب والترفيه لدى الطفل.
وحسبما فهمناه من بعض الأولياء الذين تحدثت “الشروق، معهم، فإن إشكالية الواجبات المنزلية، تختلف حسب بعض الأساتذة والمؤسسات التربوية، حيث بعض هؤلاء الأولياء، نفوا وجود ضغط وقلق بسبب الواجبات المنزلية، وأن نظام التفويج منح أبناءهم وقتا للراحة واللعب.
وفي هذا السياق، قال رئيس المنظمة الوطني لأولياء التلاميذ، علي بن زينة، إن نظام التفويج منح لأبنائنا الكثير من الفراغ، وإن الواجبات المنزلية غير مطروحة لدى بعض العائلات، وهذا لأن أساتذة في التعليم، تفهموا حاجة التلميذ إلى وقت للعب والاستمتاع بأمور أو هوايات يرغبون فيها.
وأكد أنه كأب ووالي لتلميذة، فإن ابنته استفادت كثيرا من نظام التفويج وهي تمارس الرياضة بكل أريحية، خاصة أنها من التلاميذ المجتهدين، كما أن رفع الحجر الصحي ساعد في انتهاز فرصة هذا الفراغ الذي تركه نظام الدراسة بالتفويج.
ودعا علي بن زينة، إلى وزارة الشبيبة والرياضة ووزارة الثقافة والنوادي ووزارة البيئة فتح أبوابهم طيلة الأسبوع للتلاميذ، حتى يمارسون نشاطاتهم التي يرغبون فيها خلال أوقات التفرغ من الدراسة.
ويرى أنه هناك من التلاميذ الذين يملكون مواهب وهويات، ويريدون أن يصقلوها، وإن نظام الدراسة بالتفويج، فرصة لا تعوّض، وهو مناسب في وقتنا الحاضر، وإن الاستفادة منه ستكون أكثر بعد رفع الحجر الصحي.
وحذّر بن زينة، من لجوء بعض الأساتذة إلى إكثار الواجبات المنزلية، اعتقادا منهم أنها مفيدة لتعلم التلاميذ، وان تعويضا منهم لنقص حصص الدروس، حيث أن نظام التفويج حلّ مشكل الاكتظاظ، لكن يجب أن يحل أيضا، مشكل غياب فترات راحة وترفيه ولعب للتلميذ.
من جهته، قال أحمد خالد، رئيس جمعية أولياء التلاميذ، إن الفروض والتمارين المنزلية من صلاحيات الأساتذة والمفتشين، وهم الذين لديهم الحق في إعطاء واجبات منزلية مدرسية للتلاميذ حسب ما يرونه مناسبا في نظرهم، وبهذا نجد الاختلاف في حجم هذه الواجبات وكثرتها أو قلتها متباين بين مدرسة وأخرى ومنطقة وأخرى.
واعترف خالد احمد بارتفاع عدد الشكاوى من طرف أولياء الكثير من التلاميذ عبر المؤسسات التربوية، المتعلقة بمشكل الواجبات المدرسية، قائلا “نحن لا ننكر احتجاج الأولياء في الآونة الأخيرة على كثرة الأسئلة والفروض المنزلية، كما لا ننكر حجم الشكاوى التي تستقبلها الجمعية فيما يخص هذا الموضوع، لكن رغم ذلك نحاول أن لا نفتح مجال الاحتجاجات في وقت ينبغي أن تساعد التلميذ في تتبع دروسه”.
وأكد خالد احمد أن البرنامج الدراسي كثيف، والحجم الساعي المخصص له قصير، ولكن كثرة الفروض المنزلية تسبب في حرمان التلاميذ من استغلال وقت الفراغ خارج المدرسة، في ممارسة نشاطات مفيدة لأجسامهم وعقولهم.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!