عثرات الأمم المتحدة في كركرات
![عثرات الأمم المتحدة في كركرات](https://i.dzs.cloud/www.echoroukonline.com/wp-content/uploads/2021/03/sahara-2.jpg?resize=790,444.375)
لاحت بوادر فشل سلام الأمم المتحدة في الصحراء الغربية، في ظل آليات عمل غير قابلة للتجديد، وقرارات صادق عليها مجلس الأمن الدولي غير قابلة للتطبيق، وبعثة مراقبة أممية قبلت بقرار طرد موظفيها دون رد فعل حازم، ففشلت في أداء دورها.
التقيد بجميع الاتفاقيات العسكرية التي وافقت عليها المملكة المغربية وجبهة البوليساريو، أمرٌ واجب التنفيذ، أقره مجلس الأمن الدولي، وفق الصيغ الواردة في تقارير الأمين العام للأمم المتحدة، ولا يحق تعديلها أو تغييرها من جانب واحد.
هذا المبدأ التشريعي الذي أقره المجتمع الدولي، ووافق عليه الطرفان، استنفد شروط بقائه، مع اختراق وقف إطلاق النار بتجاوز نصوص الاتفاقيات والمواثيق الدولية الخاصة بحل مشكلة الصحراء الغربية.
فما هو الفهم المنطقي لوقف إطلاق النار في الاتفاق العسكري؟
الأمانة العامة للأمم المتحدة وجهت سؤالين إلى جبهة البوليساريو في 30 جويلية 2018:
السؤال الأول: ما هو فهم جبهة البوليساريو لوقف إطلاق النار والاتفاقيات ذات الصلة؟
السؤال الثاني: ما هي جوانب وقف إطلاق النار والاتفاقيات ذات الصلة التي تحتاج إلى تعديل؟
وجاء جوابها الموثق في رسالة رفعها ممثل ناميبيا في الأمم المتحدة إلى رئيس مجلس الأمن في 24 أكتوبر 2018، مشيرا في مقدمته إلى تعمد المملكة المغربية تأخيرَ إجراء استفتاء تقرير المصير الذي أنشئت من أجله “بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية” عام 1991، ورغم ذلك قابلت جبهة البوليساريو هذا التعمد في التزام صارم بقرارات وقف إطلاق النار، والاتفاقيات ذات الصلة، وفق ما دعا إليه مجلس الأمن لضمان حق الشعب الصحراوي في نيل الاستقلال.
وتفسر جبهة البوليساريو وقف إطلاق النار في جوابها الموثق لمجلس الأمن، بـ”اعتقادها الراسخ بأن وقف إطلاق النار تحت إشراف الأمم المتحدة في الصحراء الغربية، لا يمكن فهمه ومعالجته دون وضعه في سياقه الصحيح وضمن الإطار الشامل الملزِم قانونا بالصيغة التي قبلها الطرفان، وأيدتها قرارات مجلس الأمن ذات الصلة”.
وما يحدد سياق وقف إطلاق النار تقريرُ الأمين العام للأمم المتحدة، الذي يتضمن اقتراحاته واقتراحات رئيس مؤتمر رؤساء دول وحكومات منظمة الوحدة الإفريقية، وفقا لقرار الجمعية العامة رقم 1514 الرامي إلى تسوية مسألة الصحراء الغربية عن طريق وقف إطلاق النار وإجراء استفتاء يمكِّن الشعب الصحراوي من ممارسة حق تقرير المصير من دون أيِّ قيودٍ عسكرية أو إدارية بين اختيار الاستقلال أو الاندماج بالمغرب، والتي قبلها الطرفان في 30 أوت 1988.
ولا ترى جبهة البوليساريو ضرورة إجراء تعديل على اتفاقيات وقف إطلاق النار، سوى مطالبتها بضرورة الالتزام بالاتفاقيات العسكرية التي قبلها الطرفان رسميا، ووافق عليها مجلس الأمن الدولي، ووقف السياسة التوسعية التي تنتهجها المملكة المغربية في الصحراء الغربية، والتمدد في الأراضي الواقعة في جنوب وشرق الجدار العسكري في المنطقة العازلة.
لقد أدى هذا التمدد إلى إشعال أزمة في مارس 2001، عندما اتجهت المملكة المغربية إلى إنشاء طريق معبَّد في الركن الجنوبي الغربي من الصحراء الغربية، يمتد عبر المنطقة العازلة في الكركرات على مساحة 5 كيلو متر، ويصل إلى موريتانيا بالقرب من نواديبو.
تدخلت الأمم المتحدة حينها، وأوقفت إنشاء هذا الطريق الذي اعتبرته خرقا لوقف إطلاق النار، لكن المملكة المغربية عادت في أوت 2016 ونفذت مشروع إنشاء هذا الطريق المعبَّد، أمام أنظار البعثة الأممية التي التزمت الصمت هذه المرة، فزرعت بذور أزمة أمنية تهدد سلام الأمم المتحدة، وتلغي دورها عبر بعثتها المراقِبة، وتعطل العمل بالاتفاق العسكري رقم 1 الذي وقعت عليه مع البوليساريو والمغرب كقاعدةٍ مرجعية في أزمة الصحراء الغربية.
ما يجري اليوم في كركرات من إنهاء لوقف إطلاق النار، هو تحصيل حاصل لما رأته البعثة الأممية أحداثا عابرة تتوالى في الصحراء الغربية، لم تتخذ إزاءها الإجراءات الحازمة في الوقت المناسب، بما أوصل عملية سلام الأمم المتحدة إلى الجمود، في ظل آليات عمل غير قابلة للتجديد.