-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
بعد تحالف ماكرون مع اليمين المتطرف لتمرير القانون الجديد

سقوط القيم الفرنسية التقليدية بضرب مصالح المهاجرين

محمد مسلم
  • 1989
  • 0
سقوط القيم الفرنسية التقليدية بضرب مصالح المهاجرين
أرشيف

خسرت الحكومة الفرنسية قيمها التقليدية في الحماية الاجتماعية كنظام امتياز فريد في العالم، بتمرير قانون الهجرة الجديد، الذي جاء كثمرة لارتماء الرئيس إيمانويل ماكرون في أحضان اليمين واليمين المتطرف، اللذان أصرا على تمرير نصوص وبنود قاسية بحق الجاليات المهاجرة، التي ساهمت على مدار عقود، في تحقيق الرفاهية للشعب الفرنسي ودولته.
وبعد ما سقط مشروع القانون المثير للجدل في المرة السابقة على مستوى الجمعية الوطنية الفرنسية (الغرفة السفلى للبرلمان)، عاد المشروع مجددا إلى مجلس الشيوخ من حيث انطلق، لتحدث عمليات بيع وشراء ومساومات بعيدا عن القيم السياسية، طبعها زواج الأغلبية البرلمانية التي يقودها حزب ماكرون “النهضة”، باليمين واليمين المتطرف، فجاء المولود مشوها، وتسبب في استقالة وزير الصحة، أورليان روسو، احتجاجا على التحالف الذي وقع مع اليمين واليمين المتطرف، فيما تعيش حكومة إليزابيت بورن، حالة من التململ، بسبب تواتر معلومات عن استقالات جديدة في صفوفها، يقودها الجناح اليساري في حزب ماكرون.
القاسم المشترك الوحيد الذي كان وراء التحالف الذي وقع بين الحكومة المعينة من قبل ماكرون واليمين واليمين المتطرف، هو تشديد الخناق على الجاليات المهاجرة، وخلق حالة من العنصرية بين الفرنسيين من أصل فرنسي، والفرنسيين الآخرين من أصول غير فرنسية، وهو ما يضرب قيم الجمهورية الفرنسية في الصميم، والمتمثلة كما هو معلوم، في “الحرية والمساواة والأخوة”، كما يسوّق إعلاميا وسياسيا.
ومن أجل الحصول على أصوات اليمين واليمين المتطرف، عملت الحكومة الفرنسية على تأخير حصول المهاجرين على استحقاقات الرعاية الاجتماعية، مقارنة بغيرهم من الفرنسيين الأصليين، وهو المطلب الذي رافع عنه بقوة اليمين المتطرف قبل وأثناء التصويت على مشروع قانون الهجرة المثير للجدل، وقد قالوها بصراحة، إن حقوق الرعاية الاجتماعية يجب أن تكون مخصصة للشعب الفرنسي دون سواه، علما أن المقيمين من المهاجرين لا يعتبرون فرنسيين، طالما لا يتوفرون على الجنسية الفرنسية.
وبموجب التعديلات التي أدخلت على المشروع القانوني المثير للجدل، وجاءت نتيجة توافق “الحكومة الماكرونية” مع الأوساط السياسية اليمينية واليمينية المتطرفة، تم تأخير حصول المهاجرين العاطلين عن العمل من خارج الاتحاد الأوروبي على إعانات الإسكان لمدة خمس سنوات كاملة، في موقف سياسي يفتقد إلى نزاهة وانسجام الدولة إزاء من أفنى حياته من أجلها لعقود من المهاجرين وأبنائهم وأحفادهم.
ويعترف اليمين المتطرف بزعامة مارين لوبان، بأن المعركة التي خاضها نواب حزبها “التجمع الوطني” حاليا و”الجبهة الوطنية” سابقا، على مستوى الهيئة التشريعية، لم تكن مجرد معركة سياسية عادية، بل كانت “نصرا أيديولوجيا عظيما”، وفق ما جاء في تصريحات أوردتها وكالة “رويترز”.
وتحول قانون الهجرة الجديد إلى فتنة وشيكة باتت تهدد انسجام المجتمع الفرنسي، فقد أعلن الحزب الاشتراكي الطعن في دستورية قانون الهجرة على مستوى المجلس الدستوري، فيما طالبت نقابات فرنسية وجمعيات حقوقية وأكاديميون من الرئيس الفرنسي سحب القانون الذي اعتبر بمثابة “وصمة عار راسخة لمبادئنا الجمهورية”.
واعتبرت الأوساط المعارضة للقانون تمرير المشروع بأنه “يمس بالعديد من مبادئنا الجمهورية من ناحية الوصول غير المشروط إلى الرعاية الصحية أو السكن، واحترام الكرامة ورفض تأييد منطق التفضيل الوطني”، ويتجلى ذلك من خلال اشتراط الحصول على الرعاية الاجتماعية لمدة خمس سنوات من الإقامة القانونية في فرنسا، وإعادة تجريم الإقامة غير القانونية وإلغاء المساعدة الطبية الحكومية، وتشديد شروط الحصول على تصاريح الإقامة أو حتى التلويح بزيادة عمليات الترحيل، وهي كلها تمثل المطالب التي رفعها اليمين واليمين المتطرف منذ أشهر.
وإن كانت الأوساط اليمينية الفرنسية تستهدف ضرب الجالية الجزائرية باعتبارها الأكبر في فرنسا من خلال حشو هذا القانون بنصوص عنصرية، إلا أن هناك من النصوص ما يفشل هذا المسعى، والإشارة هنا إلى اتفاقية 1968، التي تبقى أسمى من قانون الهجرة الجديد، باعتبارها اتفاقية دولية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!