-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
المحاكمة تكشف المستور في فساد نخر الأسطول البحري الجزائري

ديون بـ1800 مليار.. حساب محجوز وعمال بدون أجور

نوارة باشوش
  • 24893
  • 0
ديون بـ1800 مليار.. حساب محجوز وعمال بدون أجور
أرشيف

1800 مليار سنتيم ديون عمومية… الحساب المصرفي للشركة محظور ومحجوز.. رواتب متأخرة و280 مليون دينار مستحقات متأخرة للعمال.. مصادرات احترازية وحجز تحفظي للسفن الجزائرية من طرف سلطات مراقبة الميناء “PSC” والنقابة الدولية لعمال النقل “ITF”… انتهاء صلاحية الشهادات التنظيمية.. وتعليق عشرات آلاف الأطنان من السلع في الموانئ الأجنبية.. بحارة من دون كفاءة.. واختلالات تقنية وخطر في الإبحار مع بريكولاج في تصليح السفن المهترئة… تهرب من المسؤولية وتقاذف التهم بين مسؤولي الشركة… إنه عمل تخريبي مع سبق الإصرار والترصد لشركة النقل البحري الجزائرية.. باعترافات المتهمين في محاكمة علنية سابقة من نوعها..
وقد واصل رئيس القطب الاقتصادي والمالي، ظهيرة الاثنين ويوم الثلاثاء استجواب المتهمين في ملف الفساد الذي طال قطاع النقل البحري، المتابع فيه المدير العام السابق للشركة الوطنية للنقل البحري للبضائع “شمال”، المدعو “ج. ل” والمديرين العامين السابقين للشركة “ع.س.و” و”غ.س.ع”، المتواجدين رهن الحبس المؤقت إلى جانب 32 متهما آخر تم وضعهم تحت إجراء الرقابة القضائية.

القاضي يستجوب المدير العام السابق للشركة الوطنية للنقل البحري ـ شمال “ع. سماعين”
القاضي: انت متابع بتهم التبديد العمدي للمال العام والاستعمال على نحو غير شرعي لأموال وممتلكات عمومية، إساءة استغلال الوظيفة على نحو يخرق القوانين والتنظيمات من أجل الامتناع عن أداء عمل من أعمال الوظيفة، ماذا تقول؟
المتهم: أنكرها تماما.. سيدي الرئيس، خلال فترة تولي منصب مدير عام شركة “كنان شمال” تم احتجاز سفينة واحدة، في حين تم رفع الحجز عن السفن الأخرى.. كما كان وضع الشركة كارثيا على جميع الأصعدة، فمن الجانب المالي فإنه بتاريخ 31 ديسمبر 2020 كان رأس مال الشركة 750 مليار سنتيم، وتجاوزت ديون الشركة سقف 5 ملايير دينار، كما تم حجز الحساب الرئيسي للشركة، أما الحساب الثانوي فهو خال تماما، زد على ذلك أجور العمال لم تدفع لمدة 3 أشهر، ناهيك عن اسطول الشركة المتكون من 7 سفن، حيث توقفت 4 منها وتم حجز 3 سفن أخرى بموانئ أجنبية. القاضي: هل كانت عندكم مراسلات لشراء قطع غيار؟
المتهم: أنا راسلت الوزارة الوصية عدة مرات، أخبرتها بالتفصيل عن المخاطر المحيطة بالأسطول البحري، كما قمت بتقييم المتطلبات المالية.
أما من الجانب التجاري فكانت وضعية السفن سببا في تراكم عشرات آلاف الأطنان من السلع التي وجدتها عالقة بمختلف الموانئ الأجنبية لاسيما الحليب، أنابيب وأخرى تابعة لوزارة الدفاع الوطني، حيث تعرضنا لضغوطات رهيبة من طرف هؤلاء المتعاملين بسبب قلقهم على سلعهم.
وواصل المتهم تصريحاته “تم اتخاذ بعض الإجراءات والتدابير منها مراسلة الوزارة الوصية، كما كانت لنا إرادة قوية للسيطرة على الوضع القائم من خلال نجاحنا في رفع الحجز وإعادة توظيف سفينتين مع رفع الحجوزات التحفظية على سفينة تيمقاد، إلى جانب اتخاذ كافة التدابير الاحتياطية والقانونية لسير سفينة سدراتة بسلامة”.
القاضي: هل تسجيل تحفظات يمنع السفينة من الإبحار؟
المتهم: ذلك لا يمنع ولا هناك إمكانية حجز السفينة.
القاضي: هل من إضافة؟
المتهم: النقطة الأخيرة سيدي الرئيس، هي أن آخر عملية تفتيش كانت في 16 سبتمبر.. التسلسل الزمني كالتالي: السفينة أبحرت في فيفري 2020 وتم تسوية وضعية الأجور وتسديدها في 14 فيفري وفي 16 فيفري راسلني مدير المالية بخصوص تسديد المستحقات المالية لكل البحارين مع تحديد المبلغ المالي الذي تم سحبه من حساب الشركة لصالح العمال البحارة، وفي 18 فيفري قامت إدارة الشركة بتجديد عقد التأمين وقامت بإرسال جميع البيانات للسفينة التي تثبت تجديد شهادة التأمين وفي نفس اليوم وصلت السفينة ميناء دولة بلجيكا.
وتابع المتهم تصريحاته “وفي 22 فيفري صباحا تفاجأنا بعملية التفتيش التي كانت خارج اطار البروتوكول مع أنه لا توجد أي تحفظات.. سيدي القاضي كانت هناك شكاوى كيدية ولدي كل الأدلة”.
القاضي: لماذا تم تفتيش السفينة؟
المتهم: قالوا لنا إن عملية التفتيش تدخل في إطار برمجة دورية، كما أنه بعد 15 يوما من احتجاز السفينة تم تعيين مدير عام ثانوي مكلف بالأمور التقنية ومدير ادارة الشؤون التجارية… سيدي الرئيس، كانت لدي الجرأة والشجاعة لكي اقبل المنصب في فترة صعبة وتحملت المسؤولية وبذلت جهدا كبيرا للحفاظ على ممتلكات الدولة، أما بخصوص باخرة “تيزيران” كانت محتجزة في إسبانيا وباخرة ساورة تم احتجازها في فرنسا.
القاضي: يعني نفس المشاكل تتكرر مع كل السفن؟
المتهم: المشكل كان في أجور العمال سيدي الرئيس.
الطامة الكبرى… بحارة بدون كفاءة
القاضي يستجوب المديرة العامة بالنيابة للشركة الوطنية للنقل البحري للبضائع “شمال” المتهمة “ا.ن”.
القاضي: أنت متابعة بجنح التبديد العمدي والاستعمال على نحو غير شرعي لأموال وممتلكات عمومية، استغلال الوظيفة على نحو يخرق القوانين والتنظيمات من أجل الامتناع عن أداء عمل من أعمال الوظيفة، ماذا تقولين؟
المتهمة: أنفي جميع التهم المنسوبة لي.
القاضي: بخصوص قضية دفع الأجور، ماذا تقولين؟
المتهمة: بالنسبة لدفع أجور العمال في سفينتي تيمقاد واستيديا كان هناك خطأ في الخبرة القضائية.. السفينة احتجزت في 8 جوان 2021. وأنا لم أكن مديرة عامة بالنيابة في تلك الفترة، بل توليت هذا المنصب بتاريخ 4 جويلية 2021، وهذا بعد إصابة المدير العام بوعكة صحية.
وبخصوص عدم تسديد أجور العمال لشهر ماي، تقول المتهمة “فقد تم تسديدها في 24 جوان، أي كان فيه تأخير بـ24 يوما فقط، كما أن التقرير لم يتطرق إلى مخالفة عدم تسديد الأجور، وبالنسبة لشكاوى البحارة الذين لم يتلقوا اجورهم، أود أن أوضح أن المديرية العامة لم تتلق اي تقرير من البحارة بهذا الخصوص، أما بالنسبة لسفينة تيمقاد كان هناك خطأ، حيث أن السفينة وقت احتجازها كانت لديها مخالفة عدم تسديد الأجور لمدة 5 اشهر، وأنا لا دخل لي في هذا”.
القاضي: هل كانت السفينة تحقق الأرباح؟
المتهمة: أكيد سيدي الرئيس، كانت تحقق الأرباح باعتباره استثمارا.
القاضي: هل لديكم الحق كمديرية عامة لمنع السفينة من الإبحار؟
المتهمة: لا سيدي الرئيس ليس لدينا أي حق بل قبطان السفينة هو من يقدر الوضع ويأخذ قرار مغادرة السفينة من الميناء أو عدم مغادرتها، إنما المديرية العامة دورها ينحصر في توفير جميع الشروط لمصالح الشركة لكي تؤدي واجبها على أكمل وجه.
القاضي: هل رفعتم تقارير لوزارة النقل بخصوص الوضع السائد؟
المتهمة: نعم رفعنا عدة تقارير لاسيما ما يخص مشكلا مهما تعاني منه الشركة منذ 2017 وهو عدم وجود طاقم بحارة، مما دفع بالشركة إلى جلب بحارة أجانب، كما أن العديد من بحارة الشركة لا تتوفر لديهم الكفاءة اللازمة، ونحوز عدة مراسلات في هذا السياق.. وللأسف سيدي الرئيس نحن قمنا بتكوين 28 ضابطا بحارا بمدرسة بوسماعيل، ونظرا للحالة الكارثية للشركة التحقوا بشركة أخرى، وعلى هذا الأساس “لكنان” فقدت عدة كفاءات.
وتابعت المتهمة تصريحاتها “سيدي القاضي أنا باشرت عملي بشركة لكنان منذ 1992 وخدمت بكل تفان وحرصت كل الحرص على الحفاظ على أموال الشركة وتوقيف سفينة “تين زيرين” لم يكن من صلاحيات المديرية العامة ومع هذا فأنا أنجزت تقريرا مفصلا وراسلت عدة جهات وشرحت الوضع السائد بالتفصيل.
القاضي ينتقل إلى استجواب المتهم “س. م” المدير التقني ومدير التجهيز سابقا بشركة كنان شمال
القاضي: أنت متابع بجنح التبديد العمدي والاستعمال غير الشرعي لأموال وممتلكات عمومية، إساءة استغلال الوظيفة على نحو يخرق القوانين والتنظيمات من أجل الامتناع عن أداء عمل من أعمال الوظيفة هل تنكر أم تعترف؟
المتهم: أنفي التهم المنسوبة الموجهة إلي تماما.
القاضي: ما هو المنصب الذي تشغله وماذا عندك من تصريحات؟
المتهم: أنا كنت مديرا تقنيا للشركة من 23 ديسمبر 2021، قبلها أي من 25 نوفمبر 2019 حتى 23 أوت 2021 كنت مديرا للتجهيز، وهنا فقط أريد أن أؤكد سيدي الرئيس عن وجود الفرق بين المنصبين، فهما لا يتطابقان وليس لديهما نفس المهام.
وعاد المتهم إلى سرد تفاصيل أخرى قائلا: في الأيام الأولى من تولي منصب المدير التقني أعددت تقريرا مفصلا حول الكفاءة المهنية لبحارة السفن وبتاريخ 5 نوفمبر 2021 اكتشفت الوضع الكارثي لمستوى هؤلاء، حيث إن 80 بالمائة منهم لا يتمتعون بالكفاءة، لأقوم بعدها برفع التقرير للمديرة العامة.
القاضي: وماذا عن باخرة تين زيران؟
المتهم: باخرة تيزيران في 23 أوت 2021 كانت متوقفة في ميناء الجزائر، لو سمحت لي سيدي القاضي أريد أن أعطي لمحة قصيرة في السياق.
القاضي : تفضل.
المتهم: بتاريخ 5 ماي 2021 لم أكن هناك، لكن بعد أن توليت منصبي وجدت الباخرة في وضعية كارثية، كما أخبرني المحاسب عن تسجيل 6 مشاكل.. سيدي الرئيس ليس من صلاحياتي أن أعطي أوامر بتوقيف إبحار السفينة.
القاضي: هل القانون يسمح لك أن تعلم أي جهة بوجود مشكل تقني في السفينة؟
المتهم: رفعت تقريرا مفصلا كما قلت لكم إلى المديرية العامة يوم 5 نوفمبر2021، وقد تم تسوية الوضع.. سيدي الرئيس أضف إلى ذلك، عندما تم فتح محرك السفينة اكتشفنا وجود ثقوب صغيرة، ومباشرة قمنا بطلبية تزويدنا بقطع الغيار لتصليحه، وأكدوا لنا أنها ستكون جاهزة بعد 4 أشهر، لكن ميكانكي الباخرة قام بتصليحه مؤقتا وقدموا لنا شهادة التأمين ونحن كنا بحاجة إلى شهرين فقط وهي المدة الكافية للإبحار نحو الولايات المتحدة الأمريكية ورجوعها إلى الجزائر، لكن بعد 17 يوما فقط تم حجز سفينة سيرتا في بلجيكا وسفينة تيزيران في إسبانيا.
القاضي: وماذا عن دفتر الشروط ماذا تقول عنه؟
المتهم : عندما استلمت المنصب وجدت أنه تم اقتناء تلك السفن وليس لي أي علاقة بدفتر الشروط وأنا خبير وكنت في بلد أجنبي لمدة 10 سنوات.

وجها لوجه.. القاضي مع قباطنة السفن
حاصرت هيئة محكمة القطب الاقتصادي والمالي قباطنة السفن الجزائرية المحجوزة في عدة موانئ أجنبية، بوقائع الإهمال الواضح والمؤدي إلى تبديد أموال الدولة وتكبيد الخزينة العمومية الملايير من الدينارات، رغم معرفتهم المسبقة بإمكانية حجز هذه السفن من جهات أجنبية بسبب وجود اختلالات تقنية.
وخلال استجواب المتهم “ف. رابح” قائد باخرة تيمقاد التي تعتبر أول باخرة تم حجزها من طرف الأجانب بميناء بلجيكا بسبب الخسائر التي تسببها أثناء إرجاع الباخرة إلى الوراء، أنكر التهم الموجهة إليه جملة وتفصيلا.
المتهم حاول الهروب من المسؤولية الجزائية من خلال مسح “الموس” في مسؤولي شركة النقل البحري ـ شمال ـ وقال “سيدي الرئيس أنا راسلت مسؤولي الشركة، بخصوص باخرة تيمقاد التي تبدو من الخارج ضخمة وفخمة لكن في الداخل وسخة” وفيها العديد من المشاكل ولا تشبه تماما الباخرة التي عمر اقتنائها 5 سنوات وما خفي أعظم.
وأردف المتهم، قائلا: “عندما تم حجز الباخرة ببلجيكا أخبرت المسؤول التقني للشركة بضرورة إحضار الخبير من أجل تحرير الباخرة، لكنه أخبرني أن هذا يكلف 14 ألف دولار، وهو الأمر الذي أخّر خروجها لمدة 15 يوما كاملا، مما تسبب في خسائر تقدر بـ160 ألف دولار”.
يقاطعه القاضي”أنت قبطان السفينة ومع هذا ورغم وجود الاختلالات التقنية، إلا أنك قررت الإبحار لماذا؟”، ليجيب المتهم بعبارة “أبحرت من أجل مصلحة الجزائر”، ليرد عليه القاضي”على هذا الأساس تم حجزها من طرف الأجانب؟”، ليتدخل المتهم قائلا “السفينة الذي تم تحريرها بـ10 مليون دولار هي متوقفة حاليا بميناء الغزوات إلى حد يومنا هذا”.
وعلى نفس النهج سار المتهم “ن. كريم” قبطان سفينة “تيزران”، المحجوزة بميناء “جزراس” بإسبانيا، حيث أنكر تهم الإهمال الواضح المؤدي لتلف أموال عمومية والمشاركة في التبديد العمدي للمال العام، وقال إنه كلف بتفريغ الشحنة من الفيتنام نحو بولونيا قبل أن يتم حجزها بإسبانيا بسبب تسجيل 7 اختلالات تقنية لمدة 45 يوما، إلا أن هذا تسبب في دفع 12 ألف دولار كغرامات مالية لتحريرها.
وبالمقابل، واجه ممثل الحق العام المتهم “م. رمضان” قبطان سفينة سدراتة المحجوزة بميناء “أفرش” بميناء بلجيكا إلى حد يومنا هذا بسبب اختلالات تقنية أيضا، بحقيقة مغامرته بالإبحار رغم درايته بإمكانية حجزها خلال التفتيش بالميناء الأجنبي، إلا أن المتهم رد قائلا “سيدي الوكيل كل السفن معرضة لذلك وليس فقط سفينة سدراتة”.
أما المتهم “ن. م. طاهر”، قبطان السفينة الجزائرية “ستيديا” المحجوزة بميناء “كدانسك” ببلجيكا، فقد واجهه القاضي بتسجيل عدة تحفظات على شاكلة نقص تكوين طاقم الباخرة، إلا أن المتهم أنكر هذا تماما وقال إن شهادات الطاقم بحوزته.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!