-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
الموت عند حدود الأوطان

خير من العيش على أوهام الأمريكان

صالح عوض
  • 7296
  • 0
خير من العيش على أوهام الأمريكان

كان العمل الفدائي الفلسطيني طيلة ثلاثين سنة مشبوبا بروح العطاء والتضحية والفداء، وكان العمل الفدائي يمثل أرقى قيم المجتمع الفلسطيني العربي المسلم. ويحكي أبناء الجيل المعايش لتلك المرحلة قصصا تشبه تلك التي نقرؤها عن الصحابة..يحكون أن الفدائيين المرابطين على حدود فلسطين شرقي نهر الأردن كانوا يفرون من استلام مرتباتهم الشهرية المحدودة وكانوا يتنافسون من ينزل إلى دورية إلى الأرض المحتلة وكان الحزن والبكاء نصيب من لا تخرج قرعته في العملية.

  • وكان المجتمع يتباهى بالعمل الفدائي وكانت أسرة الفدائي محل إكبار من المجتمع، أما أسرة الشهيد فهي محل حسد وغبطة من الجميع وإذا ما قدر للأسير الإفراج فذلك عيد في المخيم كله وعرس لكل عائلته الكبيرة..وفي ظل تلك الروح كان العطاء الثقافي والفكري عظيما، فمن منا ينسى عطاءات مركز الدراسات والبحوث الفلسطينية ومجلاته المتنوعة من شؤون فلسطينية ودراسات فلسطينية وكتب متعددة عن الصهيونية والكفاح العربي الفلسطيني، وغير ذلك من ندوات فكرية وسياسية وثقافية، ولا يمكن أن نغفل نهوض الشعر العربي في تلك السنوات على أيدي شعراء عرب أفذاذ كان للعمل الفدائي الدور الحاسم في إيقاظ هممهم وإشعال عنفوانهم من محمود درويش إلى فدوى طوقان والبياتي وعدوان وصلاح عبد الصبور وسميح القاسم وتوفيق زياد ..حتى الفن الغنائي والمسرحي والسينمائي كله كان متقدما يوازي روح العمل الفدائي ومتأثرا به.
  • اليوم ارتكاس في كل شيء..لا تكاد تجد صحيفة فلسطينية واحدة ذات قيمة ثقافية أو سياسية ولا تكاد تجد عملا أدبيا معتبرا أو فنيا جميلا ..إن الارتكاس الذي أصاب المجتمع في قيمه حيث لم يعد ما كان من قيمة للعمل الفدائي أو للتضحية أو العطاء بعد أن ولغت القيادات السياسية الفلسطينية في الجري وراء وعود الأمريكان وغيرهم من النظام العربي، وأصبح التنافس ليس على العملية الفدائية بل على المكاسب الشخصية والحزبية وانزوت روح الإيثار وبرزت بعنف توحشات الأنانيات القاتلة وإذا بالمجتمع كله في حالة مرضية جراء تبدل الخط والاتجاه..
  • لقد كان الموت على حدود الوطن هو مصير معظم الفدائيين، وفي ظل وعود أمريكا أصبحت الوزارات والسفراء والوجهاء وأصحاب النفوذ سببا في قتل الروح والأمل..ولكن من عاش المرحلتين يجزم أن الموت على حدود الوطن خير من الجري وراء وعود أمريكا..فما كانت وعودها إلى لما نحن عليه اليوم من ضياع وفقدان لمنظومة قيم الكرامة والفداء.
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!