حزمّني يا…؟!
قبل سنوات، قدّمت الراقصة المصرية سيئة الذكر والسمعة، فيفي عبده مسرحية تحت عنوان: “حزمني يا بابا” فاعترضت الرقابة في زمن مبارك، على العنوان، وطالبت بتغييره، وهو ما قامت به الراقصة فعلا، حين حذفت كلمة “بابا” ووافقت على إبقاء “حزمني يا..”، وكأن الاعتراض كان ضدّ وجود الأب من أصله وليس في الحزام والرقص؟!
تذكرت هذه الواقعة، وأنا أشاهد ما يقوم به القيادي في التيار السلفي المصري حازم صلاح أبو إسماعيل، وحركته المسماة “حازمون” من حصار لما يصفونها بـ”أوكار الفتنة وأبواق النظام السابق”، وهي القنوات الفضائية “الضالة والمضللة” التي يخرج عبر شاشتها كلّ من لميس الحديدي وزوجها عمرو أديب، محمود سعد وإبراهيم عيسى ووائل الأبراشي!
حازم صلاح أبو إسماعيل لم يعترض على تسمية حركته “الجهادية” باسمه، دون أن يخشى التشبه بالمخلوع مبارك الذي لم يترك مدرسة ولا مسجدا ولا مستشفى ولا ميدانا إلا وأطلق عليه اسمه واسم زوجته “سوزان”.. حتى المراحيض العمومية لم تسلم من اسم القائد الهمام، البطل المغوار، صاحب الضربة الجوية الأولى ضد الكيان الصهيوني في حرب أكتوبر 73!
هذه أوّل خطوة على طريق “التفرعن”… تماما مثلما ساهم بعض الدعاة المأجورين والمشايخ الانتهازيين في تصوير الأمر للرئيس المنتخب شرعيا محمد مرسي على أنه “المنقذ المنتظر” فنقلت الصحف تصريحا شاذا وغريبا لإمام أحد المساجد التي صلى فيها مرسي يخاطبه فيه: انك مثل الرسول صلى الله عليه وسلم حين همّ ببناء الدولة بعد الدعوة،.. فرماه عدد من المصلين بالأحذية وخرج مرسي من الباب الخلفي للمسجد؟!
أكبر مشكلة يواجهها مرسي، لا تأتي من البرادعي ولا حمدين ولا حتى عمرو موسى، فهؤلاء معروفون للرأي العام، ومفضوحون لديه، وتحديدا موسى والبرادعي، ولكن المشكلة تأتي من بعض مستشاريه وقيادات جماعته والمناصرين له، أمثال حازم صلاح أبو إسماعيل!
فهذا الأخير لا يرضى سوى بمنصب الرئيس، وقد كان قريبا منه، أو هكذا تصور، قبل قضية جنسية والدته الأمريكية، لذلك ليس غريبا أنه ومع أول خطأ سيقع فيه مرسي، وبعد تصفية معارضيه التقليديين من الليبراليين واليساريين سيكون له حازم وحركته “حازمون” بالمرصاد، ولا غرابة أن نشاهد انقساما في العائلة الإسلامية غدا بمصر، وهو الانقسام الذي وقع فعلا، ولم ينتبه له الجميع، أثناء التحضير لمليونية الشرعية والشريعة، حين تمسك الإخوان بالشرعية، ودافع السلفيون عن الشريعة؟!
“حازمون” تؤسس لمشهد متطرف في المجتمع المصري المعروف بتدين غالبية شعبه والتزامه، وهو تطرف لا يقل خطورة وتهورا عن تطرف إبراهيم عيسى وعمرو أديب اللذان يطالبان بالانقلاب على رئيس منتخب شرعيا، حيث بات لكل فريق حشده السري والمعلن، وكلاهما كشف عن انتظار ساعة الصفر.. وما أدراك ما ساعة الصفر!