-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
بسبب ارتفاع الأسعار وتغير الذهنيات

جزائريون يتخلون عن الولائم العائلية الرمضانية

وهيبة سليماني
  • 4868
  • 0
جزائريون يتخلون عن الولائم العائلية الرمضانية
أرشيف

وجدت الكثير من العائلات الجزائرية، في السنوات الأخيرة، في ظل تدني المستوى المعيشي والغلاء في الأسعار، نفسها مضطرة إلى التخلي عن الكثير من العادات، التي كانت لا تستطيع الاستغناء عنها، وتجاوزها يصنف لدى بعضها في خانة “العيب”.. الولائم العائلية، أو ما يعرف بـ”العرضات”، خلال شهر رمضان الجاري، انحصرت إلى درجة تكاد تكون غير موجودة إلا بين الميسورين. فإذا كانت جائحة كورونا منعتها في العام الماضي، والعام الذي قبله تجنبا لانتشار العدوى، فإن القدرة الشرائية المتدهورة لم تترك مجالا للتمتع بـ”اللّمة” بين الأقارب والأصدقاء والأصهار على مائدة الإفطار!

كورونا وغلاء الأسعار تلغي “عرضات” رمضان
وقد تركت جائحة كورونا، منذ تسجيل أول إصابة بها في الجزائر، سنة 2020، إلى غاية الوقت الراهن، آثارا على المستوى الاجتماعي والاقتصادي، حيث تسبب الإغلاق الذي فرض بهدف التحكم في انتشار عدوى فيروس “كوفيد 19″، في كسر الروابط الاجتماعية بين العائلات الجزائرية، وتعليق المناسبات والأفراح و”اللمات” إلى آجال أخرى، ما أدى بالضرورة إلى التعود على هذا الوضع بشكل تدريجي، وفي مقابل ذلك تدهور الوضع المعيشي، وارتفعت الأسعار، وفقد بعض العمال والموظفين مناصبهم في الشغل، فأصبحت المناسبات واللقاءات التي كانت تتطلب الإسراف والتكاليف المالية، وبعضها يؤدي إلى البذخ والتبذير، مشطوبة من حياة فئة واسعة من الجزائريين.
وفي هذا الصدد، أوضحت الباحثة في علم الاجتماع، الدكتورة ثريا التيجاني، أن وباء كورونا رسخ بعض السلوكيات بالنظر إلى استمراره لمدة تجاوزت سنتين، ومن الصعب بحسبها، التخلص منها بسهولة.. ومن بين هذه الآثار الاجتماعية، التخلي عن” العرضات” والولائم، خاصة أنّ الحجر الصحي عوّد على التقوقع وبقاء أفراد الأسرة بعيدين عن الأهل والأقارب.
وترى ثريا التيجاني بأنّ الجزائريين كانوا يتصرّفون في إطار نظام معيشي معين، وجاءت إجراءات كورونا، لتغير هذا النظام وتعوّدهم على نظام آخر. وإلى جانب كل هذا، أحدث الجانب الاقتصادي زلزالا في المجتمع، فتدهورت المعيشة، وتدنى الدخل الفردي، وارتفعت أسعار المنتجات الاستهلاكية، وهو ما أدّى إلى تجنب الولائم و”العرضات” سواء لعدم قدرة تغطية مصاريفها أم تجنبا للإسراف وتضييع مبالغ مالية يمكن أن توجه لتسديد حاجيات ضرورية أو تلبية بعض مطالب العائلة.
وقالت الدكتورة ثريا التيجاني إنّ ارتفاع نسبة الوعي عند بعض الجزائريين، جعل الكثير من العائلات مستمرة في أخذ احتياطاتها من عدوى فيروس كورونا رغم تسجيل صفر إصابة، وتفادي الاختلاط والتخلي عن دعوات الآخرين مشاركتها في مائدة الإفطار أو سهرة رمضان.
وأكدت التيجاني أن فيروس كورونا لا يزال يهدد البشرية، وخاصة بعد الحديث عن 3 متحورات جديدة ظهرت في العالم.

التباهي بـ”العرضات” الرمضانية سلوك مرفوض
وأوضحت الباحثة ثريا التيجاني أن الدعوات إلى مائدة الإفطار خلال شهر رمضان، تنتشر بشكل ما، بين العائلات الغنية، وتصل صورها إلى منصات التواصل الاجتماعية، قائلة: “إن مثل هذه العزائم قد لا تكون في إطار المحبة والألفة، والمجاملة، فهي تتعدى أحيانا إلى التباهي والرّياء، والتفاخر، إلى درجة التبذير”.
وترى المتحدثة بأنّ مثل هذه السلوكيات مرفوضة، خاصة في زمن الغلاء، فقد تكون العائلة المدعوة غير قادرة على رد الدعوة فتجد نفسها في حرج.
وقالت باحثة علم الاجتماع إنّ مثل هؤلاء الميسورين عليهم أن يسهموا في عمليات التكافل بموائدهم الرمضانية، ودعوة المحتاجين إليها كصدقة جارية.

الشيخ جلول: بعض العائلات تتجنب العزائم خوفا من “القيل والقال”
وفي ذات السياق، أكّد الشيخ جلول قسول، إمام مسجد القدس بحيدرة بالعاصمة، أن الكثير من الولائم، و”اللّمات” بين الأقارب والأصدقاء وبعض المعارف حول موائد الأكل أو الإفطار أو السهرات في رمضان، تسببت في خراب البيوت، لأن مثل هذه اللقاءات تحدث خلالها زلات لسان وتتسرب أسرار تعاد من طرف البعض في عزائم و”عرضات” أخرى.
ويرى الشيخ جلول بأن العقليات تغيرت في المجتمع الجزائري، وأصبحت اللقاءات بين الأهل والأقارب محل مشاكل وفتن، وخاصة إذا كانت النقاشات بين المدعوين للموائد الأكل، تدور في فلك النميمة، وكشف الأسرار، قائلا: “مثل هذه اللقاءات فككت أسرا وطلقت نساء”.
وأوضح الشيخ جلول قسّول أنّ مثل هذه السلوكيات لا يمكن تعميمها على الجميع، حيث إنّ رمضان شهر الرحمة وهو فرصة لصلة الرحم، ولكن يجب أن يكون هناك آداب وأخلاق في العزائم والدعوات، فنظرا لمعاناة الكثير مع الأزمة الاقتصادية، لا ينبغي أن تحرج بعض العائلات عائلات أخرى بالدعوة لمائدة الإفطار، فتجد هذه الأخيرة نفسها في حيرة لرد الجميل.
ويرى بأن من بين آداب الزيارة، هو رفض الدعوة في حال عدم الإصرار من طرف صاحبها.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!