-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
بابور ومقرس وبوطالب محاضن الثلوج والأدغال الأمازونية

جبال سطيف.. سمعة عالمية كستها المشاريع الوهمية وعزلها الإهمال

سمير مخربش
  • 5043
  • 0
جبال سطيف.. سمعة عالمية كستها المشاريع الوهمية وعزلها الإهمال
ح.م

تتميز جبال ولاية سطيف بسحرها الطبيعي المتنوع في الصيف والشتاء وثرائها البيئي وانتشارها وسط جنات أرضية لازالت عذراء تبحث عن من يعرف قيمتها ويستغلها كثروة سياحية واقتصادية.

إذا رسمت خارطة سطيف ستجدها قد نالت نصيبها من الفراش الطبيعي الخلاب بسلسلة جبال بابور العالمية في أقصى الشمال، تليها في الأسفل بقليل جبال مقرس النقية بهوائها، وأما في جنوب الولاية تجد جبال بوطالب المنسية. ولكل سلسلة مميزاتها خاصة تلك التي تشكل محمية وطنية كجبال بابور التي تنتمي لسلسلة الأطلس التلي وتمتد على مسافة 2367 متر تجمع بين ولايات سطيف وبجابة وجيجل، وبها أعلى قمة ترتفع عن سطح البحر بـ 2004 أمتار.

وتشتهر هذه الجبال بتنوعها الطبيعي واحتضانها لغابات ذات مسحة أمازونية، وبها أشجار نادرة في العالم منها التنوب النوميدي الذي لا ينمو إلا في هذه المنطقة بالإضافة إلى أشجار الأرز الأطلسي وبها طائر نادر في العالم يعرف باسم كاسر الجوز الذي لا تجده إلا في هذا المكان، وبها أيضا 94 نوعا من الطيور منها 24 طيرا محميا بالإضافة إلى كم هائل من النباتات المدرجة ككائنات محمية وبها كذلك أجود أنواع الفطر ذات الشهرة العالمية.

ورغم هذه الميزات التي اخترقت الحدود إلا أن بابور لازالت منطقة عذراء لا تتوفر على أدنى الضروريات ولا علاقة لها إطلاقا بالجانب السياحي فحتى المسالك لازالت صعبة للوصول إلى قمة الجبل وإلى يومنا هذا لا يوجد أي مرفق يستهوي السياح. بل إن زيارة المكان قد تكون مغامرة خاصة عند تساقط الثلوج والدليل ما شهدته المنطقة منذ أيام حيث علق أشخاص وحاصرتهم الثلوج ولم يتم إجلاؤهم إلا بعد تدخل عناصر الجيش الوطني الشعبي.

والمعروف أن الثلوج تستمر لعدة أشهر بجبال بابور وهي وضعية لم تستغل سياحيا ولا اقتصاديا ولا ثقافيا، والمنطقة بكاملها مهمّشة وأهلها يشتكون العزلة وسط قطب عالمي لو كان في بلد آخر لتحوّل إلى قبلة للسياح من مختلف البقاع، فالطبيعة الثلجية هناك لا تكاد ترى لها مثيلا لكنه ثلج بلا استغلال سياحي فلا تزحلق ولا تخييم ولا منافسات رياضية ولا أي مناسبة مرتبطة بهذه اللوحة الطبيعية الخلابة. وقد جرى الحديث عن مشاريع سياحية وبيئية لكنها ظلت حبيسة الأدراج ومجرد أفكار ومشاريع ذابت قبل أن يذوب ثلج بابور.

نفس الوضعية نجدها في جبال مقرس المعروفة هي الأخرى بثلوجها وأشجارها ونباتاتها المرتمية على مساحة تقارب 1500 هكتار وعلى قمة بلغ علوها 1800 متر لكن بقدر الارتفاع كان الإهمال، فلازالت الطبيعة عقيمة لم ترتبط بأي هيكل جديد وقد جرى الحديث عن مشاريع سياحية ورياضية كتحويل المكان إلى قطب للفرق الرياضية على شاكلة عين الدراهم بتونس خاصة أن مقرس لها مواصفات فاقت تلك الموجودة في تونس، لكن غياب المرافق جعلها منطقة منسية يتذكرها الناس في فترة الثلوج بزيارات قصيرة وسرعان ما تدخل طي النسيان. وحتى نشاطات الجمعيات المهتمة بالبيئة ظلت محتشمة واقتصرت على نقل الأطفال لهذا المكان لتنتهي هذه الرحلات بخيبة كبيرة سببها غياب المرافق. ومنطقة مقرس تصلح أيضا كفضاء لرياضة الدرّاجات الجبلية وثبت ذلك بالتجريب، وقد تحدثوا عن بيت للشباب ومركبات رياضية وفضاء للتزحلق على الثلوج وقيل بأن هذه المشاريع اقترحت من رجال أعمال من داخل وخارج الوطن لكن ظلت كلها أوراق متطايرة تساقطت قبل أن تتساقط أوراق الأشجار الموجودة في هذا المكان الرائع.

وأما جبال بوطالب الواقعة جنوب ولاية سطيف فلم يرد اسمها إطلاقا على طاولات المشاريع ولم يذكروها بخير، ورغم ثروتها الطبيعية إلا أن اسمها ارتبط بثورة التحرير المجيدة ثم بالعشرية السوداء وبعدها بالصيد البري الذي له متعة خاصة في هذا المكان المنسي الذي يصلح أيضا لتصنيع الفحم. لكن للأسف المنطقة لم تسجل أي خطوة لسحبها نحو التطوّر والنشاط السياحي والاقتصادي والنشاط الوحيد المسجل هناك اختصر في مطاردة “الطاروس” للأرانب البرية.

فهي إذن جبال عملاقة بثرائها الطبيعي والإبداع الرباني احتضنتها ولاية سطيف ولا شيء بعد الحضن سوى الكلام والمشاريع الوهمية التي سرعان ما تسقط عبر هذه المنحدرات الجبلية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!