-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
أسعار خيالية وأخطار بالجملة وتعاملات خارج القانون

توصيل الطّرود بالطاكسي.. خدمات سريعة أم احتيال؟

وهيبة سليماني
  • 3043
  • 3
توصيل الطّرود بالطاكسي.. خدمات سريعة أم احتيال؟
أرشيف

النّشاط توسع منذ انتشار الجائحة والتجارة الالكترونية تستعين بسيارات الأجرة

منذ بداية أزمة كورونا في الجزائر، وقطاع النقل يشهد حالة تذبذب وعراقيل بالجملة، حيث كبّد الحجر الصحي الذي فرض مع بداية الوباء الكثير من الخسائر لدى سائقي سيارات الأجرة والحافلات، ورغم عودة هؤلاء إلى نشاطهم العادي، إلاّ أنّ تعليق عملهم، مؤخرا، خلال عطلة الأسبوع، في ظل انتشار الفيروس المستجد “كوفيد 19″، زاد الوضع سوءا.. باب رزق آخر يسمى بـ “توصيل الأمانات” للمواطنين أو خدمة “البريد السريع”، وجده بعض سائقي سيارات “الطاكسي” وحتى أصحاب الحافلات، فرصة سانحة لتعويض ما ضاع منهم، وقد أنعشت التجارة الالكترونية، مهنتهم الجديدة، فأصبحوا همزة وصل بين البائع والزبون.
عندما تقصد محطة الخروبة للنقل البري، هذه الأيام، تجد الكثير من السيارات السياحية مكتظة إلى جوانب أسوارها، بعضهم جاؤوا محملين برزم من السلع المختلفة، وآخرون بطرود وملفات طبية، وأشياء أخرى، لم تسمح لهم ظروفهم بالسفر وتسليمها لذويهم أو أصدقائهم أو إلى جهات معينة، لذلك كان لزاما عليهم دفع مبلغ مالي إلى سائق “طاكسي” أو حافلة يثقون فيه ويقوم بكل أمانة بتوصيلها إلى الطرف الآخر.
“هل لدينا بريد سريع يلبي خدمتنا في 24 ساعة؟”، هذا ما قاله أحد المواطنين، كان يحمل رزمة من مواد التجميل والعطور، ويضعها في الصندوق الخلفي لسيارة أجرة متوجهة إلى مسيلة، حيث تبين لنا من خلال حديثه مع السائق قبل ذلك، أنه يريد إرسالها لتاجر بذات الولاية، وقد منح للسائق مبلغ 1000 دج.

توصيل الطرود من قبل الطاكسي والحافلات.. خدمة رائجة

اقتربت “الشروق”، من بعض سائقي “الطاكسي” بينهم نور الدين، الذي كان متوجها إلى غليزان، حيث استفسرنا منه، عن وجهة نظره فيما يخص إرسال الطرود والملفات الطبية والأدوية معه إلى أشخاص في ولاية أخرى، فقال إنها انتشرت بشكل ملفت للانتباه في الآونة الأخيرة، وحتى أصحاب البيع الالكتروني وجدوا في “الطاكسي” وسيلة لتوصيل سلعهم إلى الزبون.
وقد تبيّن من خلال الحديث مع هؤلاء السائقين، أنّ مهمة توصيل الطرود باتت أمرا عاديا، وهي رائجة جدا في هذه الأيام، وقال خالد سائق سيارة أجرة من سطيف إنّه يعمل مع إحدى الشركات واتفق مع مسؤوليها على توصيل بعض الملفات واللوازم إلى مصلحة تابعة لها، من أسبوع إلى آخر بمبلغ 3 آلاف دج.
وفي الجهة الأخرى لمحطة الطاكسي، يتولى الكثير من سائقي الحافلات، هم أيضا، مهمة البريد السريع، أو توصيل الطرود، والملفات الطبية، وغير الطبية، حيث أكد لنا محمد سائق حافلة كانت وجهته بشار، أن أمر توصيل الأمانات، بات معروفا بين سائقي الحافلات، وأن التجارة الالكترونية رفعت من بورصة هؤلاء السائقين، الذين أصبحوا بمثابة همزة وصل بين الزبون والبائع، وأن المبلغ، حسبه، يتفق عليه، حيث يشترط هو 2000 دج عن طرود لا تتعدى 50 كلغ.

صناديق التفاح والتمر والعنب بـ 1000 دج
وراجت أيضا في الآونة الأخيرة، ظاهرة إرسال منتجات تتميز بها بعض المناطق إلى الأحباب والأصدقاء في مناطق بعيدة، ويتعلق الأمر بالهدايا، ومنتجات الصناعات التقليدية لبعض الجهات، حيث أكد لنا سعيد البالغ من العمر 65 سنة، أن لديه الكثير من الأصدقاء من باتنة وتبسة وبرج بوعريريج، يبعثون له بعض الفواكه وعراجين التمر مع سائقي سيارات الطاكسي أو الحافلات، مقابل مبلغ 1000دج عن هذه الخدمة، على أن يتصل هو بالسائق الذي بحوزته الأمانة ويذهب إليه في الوقت المناسب إلى الخروبة.

الأدوية بالمجان.. والتجارة الالكترونية خدمة مربحة

بدوره أفاد سيد علي آيت الحسين، الأمين العام للمكتب الولائي لسائقي سيارات الأجرة لولاية الجزائر، أن 99 من المائة من السائقين يوصلون الأدوية المرسلة معهم بالمجان، خاصة في مرحلة جائحة كورونا، وتخص هذه الأدوية العلاج من هذا الوباء، مضيفا أنّ الملفات الطبية هي كذلك من بين الأشياء المهمة التي يطلب من السائقين إيصالها من طرف المريض أو أحد أقاربه إلى الطبيب أو موظف بمستشفى أو عيادة أو إلى شخص من الأقارب، ويأخذ عن هذه الخدمة مبالغ تكون أحيانا حسب سعر المقعد الواحد للرحلة وقد لا تتعدى 1000 دج.
وأكد آيت الحسين، أنّ التجارة الالكترونية رفعت بورصة خدمة التوصيل من طرف سائقي سيارات الأجرة وأصحاب الحافلات، حيث يستعين صاحب الموقع الذي يعرض سلعه في السوق الالكترونية، بسائق “الطاكسي”، لتسليم سلعته إلى زبائنه مقابل مبلغ مالي.

“الطاكسي” يغني عن إرسال الأموال عبر البريد

ويضع الكثير من الجزائريين اليوم، ثقتهم في سائق “الطاكسي” الذي أصبح بالنسبة إليهم مثل ساعي البريد، أو البريد في حد ذاته، فقد أنعشت أزمة كورونا، خدمة توصيل الطرود والملفات الطبية والأدوية، وأيضا المبالغ المالية، حيث يرى سيد علي آيت الحسين، أن الجزائر لا تتوفر على بريد سريع، ولا يمكن أن يكون لدينا، حسبه، خدمة توصيل أسرع من سائقي الطاكسي والحافلات، والتي لا تتعدى في الغالب 24ساعة.
وقال إن مرحلة التذبذب في السيولة المالية في مراكز البريد، شهدت إرسال مبالغ مالية من طرف جزائريين، لأهاليهم في مناطق هذه الأزمة، أو غيرها، اختصارا للوقت وتفاديا لإيداعها كحوالة بريدية، والتي غالبا ما تأخذ وقتا، أو لا تعطي مبلغ هذه الحوالة للمرسلة إليه بحجة نقص السيولة.
وفي السياق، أكّد عبد القادر بوشريط رئيس الفدرالية الوطنية لنقل المسافرين والبضائع، أن خدمة توصيل الطرود وبعض الملفات والأدوية، والمبالغ المالية، عن طريق سائقي الطاكسي والحافلات، تتعلق بمسألة الثقة التي يضعها المواطن في هؤلاء السائقين، وهي رغم أنها لا تدخل في إطار مهامهم الشرعية، إلا أنها مهمة تمكنهم من ربح بعض المال.

خدمة محفوفة بالمخاطر!

ورغم الايجابيات التي تتوفر عليها خدمة إيصال الطرود والملفات والنقود من طرف سائقي الطاكسي والحافلات، إلى الأشخاص المرسلة إليهم، إلا أن سيد علي آيت الحسين، الأمين العام للمكتب الولائي لسائقي سيارات الأجرة لولاية الجزائر، كشف عن بعض السلبيات، قائلا إن بعض هؤلاء السائقين وقعوا في مشاكل جرّت بعضهم إلى المحاكم، حيث أن بعض المواطنين الذين وضعوا فيهم الثقة العمياء، بعثوا معهم، محذورات وسط الأمتعة.
وأوضح، أن طمع بعض السائقين في ربح بعض المبالغ، أوقعهم في أخطاء جعلتهم في قفص الاتهام، حيث يعرف بعض من هؤلاء سجنوا أو توبعوا قضائيا عن حيازة مخدرات أو أشياء أخرى محظورة، كانت مخبأة وسط طرود أرسلت معهم إلى ولايات بعيدة.
وإلى جانب ذلك، فإن الكثير من المواطنين، انتقدوا عبر منصات التواصل الاجتماعي، الأسعار المرتفعة التي تدفع لسائقي سيارات الأجرة والحافلات، مقابل توصيل أشياء أحيانا بسيطة، وقد تكون حسب المكان الذي يلتقي فيه هؤلاء السائقين مع الطرف الآخر الذي يستقبل هذه الأمانات.

“خدمة غير شرعية تضر بمصداقية مؤسسات الدولة”

قال المحامي لدى مجلس الجزائر، الأستاذ جمال فضيل، إن فكرة نقل الطرود من طرف سائقي سيارات الأجرة والحافلات، غير شرعية، تتنافى مع قانون حماية مصلحة وسمعة بريد الجزائر، وهي ظاهرة اجتماعية حديثة، حسبه، فيها نوع من البدائية حيث تضر بقيمة ومصداقية مؤسسات الدولة وشعبها أمام الأمم الأخرى.
ورغم أنّها، حسب المحامي جمال فضيل، تحمل طابعا إنسانيا وخيريا، إلا أن اضطرار المواطن للجوء إلى سائقي الطاكسي أو الحافلات، وتحت الظرف القاهر، وقبوله للمبلغ الذي يشترطه هؤلاء السائقين، يعتبر استغلالا واستنزافا لجيوب الجزائريين الذين لم يجدوا بديلا آخرا غيرهم، خاصة إذا كان الأمر يتعلق بملف طبي أو دواء، أو وثائق وأموال ترسل لشخص ما بحكم الحاجة الملحة.
وأكّد جمال فضيل، أنّ الأثر السلبي لهذه الخدمة وخيم في جانبه الأمني، فقد تجد بعض العصابات فرصة لنقل محظورات في ظل فوضى انتشار هذه الخدمة، داعيا الدولة إلى تأطير نقل الطرود من طرف أصحاب الطاكسي والحافلات قانونيا، خاصة في غياب شبه تام للمؤسسة الرسمية “البريد”، أو إعادة النظر جذريا في تسيير مؤسسة البريد والدفع بها إلى إصلاحات عميقة وجذرية وتسليمها يكون وفق معايير دولية، حيث يرى أن الأمر جد سهل لأن نماذج التسيير موجودة في العالم، فما على الهيئات القائمة إلا التبني ونقل الفكرة فقط.

حماية المستهلك تدعو للاسراع بفتح مكاتب رسمية لنقل الطرود

قال حسان منوار، رئيس جمعية الأمان لحماية المستهلك الجزائري، إن الطبيعة لا تحب الفراغ، وإن غياب الشركات المهنية الخاصة بنقل الطرود، وغياب قوانين فيما يخص هذا الامر، فتح الباب واسعا أمام بعض الانتهازيين، الذين استغلوا الفراغ بطريقة غير شرعية وأسّسوا سوقا فوضوية في نقل الطرود والأموال.
وتأسف منوار، لوجود الأسواق الفوضوية في جميع المجالات، حيث وصل الامر إلى نقل الأشخاص والبضائع والطرود في إطار فوضوي، وكأن الدولة حسبه، غائبة تماما عن الميدان.
ويرى أن الذين ينتهزون الفرص لاستنزاف جيوب المواطنين لا يمكن الاتكال عليهم في حماية الوطن، حيث حذر من مثل هذه الممارسات، داعيا إلى تأسيس شركات خاصة رسمية تحدد أسعارها وتخضع للضرائب وتعطي المعلومات الكافية عن خدمتها، وتكون هذه الشركات خاصة بنقل الطرود، وخاصة أنّ الظرف الحالي الذي فرضته كورونا، يستدعي تطوير البريد السريع والمؤسسات الخاصة به والتي يمكنها توصيل الطرود والملفات والأموال في اقل من 24 ساعة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • معلق حر

    أموال طائلة يمكن للدولة تحصيلها للخزينة العمومية و تعود بالفائدة للمواطنين، تحسين جودة النقل بالحافلات، خاصة بين الولايات أولوية مطلقة. يعرف العني بالأمر ما عليه فعله...

  • الحقيقة

    هي مستعملة منذ مدة...وتكلفتها اقل من البريد السريع ..فقط الفارق ان صاحب الطرود يكون حاضرا في المحطة بدون تاخير مع استعمال الهاتف..لكن الامر الغير عادي عندما يكون ظرف او كيس صغير فلا يجب المبالغة في المبلغ ..اما الدواء فبعضهم لا يتسلمون المبلغ

  • مركز

    مركز بريد باب الزوار الجرف يبعد 7 كلومتر عن مركز فرز عاصمة ....عمال لا يعملون و يتكبرون عند سؤالهم طرود تبقى عندهم لسنوات و لا ترسل حتى تشوف معرفة ...و الله غير عينا منهم نرجو من الدرك الوطني تدخل و شكرا لكم