-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
المؤرخان باسكال بلانشارد وبنجامان ستورا يحذران باريس:

تنصّل فرنسا من جرائم الاستعمار يسمم العلاقات مع ضحاياها

محمد مسلم
  • 970
  • 0
تنصّل فرنسا من جرائم الاستعمار يسمم العلاقات مع ضحاياها
أرشيف

دق المؤرخان الفرنسيان باسكال بلانشارد وبنجامان ستورا ناقوس الخطر بشأن علاقات فرنسا بمستعمراتها السابقة، وكيفية ترميمها من تداعيات الماضي الاستعماري، والتي لا تزال ترفض الانصياع لمطالب شعوب وحكومات الدول التي تضررت من الممارسات الوحشية للاحتلال.
وجاءت مساهمة المؤرخان في نقاش مفتوح حول الظاهرة الاستعمارية، حيث تحدث كل من بنجامان ستورا وباسكال بلانشار على الحالة الفرنسية، التي هيمنت بقوة الحديد والنار على غالبية دول القارة الإفريقية، ووصفا تركة هذه الممارسة بـ “الندوب” التي لا تزال مفتوحة على مصراعيها، الأمر من شأنه أن يزيد من منسوب تسميم علاقات باريس بالشعوب والدول التي كانت ضحية احتلالها على مدور عقود طويلة تجاوزت في الكثير من الأحيان، القرن، كما هو الحال بالنسبة للجزائر.
ونشر بنجامان ستورا الذي يرأس اللجنة المختلطة الجزائرية الفرنسية لبحث قضية الذاكرة وتهدئة حروبها من الجانب الفرنسي، رابطا لمقال لخص النقاش الذي كان طرفا فيه، إلى جانب المؤرخ باسكال بلانشار، على حسابه في شبكة التواصل الاجتماعي، فيسبوك، ومن بين ما جاء فيه، أنه “بعد مرور أكثر من ستين عاماً على الاستقلال، لا يزال الاستياء الناتج عن الاستعمار الفرنسي صعبا. اعتذارات، تعويضات، نهاية “فرنسا الإفريقية سابقا” (Françafrique): المطالب تتدفق من جميع الجهات. إلى متى ستظل فرنسا قادرة على مواجهة هذه المطالب بالصمت؟”.
وبرأي المؤرخين، فإن استمرار تجاهل السلطات الفرنسية لمطالب ضحاياها في إفريقيا، سيقود إلى تسميم العلاقات بين القوة الاستعمارية السابقة وممتلكاتها السابقة. ويؤكد باسكال بلانشار أن “الحالة الأفريقية تبلور التوترات حول الإرث الاستعماري”.
ويضرب مثالا بهذا الخصوص واضعا الجزائر على رأس هذه الدول، إلى جانب كل من مالي وبوركينا فاسو، مشيرا إلى أن “الأجيال الأفريقية الشابة باتت تدرك الحقائق التاريخية. وهي تطالب بصوت عال بالحقيقة والتعويضات” من الدولة الفرنسية باعتبارها وريثة فرنسا الاستعمارية. أما المؤرخ بنجامان ستورا فيعتقد بأن رياح التمرد تهب عبر القارة السمراء، مما يؤدي إلى تأجيج جذوة الغضب التي تم احتواؤها لفترة طويلة. يقول ستورا، “تتدفق المطالب من جميع الجهات: إعادة الممتلكات المنهوبة، والاعتذارات الرسمية، وإنهاء الإدارة الغامضة الموروثة من “فرنسا الإفريقية سابقا” (Françafrique)… لم تعد هذه الأسئلة مجرد قصص، بل هي مدخلات إلى المجال الدبلوماسي”.
وعلى الرغم من خطورة استمرار باريس في تبني أسلوب الصمت، فإن باسكال بلانشار يعتقد بربط النخب السياسية الفرنسية من اليمين واليسار، بين انشغالات الشعوب والدول ضحية الاستعمار الفرنسي، ببعض الأبعاد الإيديولوجية، مثل تصوير “الاعتذار” على أنه “توبة”، إلا أن هذا النقاش الجاد لم يدفع باريس إلى مراجعة مواقفها وتصحيحها ببعض الحالات التي نجحت في استدراك الأخطاء السابقة.
وتنطبق هذه المقاربة على الحالة الجزائرية، فعندما ركزت السلطات الجزائرية مطالبها على ضرورة أن تعترف فرنسا بجرائمها الاستعمارية في الجزائرية، ثم تقدم الاعتذار، انبرى الرافضون لهذه المطالب وحاولوا إعطاء طابع ديني لمفهوم الاعتذار، مثل “التوبة”، وهو تصور لم يدخل حتى في مخيلة الجزائريين، لأنهم طالبوا بالاعتذار وليس بالندم أو التوبة، الأمر الذي اعتبر محاولة من باريس من التنصل لهذا المطلب، الذي تم التجاوب معه من قبل فرنسا ذاتها مع مستعمرات سابقة، على غرار جمهورية مدغشقر، كما أن فرنسا أجبرت ألمانيا النازية على تقديم الاعتذار للدولة الفرنسية بسبب احتلالها لها خلال الحرب العالمية الثانية، الأمر الذي يجعل من المبرر الذي ترفعه السلطات الفرنسية ونخبها السياسية والتاريخية، مجرد مسوغات هشة وواهية.
ويخلص المقال إلى أن الرسالة واضحة حسب المؤرخين، وهي أن “فرنسا لن تتمكن بعد الآن من التهرب من المطالب الحقيقة والعدالة المنبثقة من أفريقيا”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!