-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

تسليم المشعل

قادة بن عمار
  • 4599
  • 7
تسليم المشعل

قبل أيام، لم ينتبه أحد ربما للنكتة المضحكة التي أطلقها الوزير الأول عبد المالك سلال، وهو شخص معروف للمقربين منه بمرحه، حين قال بأن الحكومة التي يتولاها تضم جزءا كبيرا من الجيل الجديد الذي سيتسلم المشعل ليضمن تدريجيا تسيير شؤون البلاد!

طبعا، قصّة تسليم المشعل معروفة للجميع، كبارا وصغارا منذ الاستقلال، وجيلا بعد جيل، حيث نسمع عن المشعل ولا نراه، يتحدثون عن تسليمه ولا يفعلون، يبشرون به الجميع ولا ينفذون.. حتى أن أحد المسؤولين الشباب في منظمة جماهيرية قال يوما لأحد رفاق دربه “النضالي” الطويل، بأنهم أطلقوا الكذبة وصدقوها وباتوا جميعا يتحدثون عن مشعل سيتم تسليمه قريبا للجيل الجديد، ثمّ لا يتم الأمر، بل يتحول مع مرور السنوات، إلى نكتة يتداولها البعض في الصالونات المكيفة للضحك على الذقون واستغفال الشباب، وممارسة الهفّ المنظم على بقية فئات الشعب!

أحد الوزراء المحسوبين على الشباب في الحكومة الجديدة، وهو بلقاسم ساحلي، صدّق الكذبة، وراح يخطب على الناس قائلا في أول تجمع لحزبه بعد توليته زمام الكرسي، أن جميع ما تم ممارسته من طرف مؤسس الحزب السابق، والوجه التاريخي رضا مالك لم يكن سوى تهريج يسمّى معارضة، ونفاقا مفضوحا ضد السلطة، ومراوغة خطيرة وغير حميدة للحقيقة، وأن المرحلة المقبلة هي “مرحلة الصح” والتي تبدأ منذ توليه جزءا من الحكم، في انتظار تسليم المشعل للشباب، والذي يعدّ وزير الجالية واحدا منهم… في نظر السلطة على الأقل!

طبعا الشباب الذين يتحدث عنهم عبد المالك سلال في سياق تهليله لوجود وزير أو وزيرين تحت سنّ الخمسين بقليل، ليسوا هم الشباب الذين يبلغ عددهم أزيد من 600 ألف مواطن يطالبون في الوقت الراهن ومنذ فترة ليست بالقصيرة، بتسوية حقوقهم ضمن ما يعرف بعقود ما قبل التشغيل.. أو الكذبة الكبرى الثانية التي روّجتها السلطة، ثم صدقتها بمناسبة الحديث عن تقلص نسبة البطالة في البلاد!

وليسوا هم الشباب الحراڤة الذين يمارسون الهجرة السرية على متن قوارب الموت منذ سنوات، وتزايدت أعدادهم بالمناسبة في هذا العام الذي تحتفل البلاد فيه بالذكرى الخمسين للاستقلال، والتي لن تجد لها معبّرا ولا مصدّقا سوى لدى أولئك المطبلين لها بين جدران المسارح والقاعات التابعة لوزارة الثقافة، أما في الشارع والمدن الداخلية والقرى المعزولة، فإنك لن تجد شيئا واحدا يدل على أن القاطنين في تلك الأماكن، يشعرون بنعمة الاستقلال ولا بسلطة البلاد أو حريتها!

الرئيس حين أطلق عبارته الشهيرة “طاب جنانّا”، كنا نعتقد فعلا بأن وقت التغيير قد حان، ودقّت ساعة التجديد، قبل أن نُصدم بفرض الوجوه التقليدية ذاتها، سواء في الحكومة أو حتى في الساحة السياسية والحزبية، حيث لا تغيير حقيقي قد حصل، بل مجرد فصل جديد من فصول مسرحية الهف التي لا تريد أن تسدل الستار بعد، وكأنها تحولت إلى قدر ثابت للجزائريين، هؤلاء الذين مازالوا ينتظرون تسليم المشعل حقا، على أمل وصوله في يوم ما إلى مكانه الطبيعي بعد عقود طويلة استمر خلالها في البقاء بين أيدي… “أمينة جدا“!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
7
  • ايضوض اغني

    اي تسليم للمشعل هذا الذي ينكتون به او يقولونه من حين لاخر.وهل يعقل ان يسلم الدينصور المشعل لغيره من البشر؟حتى وان سلمه فسيسلم لمن تتلمذ على يدالديناصورات،حتى وان كان شابا فهو لاينسى ولي نعمته الذي علمه تفكير الديناصورات ويبقى يطبق برامجهم حتى وهم في االتقاعد.من تسلم المسؤولية من يد الديناصورات وهم كثيرون ومنهم بعض رؤساء الحكومات والوزراء هل فيه واحدا فقط كان يتصرف و كانه شاب و بين كفاءته و قدراته العقليةوالفكريةوالتعليميةوالمعارفية في الميدان وفي مجال اختصاصه؟اليس كلهم كانوايطبقون وسيطبقون خططهم

  • غالي

    يعطيك الصحة يا اخي قلتها عايشين بالهف والكدوب . لكن اللي نقولوه لهذا الوزاراء هو اللي فشل خطرة يبعد . والشباب اذا ثارت ثورته رايح ياتي على الاخضر واليابس . والى بغاو الخير للبلاد يفكرو فيها وما يفكروش في نفوسهم

  • ولد الصديق ميلود

    موفق أخي قادة

  • idjaafer

    المسألة ليست قضية شباب و كهول وشيوخ فالنظام والسلطة تتشكل من العنا صر الثلاث التي هي عنصر الشعب احد عناصر وجود الدولة بالمفهوم القانوني ، ولكن المسألة تتعلق بإقامة دولة القانون والحريات وفق دستور حضاري وحداثي متفق عليه من كل القوى السياسية والإقتصادية والإجتماعية الحقيقية الفاعلة في المجتمع الجزائري بشكل يراعي معطيات الداخل والخارج ، دولة لاتزول ولاتتغير جغرافيتها و غير متنكرة لمن لكل من كان سبب في وجودها رجال ونساء وقيم برنامجها البحث عن الرفاه بكل ومعانيه وقداسة المواطن ولقد كرمنا بني آدم.

  • توفيق

    و انا اقرا مقالك يا اخ قادة تبادر بدهني بعض التساؤلات هل يوجد حقا شيئ اسمه تسليم المشعل وان افترضنا انه موجود فلتدلنا السلطه اين هو حتى نقنع انفسنا به وهل من حكمونا مند 50 سنه استلموه حقا حتى يكلمونا عنه وان سلمونا هدا المشعل الشبح يوما فسنستلمه منطفئ لان الوقود الدي يشتعل به يكون انداك قد نضب فهل سمعت يوما بمشعل يشتعل مند نصف قرن.

  • بدون اسم

    سيأتي يوم لا ينفع فيه الكلام

  • mustapha

    اشكر الصحفي قادة بن عمار و تعجبني فيه الصراحة و الموهبة الادبية التي يتمتع بها بالاضافة الى ابتعاده عن فن الشيتة التي اوصلتنا الى الحالة المزرية التي صار يتخبط فيها الشعب الجزائري الذي جثم على صدره مسؤولون مصابون بداء التزوير و هيستيريا سرقة المال جنون الاستحواذ على الحكم