-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
غلاء "كسوة العيد" يفجر ثورة النهوض بالمنتج المحلي

تجارة الملابس في الجزائر على كف عفريت!

وهيبة سليماني
  • 19199
  • 0
تجارة الملابس في الجزائر على كف عفريت!
أرشيف

تواجه الكثير من العائلات الجزائرية هذه الأيام، وضعا صعبا بين ارتفاع الأسعار والرغبة في شراء مستلزمات العيد لإسعاد الأطفال خصوصا، حيث يؤكد المختصون في قطاع الملابس في الجزائر أن أسعار الملابس المستوردة ستعرف زيادات بنسبة 300 في المائة أي أنها سترتفع أكثر مما هي عليه بـ3 مرات، مما يجعل أغلب الجزائريين، غير قادرين على مواجهتها.
وقال هؤلاء أإنّ الأزمة المتعلقة بأسعار الملابس، ستتفاقم باقتراب عيد الأضحى، في ظل إنتاج محلي لا يتعدى 25 بالمائة، حيث أكدوا أن سعر طاقم كامل للأطفال، من المخزون القديم، لا يقل عن 5000 دج، أمّا الأطقم الجديدة المستوردة، فلن تباع، حسبهم، بأسعار دون 7000 دج بعد عيد الفطر.
وقد انتعشت الحركية في أسواق الملابس في النصف الثاني لرمضان، وزاد النشاط التجاري للتخلص من سلع مكدّسة منذ 3سنوات، مع إبقاء أسعارها القديمة، ورفع أسعار الملابس الجديدة، فيما لجأ الكثير من التجار إلى السوق الالكترونية لبيع “كسوة العيد”، حيث اجتهد هؤلاء في تسويق سلعهم عبر “اليوتيوب” و”الفايسبوك”.

العد التنازلي للعيد.. الأسعار تلتهب!
ومن خلال الجولة الاستطلاعية التي قامت بها “الشروق”، عبر محلات بيع الألبسة في العاصمة، فإن الزيادات، حسب ما أكده لنا بعض الباعة، تراوحت بين 20 بالمائة و25 بالمائة، فأدنى فستان للبنات لا يقل سعره عن 2500دج، وأقل سعر لطقم الأطفال بصفة عامة يدور في حدود 5000 دج.
وعبّر بعض المواطنين، عن عدم رضاهم عن الأسعار ، فكسوة بسيطة لطفل واحدا تتطلب مليون سنتيم على الأقل، أمّا إذا كانت “الكسوة” من محلات الموضة والجودة العالية فإن السعر يرتفع لما يفوق مليوني سنتيم.
وفي هذا الصّدد، قال حاج الطاهر بولنوار، رئيس الجمعية الوطنية للتجار والحرفيين، لـ”الشروق”، إن جائحة كورونا أثّرت كثيرا في سوق الألبسة، وتراجع الاستيراد سبب تكدس السلع القديمة المتواجدة بكثرة في السوق، مما اضطر حسبه، بعض التجار إلى بيع بعضها بأسعار معقولة.
وأكّد بولنوار أنّ السّلع المكدّسة تباع مع اقتراب العيد بأسعار قديمة، حيث تم استيراد بعضها منذ 3 سنوات تقريبا، ولكن الملابس التي استوردت مؤخرا، وهي في الغالب من صنع تركي، تضاعف سعرها.
ويرى بولنوار بأنّ زيادة الطلب هذه الأيام على سوق الملابس لاقتناء كسوة العيد، جعل بعض الباعة يتفهمون وضع بعض العائلات فابقوا أسعار قديمة للسلع المكدسة، وقام بعضهم بتخفيضات تصل إلى 50بالمائة.
ومن جهته، أوضح رئيس الجمعية الوطنية للخياطة والنسيج، عضو المنظمة الجزائرية للتجارة والاستثمار، يعقوب بادوين، لـ”الشروق”، أن أسعار الملابس الجديدة ارتفعت بـ3 مرات، فالتي كانت تباع بـ2000دج قفز سعرها إلى6000دج، وعليه فإن أقل ما يمكن اقتناؤه لن يقل عن 7000دج من الملابس المستوردة الجديدة، والارتفاع طال أيضا أسعار الأحذية التي تعرف زيادات غير مبررة في بعض الأحيان.
وحسب ما رصدته “الشروق”، في محلات الألبسة الرجالية فإن بدلة أنيقة من 3 قطع تتجاوز أحيانا 27 ألف دج، فيما بلغت فساتين عصرية للنساء سعر الـ2 مليون سنتيم، وتقل القمصان الرجالية، أو النسوية المستوردة من تركيا عن 3000دج، بينما المستوردة من دول أوربية فلا تجدها دون الـ4000دج.

البيع بالميزان والتجارة الإلكترونية.. لتعويض الخسائر
ورغم غلاء “كسوة العيد”، إلا أنّ بعض التجار استطاعوا أن يسوقوا سلعهم مستغلين مناسبة عيد الفطر، حيث نجت محلات من الإفلاس والغلق بفضل التخفيضات المغرية والحيل التي تصطاد الزبائن، وهذا ما أكده عضو المنظمة الجزائرية للتجارة والاستثمار، يعقوب بادوين، الذي قال إن بيع الألبسة بالميزان في الغالب عبارة عن خدعة للتشجيع على الشراء.
وأشار إلى أن أوّل محل انتهج سياسة بيع الملابس بالميزان، يتواجد في منطقة قهوة الشرقي ببرج الكيفان، حيث كان يشتري من دول أوربية، هذه السلع بالميزان، ولكن بعد ذلك وجدها الكثير من التجار طريقة جيدة للتخلص من مخزون مكدس.
وأكد يعقوب بادوين أن التجارة الإلكترونية، والترويج للمحلات عبر “اليوتوب” و”الفايسبوك” باستغلال “كسوة العيد”، انعشت تجارة محلات تقع في أماكن غير معروفة، وبعيدة عن أعين أغلب الزبائن، حيث تمكن المواطن، حسبه، من اكتشاف أنواع من الألبسة ومقاييس وموديلات تليق به.

بعد نفاد المخزون المكدس.. أين الحل؟
وقال حاج الطاهر بولنوار، رئيس الجمعية الجزائرية للتجار والحرفيين، إن إشكالية ارتفاع أسعار الملابس في الجزائر، تتمثل في نقص الإنتاج المحلي الذي لا يتعدى، حسبه، نسبة 25 بالمائة، حيث بمجرد الغلق الذي فرضته جائحة كورونا، ظهرت آثار ذلك في قطاع الألبسة، لسيطرة المنتج المستورد على المحلي.
وفي السياق، أكّد صاحب محلات بيع الملابس المستوردة والمحلية، ورئيس الجمعية الوطنية للخياطة والنسيج، يعقوب بادوين، أن الحركية التجارية التي شهدتها سوق الألبسة قبل رمضان وخلاله، مكنت بعض التجار من التخلص من السلع المكدسة، ومع الأيام الأخيرة للشهر المبارك، سينفذ المخزون القديم، حيث تبدأ الملابس المستوردة الجديدة في الانتشار عبر المحلات وبأسعار خيالية تقع أمامها الكثير من العائلات الجزائرية عاجزة.
وأوضح أن بعد عيد الفطر وباقتراب عيد الأضحى، ستلتهب أسعار الملابس المستوردة، وحتى ذات الصنع المحلي لأن المواد الأولية هي الأخرى غالية، فرغم توفر الملابس إلاّ أنّ الغلاء سيجعلها ديكورات في المحلات، لا يقترب منها” الزوالي”.

بنغلاديش.. نموذج يقتدى به
ومن بين الألبسة المنتشرة في السوق الجزائرية تزامنا وعيد الفطر، تلك المنتجة في دولة البنغلاديش، الواقعة جنوب شرق قارة آسيا، حيث قال يعقوب بادوين، إن 50 بالمائة من السلع المستوردة من تركيا هي من صنع بنغلاديش، ناهيك عن السلع التي تستورد منها مباشرة، حيث تأتي في المقدمة، الصين، وتركيا والبنغلاديش، ثم إسبانيا.
وحسب دراسة استطلاعية قامت بها المنظمة الجزائرية للتجارة والاستثمار، فإن جمهورية البنغلاديش الشعبية، فتحت الاستثمار للأجانب في بلدها، حيث وجد هؤلاء تسهيلات مكنت من فتح مصانع النسيج، كما أن سلع هذا البلد تتمتع بجودة متوسطة وأسعار معقولة.
وقد استغلت تركيا، حسب يعقوب بادوين، لجوء السوريين الذين كان يملكون مصانع ألبسة ونسيج في بلادهم، في الاستثمار في الملابس وتصديرها، حيث قال إن مستوردي الألبسة غيروا وجهتهم إلى تركيا والبنغلاديش بعد أن كانت الصين في المقدمة.

هذه حقيقة الصناعة المحلية للملابس في الجزائر
وتوقع حاج الطاهر بولنوار رئيس الجمعية الجزائرية للتجار والحرفيين، أن تكون كسوة عيد 2022، بداية ثورة للنهوض بالمنتوج المحلي للملابس، حيث قال إن زيادة الإنتاج ستظهر في غضون العامين القادمين، وأن السوق عشية عيد الفطر يعرف رواج ملابس للأطفال والرجال والنساء من صنع جزائري.
وحول ذات الموضوع، قال عضو المنظمة الجزائرية للتجارة والاستثمار، عبد الحميد عاشور، صاحب أقدم شركة للألبسة الجاهزة في الجزائر تيك ستايل”، إن أسعار الملابس المحلية تبقى غالية مثل المستوردة لأن الضريبة المفروضة على استيراد المواد الأولية للخياطة تحسب بنفس قيمة ضريبة الألبسة الجاهزة المستوردة، وهذا حسبه، ما يعرقل نشاط المصانع والورشات في الجزائر.
وأكد المتحدث ارتفاع تكاليف استيراد المواد الأولية ونقصها خاصة “لاستيك”، و”الأزرار” والقماش، التي قفز سعرها بنسبة 300 في المائة، وهو ما يعد أكبر مشكل يواجه أصحاب ورشات الخياطة، فمقابل العدد الكبير لهذه الورشات يبقى الأمر متعلقا بتطوير صناعة وطنية لمستلزمات الخياطة.

20 ألف ورشة.. وأسواق الملابس المحلية دون معالم!
وفي ذات السياق، راسلت المنظمة الجزائرية للتجارة والاستثمار، وزيرة التجار كمال رزيق، حول مشاكل تتعلق بالإنتاج المحلي للملابس، وباستيراد المواد الأولية لورشات الخياطة، وقال عضو المنظمة، يعقوب بادوين، إن غياب سوق محلي للملابس الجزائرية يمثله بنسبة 100 بالمائة، يجعل الإنتاج بدون معالم، ولا يشجع على التعامل معه.
وأوضح، بادوين، أن المشكل أيضا يتعلق برزنامة أسواق الجملة للملابس المستوردة، والمحلية، التي تعرقل التجار في نشاطهم، حيث تتغير الأيام والساعات الخاصة بفتح هذه الأسواق من حين لآخر.
وللنهوض بالمنتج المحلي، حسب يعقوب بادوين، لا بد من قرارات صارمة، حيث كشف عن إحصائيات تتعلق بعدد ورشات الخياطة في الجزائر، وهذا حسب التقرير الذي أعدته المنظمة الجزائرية للتجارة والاستثمار خلال 2020 إلى 2022، حيث يوجد 7662 ورشة خياطة تملك سجل تجاري، و2351 شركة خياطة معترف بها في صناعة الألبسة والنسيج، و19860 بطاقة حرفي تخص الخياطة، و12388 ورشة تنشط دون سجل تجاري عبر 12 ولاية جزائرية.
وتأتي 9 ولايات في مقدمة قائمة الولايات التي تضم ورشات خياطة بسجل تجاري، ويتعلق الأمر بولاية تيزي وزو بـ 751 ورشة تليها ولاية وهران بـ702 ورشة، وولاية بجاية 322 ورشة، وسطيف 318 ورشة، والبليدة 218 ورشة، وتلمسان 161 ورشة، جيجل 148 ورشة.

التكوين لا يواكب العصر
ودعا المختصون في قطاع تجارة الألبسة والنسيج، إلى تطوير التكوين في صناعة الألبسة والخياطة، حيث قال حاج الطاهر بولنوار، إن عودة نشاط ورشات الخياطة لتعويض النقص الحاصل في المنتج المحلي للألبسة، يجب أن يتبعه تطوير عصري في التكوين المهني، مضيفا أنّ هناك حسبه، ألف ورشة مختصة في ألبسة جاهزة للأطفال، و3 آلاف ورشة للخياطة مسجلة لدى الجمعية الوطنية للتجار والحرفيين، لا يمكن أن تطور إنتاجها إلا بتكوين جيد وعصري.
ومن جهته، يرى عضو المنظمة الجزائرية للتجارة والاستثمار، يعقوب بادوين، بأن هناك تعاطي مستمر مع برنامج كلاسيكي في معاهد التكوين، يمتد إلى عهد الرئيس هواري بومدين، حيث قال: “إننا في 2022، والتكوين في الخياطة يقتصر على تثبيت “العقاش” على القماش!”.

شيفون تجار “الكابة” يغزو الأسواق عشية العيد
وقال يعقوب بادوين بخصوص سوق الملابس المستعملة أو ما يعرف بـ”الشيفون” في الجزائر، إن هناك أسواق شعبية تستهوي محدودي الدخل مثل سوق درقانة وبومعطي بالحراش، و”سوريكال”، تباع فيها الملابس القديمة وبعض الأحذية والإكسسوارات كحقائب اليد، التي تم جلبها عن طريق “الشنطة” خاصة المسافرين عبر البواخر إلى الدول الأوربية.
وأكد بادوين أن هناك الكثير من الجزائريين، لا يزالون يبحثون عن الألبسة وسط محلات وأسواق بيع “الشيفون”، حيث توجد بعض الماركات العالمية رغم أنها بالية، إلا أنها تستقطب بعض الزبائن، مؤكدا أن كميات من الملابس المستعملة دخلت السوق الجزائرية في الآونة الأخيرة بعد جلبها عبر حقائب المسافرين لدول أوربية عبر البواخر.
وتبقى أسعار ملابس “الشيفون” هي الأخرى، غير مناسبة للقدرة الشرائية المتدهورة عند شريحة واسعة من الجزائريين البسطاء، حيث يقوم بعض التجار بتلميعها، وبيعها بأسعار أقرب إلى تلك المستوردة.

حساني: السوق الموازية وراء غياب المعلومات الدقيقة لتجارة الألبسة
ومن جهته، قال رئيس الفيدرالية الوطنية للتصدير والاستيراد والتجارة الدولية، محمد حساني، لـ”الشروق”، إن الجزائر تفتقر لإحصائيات دقيقة حول كميات الألبسة المستوردة، وكذا الغلاف المالي الخاص بهذه العملية، قائلا إن السوق الموازية تسوق الكثير من الملابس الأجنبية والمحلية، مما يجعل المعلومات الدقيقة حول قطاع تجارة الملابس غير متوفرة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!