-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

بين العادات والعصرنة.. مقبلات على الزواج في مواجهة الغلاء الفاحش

نسيبة علال
  • 411
  • 0
بين العادات والعصرنة.. مقبلات على الزواج في مواجهة الغلاء الفاحش

تقبل العروس، بعد الخطبة مباشرة، على تجهيزات الزفاف. وحتى وإن كان هذا الأخير في ميعاد بعيد، فإن أول ما تفكر فيه، هو شراء الملابس والإكسسوارات، وكل ما يتعلق بالجمال والتنظيم والديكور.. أغراض كثيرة لا تحصى، والقائمة مفتوحة دائما، بينما الميزانية محدودة لدى الكثيرات.

كثرة البرستيج تجبر عرائس على نفقات هن في غنى عنها

ليس كالسابق، فتجهيزات العروس لم تعد تقتصر على بضعة فساتين متنوعة وأغراض شخصية.. لقد أصبح الأمر أكثر تعقيدا وتكليفا.. الهدايا، التوزيعات، صناديق الحفظ، الديكورات المختلفة.. كلها شكليات لم يكن لها لزوم، أصبحت ترهق كاهل العروس. في الوقت ذاته، لا يمكنها التخلي عنها بسهولة، نظرا إلى انتشارها وتحولها تدريجيا إلى عادات، تراها بسمة تافهة وواجبة: “كم كنت أمقت تضييع المال في مثل تلك التفاهات، التي لا تنفع العروس ولا حتى تعيد استعمالها. وما يأخذه المدعوون والمعارف، سيثير ثرثرتهم، تماما كما لو أنهم لم يُمنحوا شيئا. ولكن، عندما اقترب زفافي، وبعدما فرغت من شراء كل الضروريات، وجدت أنه من غير اللائق نقلها دون زينة، ثم تذكرت أنه يمكن لعائلة زوجي ألا يرحبوا بي، إذا لم أخصهم بهدايا تناسب أذواقهم الرفيعة.. وعليّ أيضا، أن أرتب ديكورا للتصوير، وأن أنفق على التغليف والتوزيعات، وتفاصيل كثيرة أخرى، لم تكن أبدا في الحسبان”.

العادات تضيق على العروس وأهلها

المفترض، أن تأخذ العروس إلى بيت الزوجية مستلزماتها الضرورية الخاصة، وبعض اللباس. وهو المعمول به، في غالبية دول العالم. ليس عليها أن تتكبد عناء مصاريف أخرى. وهذا، عين المنطق، وللعادات رأي آخر. فهي تفرض على معيل العروس نفقات، سيكون مرتاحا أكثر لو استغنى عنها. في مناطق كثيرة من الوطن، يتوارث الناس عادات، بعضها مؤسس وهادف، وآخر استمر من جيل إلى جيل، لا نفع منه يذكر. بالعكس، قد يسبب خسائر مادية وندما، إذ على العروس شراء بعض الأفرشة الصوفية الثقيلة، التي تركها الناس من زمن، ومع هذا، لا تزال أسعارها مرتفعة، وسيكون عارا عليها، إن لم تفعل.. ولا يهم أهل الزوج إن كانت ستستعملها أم لا. في مناطق أخرى، يتوجب على الفتاة، بعد خطبتها، التوجه إلى الخياطة، لتصنع لها ثوبا تقليديا ثقيلا، يكون خاصا بها، ويكلفها الملايين، إذ ليس عليها كراؤه أو استعارته من أخرى، لأن ذلك دليل على عدم اقتدار أهلها وتقييمهم لها، فضلا عن أنواع الهدايا التي يشترط عليها إحضارها، وأصناف الحلي.. يقول الخبير في الشأن الاجتماعي، الأستاذ لزهر زين الدين: “بلغنا زمنا تنفق فيه العروس، ويتدين أهلها لترضي الناس وتتعس هي، فما نراه اليوم من مظاهر الترف في الأعراس، وخاصة تلك التي تفرضها العادات فرضا، ليس لإسعاد العروس في حد ذاتها، فأغلب ما تنفق عليه لا تستفيد منه، وما يصنع من الأمر أزمة حقيقية، هو ارتفاع الأسعار بشكل جنوني.. وهذا، ما يقف خلف أغلب المشكلات التي تستفيق عليها المتزوجات حديثا، مع أزواجهن وعائلاتهم. فالمهر، رغم ارتفاع قيمته أيضا، ليس كافيا، ومهما أنفقت العروس، ستظل مقصرة وغير ملمة بذلك الكم من العادات التي تفرض عليها في اللباس والحلويات والأطعمة وباقي التجهيزات المفضلة”.

قائمة مفتوحة وميزانية مغلقة

ليست كل عروس لها وظيفة تنفق منها، ولا كل عروس والدها ميسور حال، فمن الفتيات من تكابر نفسها وتكبح أحلامها ورغباتها، لتتمكن من شراء بعض الأساسيات فقط من مهرها، تقول خولة: “قدم لي زوجي مهرا بقيمة 20 مليونا، وكنت قد حددت قائمة من الأساسيات فقط، اكتشفت أنه لا يمكنني جلب حتى نصفها..” ككل فتاة، كنت كلما انبهرت بفكرة جميلة أو ملابس أو مستلزمات تخص العروس، حفظتها في هاتفي، وبدأت العمل والادخار، على أمل أن أتمكن من شراء كل ما حلمت به، إلى حين خطبتي، حين اكتشفت أن كل مدخراتي لا يمكن أن تجلب لي سوى فستان فخم، من التي تمنيتها.. الأسعار غالية جدا، والعروس تحلم وتتمنى بأكثر مما هي مطالبة به، لكن، لا أظن أن الجميع قادر على تلبية كل متطلبات عصرنا”. رأي يوافقه الأخصائيون، حيث تشير الخبيرة في علم الاجتماع، الأستاذة مريم بركان، إلى أن “هناك دائما جديدا بلغة الأنظار والقلوب في شتى المجالات، اللبس والحلويات وتنظيم وديكور الأعراس وغيرها.. تحلم به كل فتاة مقبلة على الزواج، ولا تنال كله بفعل الغلاء. لهذا، علينا، كمختصين، أن ننشر الوعي، نظرا إلى كون الكثيرات أصبحن يشعرن بالدونية، ويفقدن الثقة بالنفس، لكونهن عاجزات عن مواكبة العادات والعصرنة.. فالأهم، التركيز على الحياة الزوجية وجودة المشاعر وتطوير القدرات، لتحمل المسؤولية واحتواء الزوج والأطفال.. أما الماديات، فزائلة متغيرة، ينساها الناس سريعا، ويمكن تحصيلها مع الزمن”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!