-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

بيانُ عزل!

بيانُ عزل!
ح.م

غضبٌ أمريكي مفاجئ نزل على كاهل الرئيس التركي طيب رجب أردوغان، إثر استقباله إسماعيل هنية قائد حركة حماس، عبَّرت عنه وزارة الخارجية الأمريكية في بيان لا يخلو من التهديد بـ”عزل” أنقرة.

البيت الأبيض التزم الصمت، ووزارة الخارجية أطلقت رفضا أمريكيا وصفه مراقبون سياسيون بـ”بيان العزل”، وهي ترى قادة “حماس” في قصر وحيد الدين باسطنبول بضيافة أردوغان رفقة رئيس الاستخبارات ورئيس دائرة الاتصال الرئاسي، وكأنه أمرٌ يحدث لأول مرة وينطوي على أهداف خفية أزعجت واشنطن.

بيان الخارجية الأمريكية جاء مفاجئا بلهجته التهديدية، وهي ترى أن تركيا استقبلت من وصفتهم بـ”الإرهابيين” الذين رصدت واشنطن مكافأة مالية لمن يساعد في اعتقالهم، بينما لم ينقطع البيت الأبيض عن الإشادة بالحليف التركي في ظل قيادة أردوغان.

علاقة حركة حماس بحزب العدالة والتنمية التركي الحاكم، علاقة عقائدية، يحكمها التوجُّه الإسلامي في تنظيم سياسي عالمي، أمرٌ لم تُعره واشنطن اهتماما، فما تراه أن الأمر يعدّ خروجا غير مسموح به لحليف من دائرة الالتزام بسياستها في “مكافحة الإرهاب” الذي وضعت له ميزانا خاصا.

لكن التساؤل الذي يفرض نفسه هو: ما سرّ الغضب الأمريكي على أردوغان وهو يستقبل هنية والوفد المرافق له، بينما ينظر إلى زيارة المبعوث القطري إلى غزة قادما من تل أبيب ولقائه بقيادة حماس كأمر عادي لا يستحقّ غضب الخارجية الأمريكية، رغم أن قطر تحمل حقيبة مساعدات مالية وطاقوية سمحت بها سلطات الكيان الإسرائيلي لهذا القطاع المعزول؟

“السلطات الإسرائيلية” لم تغضب كما غضبت واشنطن في بيانها الدبلوماسي، ولم تر في لقاء أردوغان – هنية خطرا على أمنها، في الوقت الذي كانت تنسِّق فيه مع المبعوث القطري قبل انتقاله إلى غزة، هذا ما يعني أن تركيا لا تحظى برضا إدارة البيت الأبيض رغم التوافق النِّسبي معها في بؤر التوتُّر التي تشهدها ليبيا وسوريا والعراق، وهي تحذرها بخطاب دبلوماسي من عزلة دولية قد تحاصرها قريبا.

تركيا تلقت في ذات الوقت الخطاب الحاد الذي ألقاه المرشح الرئاسي جو بايدين في حملته الانتخابية المتضمن سعيه حال دخوله البيت الأبيض نحو دعم المعارضة التركية لإسقاط أردوغان دون اللجوء إلى خيار الانقلاب العسكري.

التقاء خطاب بايدن مع سياسة إدارة البيت الأبيض التي جسدها بيان وزارة الخارجية الأمريكية، في انتقاد السياسة التركية التي يقودها حزب العدالة والتنمية “الإسلامي”، يعني أن الغضب الأمريكي “الدولة العميقة” أبعدُ من رفض لقاء أردوغان – هنية في اسطنبول، ليصل إلى فك الارتباط بحركة الإخوان المسلمين وتجميد أنشطتها التي طالما أزعجت واشنطن التي تسعى إلى عزلها في هذه المرحلة التي تشهد متغيراتٍ دولية تفرض اعتماد خارطة جديدة للقوى المؤثرة في منطقة الشرق الأوسط.

تحديات جديدة في مواجهة أردوغان وحزبه الحاكم، فكيف سيواجهها داخليا ودوليا حفاظا على كيان سياسي أيديولوجي مهدد بـ”العزل”؟

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • محمد

    لو فهم كل المسلمين عربا وعجما أن باقي العالم المسيحي وغيره الغربي خاصة يعتبر من ينطق بالشهادة عدوا لا يجوز الاعتماد عليه ولا الثقة فيه ولعلموا أنهم حتى ولو قدموا خدماتهم الدنيئة لهم وباعوا أوطانهم وأهليهم قربات لهم وما يملكون من كرامة لوجدوا أنفسهم في نفس الموقع الأسفل من النار في رأيهم.إذن إذا كنا في أي موقع في صفهم أو معاندين لهم فنحن كلنا إرهابيون في نظرهم لا ينتظرنا منهم إلا التهديد والعقاب طال الزمن أم قصر.لا نقول ذلك عن جهل أو غباء إنما تجربتنا معهم خاصة أيام الاستعمار وحتى في مدارسهم رسخت فينا تعاملهم معنا وما يكونوه لنا من أضغان وأحقاد دفينة وإن كانوا مثقفين.علينا أن نعتبر التاريخ فقط