-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

بريطانيا تغادر أوروبا نحو الحضن الأمريكي

بريطانيا تغادر أوروبا نحو الحضن الأمريكي
ح.م

بريطانيا لا تتفق مع مشروع “أمة أوروبية” تستعيد أمجاد الإمبراطورية الرومانية التي خاضت معها حروبا على مر التاريخ لا تمحوها الذاكرة، فهي المعتدة بنفسها من قبل، لا ترى أمة غيرها، ولا تسمح بإنشاء أمة موحدة تنافسها في أوروبا.

الحلم الأوروبي القديم في “أمة موحدة” كانت بريطانيا تترصده على الدوام، وهي ترى صراعا أوروبيا على امتداد العصور يعرقل قيامها، والتاريخ يلقي بثقله على الزمن الحاضر، نظرة تتغير، والحروب لم تعد قتالا في جبهات المواجهة .

لم تكن بريطانيا شريكا يتوافق مع الحلم الأوروبي القديم منذ انهيار الإمبراطورية الرومانية، التي كانت تمتد حول البحر الأبيض المتوسط، فشل نابليون بونابرت في القرن التاسع عشر في تحقيقه، كما فشل حلم أدولف هتلر في أوروبا موحدة لها امتداد كبير في آسيا وإفريقيا .

بدايات في وحدة جمركية مشتركة، ارتقت إلى قيام الاتحاد الأوروبي وفق معاهدة ماستريخت الموقعة عام 1992 التي تنقل صلاحيات الدول القومية، إلى المؤسسات الدولية الأوروبية.

انضمت بريطانيا إلى الاتحاد الأوروبي، بشروط تضمن خصوصيتها، في مجال الحفاظ على عملتها القومية “الجنيه الإسترليني” ووحداتها القياسية، وعدم الالتزام بتأشيرة الدخول الأوروبية إلى الأراضي البريطانية.

شعور قومي يتنامى في بريطانيا برفض البقاء في الاتحاد الأوروبي الذي يحملها أعباء مالية، تذهب إلى دول أوروبية فقيرة لا تتكافأ مع منزلة ومكانة “المملكة المتحدة” دعاها إلى إعلان رغبتها بالخروج من الباب الواسع عام 2016، وإتمام الخروج رسميا في 1 فيفري 2020 .

خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي كلفها إسقاط حكومتين وإجراء استفتاء شعبي، وغرامات مالية، وفقدان امتدادات اقتصادية حيوية في محيط تبلغ مساحاته 4,476,000 كم² ويضم 28 دولة يبلغ سكانها ما يزيد على 512 مليون نسمة.

قراءة أولى ترصد حجم الخسائر البريطانية على الصعيدين السياسي والاقتصادي، التي لم تأبه بها لندن وهي تنزل علمها الذي كان مرفوعا في بروكسل، وكأنها إزاء بدائل إستراتيجية أفضل ..!!

خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، يتظاهر في شكله قرارا قوميا محضا، لكن في جوهره يبدو تنفيذا لإستراتيجية ستؤدي لانقسام العالم الغربي/ الأوروبي سياسيا واقتصاديا، تقف وراءها الولايات المتحدة الأمريكية التي شجعت على تنفيذ القرار البريطاني.

الولايات المتحدة الأمريكية تتجه الآن نحو إبرام اتفاقية اقتصادية شاملة مع بريطانيا، لتخفيف حجم الخسائر التي ستلحق بها من جراء خروجها من الاتحاد الأوروبي، رسالة صريحة نقلها مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون في زيارة إلى لندن التي تعاني من انكماش اقتصادي.

مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة بين بريطانيا وأمريكا، انطلقت منذ العام الماضي، ومازالت متواصلة رغم تعثر ملف الخدمات المالية، ويديرها الممثل التجاري الأمريكي روبرت لايتهايزر ونظيرته البريطانية ليز تراس.

هذه المعطيات تجعل المراقب يتساءل إن كان قرار بريطانيا بالخروج من الاتحاد الأوروبي مستقلا في دوافعه، أو كانت ملزمة بتنفيذه رغم تداعيات خسائره الكبرى؟؟

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • Aziz benkouider

    فرنسا هي الدولة الوحيدة المستفيدة من الاتحاد الاروبي مقارنة ببريطانيا والمانيا