-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الوقت ينفد

الوقت ينفد

تُفاجئنا المقاومة الفلسطينية، وتُخجلنا أحيانا، بأدائها العسكري والتكتيكي والإعلامي الراقي.. وفي كل مرة، تترك رسالة بليغة، مفادها “الوقت ينفد”. وإذا كان العدو الصهيوني قد جرّ الحرب إلى شهرها الثامن بمجازره، ويطمح أن يزيد، فإن ضربات القسّام المتتالية تذكّره، من باب الذكرى التي لا تنفع غير المؤمنين، بأن الوقت ينفد فعلا.

وما عاد الصهاينة يتطبّبون من ضربة إلا وجاءتهم أخرى، من أبطال، ما عرفنا مثيلا لهم في كتب البطولات والأساطير.

لم يَصدُق رجال المقاومة ما عاهدوا الله عليه فقط، بل صدقوا ما قالوه منذ بداية الحرب، فكانوا أرأف على اليهود من قادتهم، وفي كل مرة، يذكّرونهم بأن الوقت ينفد.

مرّت الأشهر الثقيلة القاسية على الشعب الفلسطيني، وكانت على اليهود أيضا، وما حرّكت القوة الأمريكية الداعمة للكيان الصهيوني شعرة من صمود المقاومة، التي لم تكتف بالدفاع التكتيكي العجيب، ونقلت- بعبقرية-الخوف إلى المعسكر النازي، فأسرت في اليومين الأخيرين جنودا، وقصفت تل أبيب، وحوّلت عطلة وتنزّه المستوطنين إلى رعب وجحيم، ولا أحد يلوم المقاومة، فقد قالت وكررت: الوقت ينفد.

لقد قال نتنياهو وغالنت، وكرّرا، إن الهدف من الحرب هو استعادة الأسرى من أيدي أبناء القسام، ومرّت الأسابيع والأشهر، وبقي عدد الأسرى لدى المقاومة على حاله، عفوا، بل زاد نفرا، وما صدقت نتانة نتنياهو ولا غلوُّ غالنت، وصدقت المقاومة عندما نصحتهم: الوقت ينفد.

باشرت “إسرائيل”، في الثامن من أكتوبر، أكاذيبها التي رافقت حربها المجنونة على الحياة في غزة، فلعبت دور المظلوم، الذي تعرَّض أطفاله لقطع الرقاب ونساؤه للاغتصاب ومدنيوه للتقتيل الحاقد، وجمع من حوله دول الغرب المتحرِّكة، ودول العرب الصامتة، وظن أن الحسم سيأتيهم قبل أن يرتدَّ طرف الحلفاء، وباشر الصابرون المتوكلون على الله، المُعِدّون ما استطاعوا من قوة، العمل في صمت وإصرار، ولم تلفظ أيام الحرب أنفاسها، حتى بدأت الدول تسحب سفاراتها من تل أبيب، وأخرى تعترف بالدولة الفلسطينية، وانكشفت كل الأكاذيب الصهيونية، وبقيت المقاومة وحدها صادقة، لأن الوقت فعلا ينفد.

تركت المقاومة لكل العالم، الخيار، ما بين مدينتها الفاضلة ومقاومتها النبيلة، وما بين نذالة الصهاينة وحربهم القذرة، وتركت لأبناء جلدتها فرص الانضمام إليها ولو بأضعف الإيمان، فكان كل يوم يمرّ إلا وترتقي دينا ودنيا، وينزل الصهاينة ومن سار على نهجهم إلى الحضيض، ومع ذلك، ما أصابها الغرور، وظلت بأعلى صوتها وبأخفته تقول: الوقت ينفد.

هو “طوفان الأقصى”، الذي جرف الصهاينة والطغاة والمطبّعين، فما ترك مكانا في العالم إلا وبلغه بنسائمه، من كولومبيا إلى بوليفيا إلى جنوب إفريقيا وإسبانيا والنرويج وإيرلندا، وما ترك للمتجبّرين صولجانا إلا وجرفه، فالبطولات تتجلى، والوقت ينفد.

ما نطقت المقاومة الإسلامية عن عبث وخبل، فقد قصدت العالم بأسره، وقد أعذرت من أنذرتهم، فإما في صف الحق أو في صف الباطل، والوقت كما قالت كتائب القسام ينفد، ومعه تتداعى أركان “إسرائيل”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!