-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
ترسيم الإنجليزية يعزز مخاوف باريس من فقدان الهيمنة اللغوية

الثقافة ومكانة اللغة الفرنسية.. ملفات غير معلنة في زيارة ماكرون هذا الخميس

زهية منصر
  • 1456
  • 0
الثقافة ومكانة اللغة الفرنسية.. ملفات غير معلنة في زيارة ماكرون هذا الخميس
أرشيف

تحظى زيارة الرئيس الفرنسي، إمانويل ماكرون، المرتقبة هذا الخميس إلى الجزائر، باهتمام خاص، حيث تعتبرها الأوساط الفرنسية الزيارة الأكثر حساسية لرئيس فرنسي إلى الجزائر والأكثر أهمية كونها تأتي بعد فترة قطيعة وتردي العلاقات بين البلدين، عقب تصريحات ماكرون المستفزة تجاه الذاكرة، حيث نفى فيها وجود أمة جزائرية قبل الاستعمار وانتهي الأمر إلى سحب السفير.

زيارة ماكرون التي تستغرق 72 ساعة، سيكون فيها النصيب الأكبر للنقاشات الاقتصادية والإستراتيجية خاصة في ظل الحرب الأوكرانية التي عمقت أزمة الطاقة في أوروبا، ولكن حتى في قلب النقاشات الاقتصادية، لن يتواني ماكرون عن التطرق إلى الملفات الثقافة، وتلك المتعلقة بالذاكرة، وفي مقدمتها الأرشيف الذي لا تزال فرنسا ترفض تسليمه، إضافة إلى ملف التجارب النووية في الصحراء الجزائرية الذي قدمت الجزائر بشأنه تقريرا رسميا مفصلا للأمم المتحدة حول ضحايا ألغام الاستعمار الفرنسي في الجزائر، ضمنته الجزائر تفاصيل تأثيرات تلك التجارب على السكان حتى بعد الاستقلال، بالإضافة إلى ملف استرجاع جماجم المقاومين المعروضة في متحف الإنسان بباريس ومدفع بابا مرزوق، وكذا تسوية ملف المفقودين خلال ثورة التحرير وعددهم حوالي ألفين و200 مفقود بحسب بعض التقديرات.

كما لا يستبعد أن يأخذ ملف اللغة الفرنسية حيزا مهما من المناقشات بين البلدين، خلال زيارة الرئيس الفرنسي، خاصة بعد ترسيم قرار تدريس الإنجليزية في الثالثة ابتدائي، الذي يعتبر بحسب بعض المتابعين بمثابة سحب للبساط من تحت أرجل الفرنسية ويعتبر هذا الجانب جد حساس لفرنسا، كونه يضمن لها دوام واستمرار مصالحها الثقافية في الجزائر التي تحرص عليها، ربما أكثر من المصالح الاقتصادية، كي تضمن استمرار تواجدها الثقافي والفكري في الجزائر، التي تشكل لها بوابة نحو إفريقيا خاصة في ظل حرب “الزعامة” والبحث عن إحكام السيطرة والنفوذ بالساحل الإفريقي.

تتخوف فرنسا ليس فقط من ضياع امتيازاتها الاقتصادية في الجزائر، لكنها أيضا حريصة على الإبقاء على نفوذها الثقافي الذي تعمل بكل ما أوتيت من قوة من الحفاظ عليه لأنها تعلم جيدا أن مصالحها محمية ما دامت مهيمنة ثقافيا ولغويا فطالما اعتبرت باريس اللغة الفرنسية أداة نفوذ ثقافي يعزز نفوذها سياسيا واقتصاديا، فهي، وإن كانت الفرنسية ليست لغة رسمية في الجزائر، لكنها أيضا ليست أجنبية تماما وعادة تستغل باريس هذه البوابة للتأكيد على أن الجزائر “حديقة خلفية” لحماية نفوذها اللغوي والثقافي في إفريقيا.

وقد سعت فرنسا بكل ما أوتيت من قوة إلى ضم الجزائر إلى منظمة الفرانكفونية فقد شارك الرئيس الراحل بوتفليقة في قمة بيروت عام 2008 كعضو ملاحظ لكن مجلس الشيوخ الفرنسي سبق وأصدر عام 2017 تقريرا تساءل فيه عن أسباب عدم انضمام الجزائر إلى منظمة الدول الفرانكفونية رغم الانتشار الواسع لهذه اللغة. وفي هذا الاتجاه سعت باريس دائما عبر مؤسساتها في الجزائر إلى تعزيز هذه الهيمنة، وعبر المركز الثقافي الفرنسي الذي حولته إلى معهد لتعزيز أدائه.

في الإطار ذاته، لا تفوت فرنسا أي إمكانية إحكام والمحافظة على هذا النفوذ الثقافي واللغوي عبر مد الجسور مع النخبة أو بعض المؤسسات الجامعية والثقافية في الجزائر، والأكيد أن ماكرون غير مستعد للتفريط في إرث أجداده وسيخصص جزءا من زيارته لطرح هذه الإشكاليات.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!