-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
"الشروق" تنقل حصريا أجواء عمل مقر الأمن العام بالعاصمة

أقطاب التحقيقات الإدارية.. علبة الشرطة الجديدة

نوارة باشوش
  • 5353
  • 0
أقطاب التحقيقات الإدارية.. علبة الشرطة الجديدة
الشروق

في إطار عصرنة جهاز الشرطة وإرساء قواعد أمن متخصص للتحكم في الشق الإداري بصورة دقيقة، استحدثت المديرية العامة للأمن الوطني رسميا، وتنفيذا لتعليمات القيادة العليا للبلاد، أقطابا جديدة خاصة بالتحقيقات الإدارية، أراد من خلالها مسؤولو الجهاز التنفيذي التكفل الجيد بالجزائريين والأجانب، ووضع جدار فاصل مع مسألة طول مدة الإجراءات المعمول بها سابقا.

بعيدا عن السلاح والجريمة.. الانضباط والصرامة
وجه آخر ومهمة أخرى لعناصر الأمن الوطني، تجمع بين الواجب والمحافظة على حقوق الدولة والمواطن معا والسهر على الأمن العمومي والتكفل الجيد بالجزائريين والأجانب على حد السواء، إنهم جنود الخفاء لجهاز الشرطة.. هم رجال أقطاب التحقيقات الإدارية.
على مرمى حجر من “فال ديدرة” أو واد حيدرة بالجزائر العاصمة… يقع القطب الأول للشرطة العامة التابع لأمن ولاية الجزائر، فبعد أن تحصلنا على ترخيص من المديرية العامة للأمن الوطني، تم توجيهنا من طرف محافظ الشرطة آمال هاشمي رئيسة خلية الاتصال بأمن ولاية الجزائر، وقبل أن نبدأ مهمتنا هذه حالفنا الحظ والتقينا برئيس المصلحة الولائية للشرطة العامة عميد الشرطة عبد القادر بكنونو، بمكتبه الكائن بمقر أمن ولاية الجزائر، أين تلقينا شروحات مفصلة حول استحداث أقطاب التحقيقات الإدارية والأهداف الحقيقة من وراء تفعيلها، وكشف لنا الضابط الأمني أنه تنفيذا لتعليمات القيادة العليا للبلاد، قررت المديرية العامة للأمن الوطني إخراج الشرطة العامة عن أمن الدوائر على مستوى إقليم ولاية الجزائر العاصمة، كمرحلة أولية، في انتظار مخطط تعميمها على مستوى جميع ولايات الوطن، وهذا حرصا من القيادة العليا على تخفيف الأعباء وخدمة المواطن.
وقال بكنونو: “على هذا الأساس تم استحداث ثلاثة أقطاب للشرطة العامة والتي تتكفل بجميع التحقيقات الإدارية التي تطلبها الجهات المعنية، أو ما يعرف بالضبط الإداري، إذ تم توزيعهم على الجهات الثلاث للعاصمة، الوسط يقع في بئر مراد رايس والشرق بالدار البيضاء والغرب بدالي إبراهيم، ويدخل هذا في إطار الاستراتيجية التي سطرتها المديرية العامة للأمن الوطني المتعلقة بالتكفل بالمواطن الجزائري والأجنبي أحسن التكفل من جهة ومن جهة أخرى ربحا للوقت، إذ أن المعمول به سابقا، هو أن التحقيقات الإدارية تأخذ وقتا يصل إلى 4 أيام كاملة حتى يتم منح الترخيص لأي شخص أو شركة أو أجنبي، أما حاليا فإن العملية تتم آليا أي الترخيص يُمنح في الحين”.

جنود الخفاء.. عين لا تنام ومسؤولية ثقيلة


عقارب الساعة كانت تشير إلى الساعة العاشرة والنصف صباحا، عندما أنهينا لقاءنا مع رئيس المصلحة الولائية للشرطة العامة عميد الشرطة عبد القادر بكنونو، لنغادر المكان متجهين رفقة محافظ الشرطة آمال هاشمي رئيسة خلية الاتصال بأمن ولاية الجزائر، إلى قطب الشرطة العامة الكائن ببئر مراد رايس، وكانت “الشروق” أول وسيلة إعلامية تدخل هذا المكان.
يبدو للعيان أنه مقر عادي فلا حراسة ولا تشديدات أمنية ولا كثافة في الحركة بمحيطه الخارجي.. إلا أن الدخول إليه ليس كالخروج منه.. عالم مثير اكتشفناه ونحن ندخل لأول مرة “القلب النابض للأمن الوطني”، والأروع فيه طاقمه الشاب من نساء ورجال الشرطة المتميزين بإتقان عملهم واحترافيتهم، مما يجعل من القطب مفخرة جهاز الشرطة لمساهمته في تحقيق الأمن والأمان والسهر على راحة المواطن الجزائري والرعايا الأجانب، إذ يسهل لهم الحصول على التراخيص بكل أشكالها وأنواعها، كما تعمل طواقمه جاهدة على حماية صحة المواطن وحماية الأمن العمومي بطريقة أو بأخرى.
كان باستقبالنا رئيس القطب الأول للشرطة العامة، عميد الشرطة عيسى بسكري، الذي رحب بنا ورافقنا مع عدد من الضباط في جولة عبر مكاتبه والبداية من مكتب الاستقبال، أين استقبلتنا عون الشرطة بابتسامة عريضة، وكما يقال “لكل مقام مقال”، فهي تستقبل الجزائريين والأجانب الذين يقصدون المكان من أجل إيداع طلباتهم وملفاتهم أو من أجل الاستفسار، وهي تقوم بمهمة التكفل بهم على أحسن وجه وتوجيههم كل حسب مقصده.

القلب النابض للقطب


وبعدها انتقلنا إلى مكتب التحقيقات الإدارية الخاصة بالأجانب.. ففي هذا المكان لا مجال للتقاعس، لأن الخطأ سيعرض صورة الجزائر في الخارج للخطر.. الكل مجند يعكف على دراسة الملفات المتواجدة أمامه، التدقيق مهم جدا، كما صرح لنا رئيس فرقة الأجانب محافظ الشرطة أحمد حمدون، قائلا: هدفنا الأول هو التكفل الجيد بالأجانب وضمان راحتهم وتسهيل طلباتهم وهي الغاية التي نسعى وتسعى المديرية العام للأمن الوطني إلى الوصول إليها”.
وبلغة الأرقام كشف لنا هذا الضابط الأمني، أن عدد الملفات المطروحة على مصالحهم منذ استحداث القطب الأول شهر أكتوبر المنصرم يقدر بـ 4700 ملف، موزعة كالتالي: بطاقة إقامة الأجنبي 1061 طلب، التحقيقات الإدارية المتعلقة بتأشيرة الدخول إلى الجزائر 233 طلب، عرائض التسوية على غرار “الإقامة غير شرعية، أو إعادة تحديد الرخصة” وصلت إلى 50 عريضة، التحقيقات الخاصة بالحصول على الجنسية الجزائرية هناك 10 طلبات، إضافة إلى التحقيقات التكميلية الخاصة بحيازة أجنبي لنشاط التجاري.
وبخصوص الجنسيات التي تتوافد على القطب، قال لنا محافظ الشرطة أحمد حمدون، أنها عديدة لكن أغلبها “الصينية، الفرنسية، التونسية والمغربية”.
تركنا مكتب الخاص بالأجانب الواقع في الطابق الأرضي، لنتجه إلى الطابق العلوي حيث تتواجد مكاتب التحقيقات الإدارية الخاصة بالجزائريين أو المحليين كما يطلق عليهم.. طفنا بجميع المكاتب المتمثلة في مكتب التجارة المنظمة، مكتب التحقيقات الإدارية المتعلقة برخصة الاعتماد، ثم مكتب المحلات التجارية، يليه مكتب مخططات الأمن الداخلي للمؤسسات التي تتكفل بعدة تحقيقات، على شاكلة مراقبة الفنادق ومنح رخص الاستغلال من أجل إنشاء المحطات الهوائية، وكذا دفتر مقاعد سيارات الأجرة، كما يحرص هذا المكتب على منح أي رخصة للمسبوقين قضائيا.
وفي عين المكان، علمنا أن هذا المكتب أي مكتب مخططات الأمن الداخلي للمؤسسات هو من تكفل بمراقبة وأمن المخطط الأمني للفنادق خلال القمة العربية المنعقدة في الجزائر شهر نوفمبر من عام 2022، إلى جانب الألعاب المتوسطية التي جرت أحداثها بوهران السنة الماضية.
وانتهت جولتنا بزيارة آخر مكتب للقطب الأول المتمثل في مكتب التجهيزات الحساسة والمواد الخطيرة، الذي يشرف بدوره على المعاينة الميدانية لأماكن التخزين، وهل يتوفر على الشروط الملائمة من تهوية وحراسة وغيرها، وهذا قبل أن يتم منح رخصة الاستغلال للشخص الذي أودع طلب في هذا الشأن.
وفي إطار تنفيذ مهام الشرطة العامة، فإن رجال الشرطة للقطب الأول مكلفون أيضا بالتنقل إلى الميدان ومراقبة المحلات والمتاجر والمطاعم من أجل الوقوف على مدى التزام أصاحبها بشروط النظافة، حماية لصحة المستهلك وأمنه، والسهر على احترام النصوص التي تنظم نوعية السلع والخدمات الموضوعة للاستهلاك وتحسينها، إذ تتم الرقابة بالتنسيق مع الهيئات المختصة، قصد الوصول إلى اكتشاف أعمال الغش والتزوير ومخالفة التشريع الساري والعمل به في مجال نوعية السلع والخدمات.
ونحن نصول ونجول في مكاتب القطب الأول للشرطة العامة ببئر مراد رايس، وقفنا على العمل الجماعي لضباط وأعوان القطب، كأنهم خلية نحل فالكل منشغل في عمله، وسط أجواء عمل حقيقية، يحضر فيها العقل والضمير المهني والاحترافية ويغيب فيها الخمول وقلة التركيز، يدققون ويمحصون في كل الملفات.. لا مجال للخطأ لأن وقوعه يكلف ثمنا غاليا جدا.

“الرقمنة” لضمان النزاهة والشفافية


كان اللقاء الأخير في القطب مع رئيس القطب الأول للشرطة العامة، عميد الشرطة عيسى بسكري، الذي رافقنا طيلة إنجاز عملنا هذا، وخلال دردشتنا معه، شدد على أن الهدف الأسمى الذي يصبو إليه القطب الأول للشرطة العامة ومن ثم المديرية العامة للأمن الوطني، هو خدمة والسهر على راحة المواطن الجزائري والأجنبي من جهة ومن جهة أخرى، فإن استحداث هذه الأقطاب يدخل في إطار الجهود الرامية إلى تحسين الخدمة وتقريب الإدارة العمومية من المواطن، كما يندرج أيضا في إطار تنفيذ جملة من التدابير المتعلقة بالتسهيلات الإدارية التي أطلقتها المديرية العامة للأمن الوطني في سياق التكفل المتواصل بانشغالات الجزائريين والأجانب وتسهيل جميع الإجراءات بسرعة قياسية.
وبلغة الأرقام، فصّل المسؤول الأمني الأول عن القطب الأول للشرطة العامة، عن حصيلة القطب وغاص في عدد ونوع التحقيقات الإدارية التي قامت بها مختلف المكاتب منذ استحداث هذه الهيئة، وكشف أن عدد التحقيقات المتعلقة بالتجهيزات الحساسة بلغت 450 تحقيق، مقابل 33 تحقيقا يخص اقتناء مواد خطيرة و57 تحقيق يتعلق بتركيب أجهزة الاتصالات.
وإلى ذلك، يقول عميد الشرطة عيسى بسكري، إنه تم تسجيل 234 ملف يخص تحقيقات رخصة الاستغلال، مقابل 52 تحقيقا يخص الأمن الداخلي، وذكّر الضابط الأمني بإستراتيجية المديرية العامة للأمن الوطني والمتعلقة بتعميم “الرقمنة” في مجال التحقيقات الإدارية، مما يسهل ويُبسّط معالجة الملفات بكل شفافية ونزاهة، خاصة في منح رخص الاستغلال فيما يتعلق بالاستثمار، من دفع عجلة الاقتصاد الوطني إلى الأمام، كما أن هذا النظام سيسمح بتدوين جميع المعطيات الخاصة بالمراقبة بالنظام، مما يمكّن القطب من تتبع كل العمليات في الزمان والمكان، ومن استحداث قاعدة بيانات، والحصول على جميع الإحصائيات الضرورية لتقييم العمل الميداني للمحققين، وكذلك من ضبط وتخطيط جميع العمليات.
من جهته، أكد محافظ الشرطة مرغيت حميد، رئيس فرقة الشرطة العامة، الذي رافقنا هو كذلك طيلة إنجاز عملنا هذا، أن القطب الأول منذ استحداثه يعمل على قدم وساق من أجل معالجة الملفات بسرعة قياسية، موضحا أن عدد الملفات المتعلقة بالتحقيقات الإدارية كثيرة جدا، على اعتبار أن القطب يضم 4 دوائر كبيرة على مستوى إقليم ولاية الجزائر، ويتعلق الأمر بسيدي أمحمد، حسين داي، بئر مراد رايس وباب الواد.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!