-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

أجهلًا بالقانون أم استخفافًا بالمستضعَفين!؟

جمال غول
  • 1346
  • 0
أجهلًا بالقانون أم استخفافًا بالمستضعَفين!؟

إنّ أقدمية المديرين التنفيذيين في منصب مدير ولائي، يُفترض أن تعمّق خبرتهم في العمل، وتُكسبهم فنون التعامل الصحيح مع الوقائع، وتصقل مواهبهم الإدارية والمهنية، فتحقق لهم مزيدا من النجاحات، وتزيد من معرفتهم بالقانون المسيّر للقطاع خاصة والوظيف العمومي عامة.
كلّ ذلك يُسهم في خدمة الأهداف والغايات وعدم تضييع الجهود والأوقات، غير أنّ بعضهم على نقيض ذلك تماما، ذلك أنّ أقدميتهم لم تحقّق لهم أيا مما ذكرنا؛ لا خبرة ميدانية ولا معرفة قانونية، ولم تُكسبهم إلا تمادياً في الباطل وكبْراً ببطر الحق وغمْط الناس، وتعسّفا في القرارات، وتطويعا للقانون لخدمة مصالحهم، مما يلقي بهم خارج مجال التغطية في مجال رسالة القطاع ومنظومته القانونية المؤطرة له.
ومؤشرات ذلك لا يمكن حصرها في مقال لكثرتها في بعض القطاعات ومنها قطاع الشؤون الدينية والأوقاف، ولذلك سأقتصر على عيّنة (النقل أو التحويل) الذي يُسلّط سيفه على الإمام أو القيّم والمؤذن، أو معلّم القرآن، في كثير من الحالات من دون مبررات مهنية أو سابق إنذار، هذا النقل الذي كان سابقا قبل وجود النقابة المستقلة سوطا في بعض المديريات يُجلد به بعض الموظفين في السنة الواحدة عدة مرات من دون أي مستند قانوني، بل أحيانا بإيعاز من لجنة دينية أو بطلب من بعض أرباب النفوذ وحتى بمجرّد شكوى من مجهول، وعلى إثرها يسارع السيّد المدير وبجرّة قلم إلى توقيع مقررٍ بذلك من دون أدنى مراعاة للإجراءات القانونية الحاكمة لهذا الباب، فضلا عن مراعاة الأوضاع الصحية والنفسية أو الاجتماعية للموظف وأفراد أسرته، كتمدرُس أولاد المعني أو سكناه وكذا تنقّله إلى مكان عمله الجديد وما إلى ذلك من المتاعب، رغم أنّ القانون واضحٌ وضوح الشمس في تحديد طريقة النقل القانونية وما عداها فهو تعسّفٌ ومخالفة للقانون.

متى يتقي اللهَ أعضاءُ اللجان الإدارية متساوية الأعضاء الذين يوَقعون على المحاضر ويوافقون على العقوبة وإن كانت لا تكافئ الخطأ المهني وقد لا يوجد أصلا خطأ مهني، فضلا عن أن يوقّعوا محاضر جلسات لم يحضروا فيها أساسا ليكونوا بذلك شهداء على الظلم مزكّين له، فكيف سيلقون الله تعالى عندما ينادى عليهم :
(وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ) سورة الصافات: 24؟

إنّ المرسوم التنفيذي رقم 06-03 المتعلِّق بالقانون الأساسي الخاص بالوظيفة العمومية قد صنّف النقل الإجباري عقوبةً من الدرجة الثالثة، ولا يستحقها الموظف إلا إذا ارتكب خطأ من الدرجة الثالثة، وحينئذ لا يمكن لأي مسؤول نقله إجباريا إلا بعد مثوله أمام اللجنة الإدارية متساوية الأعضاء، التي تجتمع كمجلس تأديبي يُخطر في مدة زمنية لا تتعدى 45 يوما من معاينة الخطأ، ويلزم بعد ذلك تبليغ المعني عن طريق البريد الموصى بالتبليغ، وبمدّة زمنية لا تقل عن 15 يوما قبل تاريخ المثول، كما يحقُّ للمعني الاطلاع على مَلفه قبل موعد المثول، وإحضار مدافع معه يوم المثول، وغيرها من الإجراءات القانونية التي كثيرا ما يُقفز عليها -للأسف- في بعض المديريات (المواد 165، 166، 167، 168، 169). )
أما حالة النقل لضرورة المصلحة فقد قيّدها المرسوم التنفيذي 20-199 الخاص باللجان الإدارية متساوية الأعضاء، بالرأي المسبق المُلزم للّجنة التي يُعرَض عليها الملف، وتقدَّر الضرورة بقدرها ولا يمكن تنفيذ هذا النقل قبل الحصول على موافقة اللجنة (المادة 12).
وهاهي حالة حديثة الوقوع أمامنا -وقعت في هذا الشهر الجاري مايو 2024- رُفعت إلى المجلس الوطني المستقلّ للأئمة وموظفي قطاع الشؤون الدينية والأوقاف للتدخل في ولاية من ولايات الغرب الجزائري، لترجع للأسف الشديد تلك الصورة المظلمة للتسيير البعيد عن القانون والإنسانية في حدّها الأدنى.
كيف لمدير الشؤون الدينية والأوقاف أن يوقّع على مقرر تحويل الإمام من مسجد إلى آخر من دون تعيين نوعية المقرر: هل هو نقلٌ لضرورة المصلحة أم نقل إجباري؟!
ثمّ إنّ مضمون مقرر النقل لم يذكر أيَّ سبب لهذا النقل، وهذا ما يجعل المقرر غير مؤسس قانوناً مما يجعله باطلاً، ولا يمكن تصنيفه إلا في خانة التعسّف.
وهذا من أعجب العجب الذي يثير الحيرة في كيفية إسناد مهام تسيير بعض المديريات لهؤلاء الذين يتخبّطون في هذا الوحل والمستنقع العفن من المستوى الضعيف إما جهلا أو تعمّدا، فإن كانوا جاهلين فتلك مصيبة، وأمّا إن تعمّدوا فالمصيبة أعظم، وخاصة عند التذرّع بأسباب أقل ما يقال عنها (ربَّ عذر أقبح من ذنب) أو بتلك المسوّغات أحيانا كضرورة الامتثال لطلب مسؤولين لا قبل لهم بمناقشتهم فضلا عن عصيانهم، أو لتحقيق أغراض التقرّب والتزلّف لرجال المال والأعمال!
أليس من المعيب أن يخالف القانونَ من هو مطلوب منه تطبيق القانون، وفوق ذلك يتقاضى راتبا كبيرا على ذلك، مقارنة براتب ذلك الموظف المسكين؟
أليس ذلك من خيانة الأمانة المكلف بها في حماية الموظف بالقانون فإذا به يغدر به مخالفًا للقانون؟
أليس ذلك جُرما مركّباً يستوجب العقوبة القاسية؟
متى يتقي اللهَ بعضُ مديري الشؤون الدينية والأوقاف، ويعلمون أنّ “دعاوي” المظلومين ممّن تمّ تحويلهم ظلما وبغير وجه حق ولا مستند قانوني تلاحقهم في حياتهم كلها، ثمّ عند الله تجتمع الخصوم؟
متى يتقي اللهَ أعضاءُ اللجان الإدارية متساوية الأعضاء الذين يوَقعون على المحاضر ويوافقون على العقوبة وإن كانت لا تكافئ الخطأ المهني وقد لا يوجد أصلا خطأ مهني، فضلا عن أن يوقّعوا محاضر جلسات لم يحضروا فيها أساسا ليكونوا بذلك شهداء على الظلم مزكّين له، فكيف سيلقون الله تعالى عندما ينادى عليهم :
(وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ) سورة الصافات: 24؟
متى يرفع بعض مديري الشؤون الدينية والأوقاف الجهل عن أنفسهم، فينتهون عن مثل هذه المظالم كتوقيع المقررات غير المؤسَّسة قانونا، والتي “بهدلونا” بها وبجهلهم أمام لجان الطعون الولائية والمحاكم الإدارية التي غالبا ما ترفض تلك المقررات وتنقضها؟!
متى يفقه هؤلاء المديرون بأنهم بمثل هذه السلوكات السيّئة التي يعيدون اجترارها حنينا للعهد البائد، أنهم يسيئون لهيئتهم التي يسترزقون منها قبل أن تكون إساءتهم لموظفي قطاعهم؟
متى يفهم بعض مديري الشؤون الدينية والأوقاف أنّهم بهذه الممارسات البالية يعطّلون الموظفين والنقابة المستقلة عن التفرغّ للملفات الكبرى التي تخدم الرسالة العظيمة للقطاع، ويضيِّعون عليهم الجهود والأوقات في معالجة الاختلالات التي الناتجة عن تلك الممارسات؟
إذا خـــان الأميـر وكاتباه وقاضي الأرض داهن في القضاء
فويل ثـم ويل ثـم ويل لقاضي الأرض من قاضي الســمــاء
فاستقيموا أيها المديرون أو استقيلوا يرحم والديكم
وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ) سورة محمد: 38.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!