الجزائر
وكيل الجمهورية يؤكد أن الوقائع خطيرة وتمس بالاقتصاد الوطني ويلتمس:

7 سنوات حبسا لوزير السياحة السابق عبد القادر بن مسعود

نوارة باشوش
  • 4846
  • 0
أرشيف
عبد القادر بن مسعود

طالب وكيل الجمهورية لدى محكمة الشراقة، الأربعاء، بتسليط عقوبة 7 سنوات حبسا نافذا للوزير السابق للسياحة والصناعات التقليدية عبد القادر بن مسعود بصفته والي ولاية تيسمسيلت سابقا مع تغريمه مليون دج غرامة مالية نافذة.

كما التمس ممثل الحق العام عقوبات متفاوتة تراوحت بين 4 سنوات و7 سنوات حبسا نافذا والتماس تغريمهم ما بين 500 ألف دج ومليون دج نافذة لباقي المتهمين، من بينهم الأمين العام السابق لولاية تسمسيلت “م. ع” ومدير شركة “ايديمكو” بمستغانم “ع. ع” وكذا مدير مكتب الدراسات “ح. م” والمراقب المالي وأمين الخزينة بالولاية إلى جانب ومنتخبين وأعضاء المجلس الشعبي البلدي لبلدية ثنية الحد.
ووصف وكيل الجمهورية خلال مرافعته وقائع الحال بـ”الخطيرة” كونها تمس وتضر الاقتصاد الوطني بصورة مباشرة، وقال “ملف الحال تضمن جرائم مادية وتقنية ناتجة عن إبرام صفقات قانونية مخالفة للقانون والتشريع وعلى هذا الأساس فهي تعتبر وقائع خطيرة تمس بالاقتصاد الوطني، لما فيها من تبديد للأموال، وتسببت في خسائر للخزينة العمومية، وعليه ومن خلال تفحصنا للملف فإننا نصل سيدي الرئيس إلى أن التهم الموجه للمتابعين في ملف الحال ثابتة في حق كل متهم”.
وقد انطلقت محاكمة الوزير السابق للسياحة والصناعات التقليدية عبد القادر بن مسعود، الأربعاء بمحكمة الشراقة، حيث مثل بصفته والي ولاية تيسمسيلت رفقة عدد من المتهمين ومنتخبين بالولاية إلى جانب المدير السابق للشركة العمومية للبناء “لديمكو”، حيث وجه للمتهمين في ملف الحال تهما ثقيلة تضمنها قانون مكافحة الفساد والوقاية منه تتمثل في جنحة تبديد أموال عمومية وجنحة إساءة استغلال الوظيفة على نحو يخرق القوانين والتنظيمات. هذا وسينطق القاضي في أحكام القضية يوم 22 جوان الجاري.

“التراضي” كان بسبب تحول مخيم الشباب إلى وكرا للمخدرات والدعارة
أرجع الوزير السابق للسياحة والصناعة التقليدية لجوءه إلى “التراضي البسيط” في إبرام صفقة إنجاز مشروع مخيم شباب بغابة المداد بولاية تسمسيلت إلى الظرف “الاستعجالي”، وهذا بعد ورود تقارير أمنية تؤكد خطورة ما يحدث بالمخيم الذي تحول من بؤرة للإرهابيين إلى مرتع للفساد وممارسة الرذيلة ووكر للمخدرات والدعارة.
القاضي: أنت متابع بجنحة تبديد أموال عمومية وجنحة إساءة استغلال الوظيفة على نحو يخرق القوانين والتنظيمات؟
بن مسعود: أنفي جميع التهم المنسوبة إلي جملة وتفصيلا.
القاضي: لماذا لجأت إلى إبرام الصفقة محل المتابعة بـ”التراضي البسيط” مع شركة ايديمكو لإنجاز مشروع مخيم شباب بغابة المداد بتسمسيلت؟
بن مسعود: سيدتي الرئيسة لجأنا إلى هذا الإجراء الاستعجالي بسبب ورود تقارير أمنية بناء على تحقيقات وتحريات، تفيد بخطورة ما يحدث بالمخيم الكائن بغابة المداد التي كانت في الأصل بؤرة للإرهاب، لتتحول فيما بعد إلى مرتع للفساد وممارسة الرذيلة ووكر للمخدرات والدعارة.
وأضاف المتهم “سيدتي القاضي أنا كوال والمسؤول الأول عن إقليم الولاية وكممثل للدولة، يستلزم عليّ إيجاد حل لهذه المعضلة وعلى هذا الأساس قررت إعادة تفعيل المشروع الذي كان متوقفا في سنة 2014 إلى غاية 2017 لما له من أهمية قصوى للمنطقة التي تنعدم فيها أمكان الترفيه، وعليه طلبت البحث في جيوب ميزانية البلدية والولاية لغرض البحث عن كل السبل التي تمكننا من إيجاد وسائل التمويل لهذا المشروع وهذا ما تم فعلا عن طريق تمويل مشترك بين البلدية والولاية بما يقارب حصة 50 بالمائة لكل واحد… سيدتي الرئيسة فقط أذكركم أن قيمة المشروع لم تتجاوز 90 مليون دج، كما أن هذا الأخير تم إنجازه من طرف مؤسسة عمومية وهي “ايديموكو”.
القاضي: ما ردك بخصوص تهمة تبديد المال العام الموجه لك؟
بن مسعود: أنفي ذلك تماما، فلا يوجد أي تبديد ولا تجاوز للمال العام ومبلغ الصفقة كان محددا منذ 2014 بقيمة 93 مليون دينار، وفي نهاية المطاف سيدتي الرئيسة فأنا أصلا لست من حدد قيمة المشروع ولم أضخم الفواتير بل حافظت على نفس القيمة رغم مرور 3 سنوات ونحن نعرف أن القيمة ترتفع من سنة إلى أخرى وللعلم فإن الشركة العمومية إلى غاية اليوم لم تتلق مستحقاتها والمشروع تنموي محض لشباب منطقة تسمسيلت حتى يتنفس سكان الولاية الصعداء.
والتمس بن مسعود من رئيسة الجلسة استبعاد التهم الموجه له لأنها غير صحيحة وكان هدفه كمسؤول عن الولاية وكممثل للدولة دفع عجلة الاستثمار في منطقة تيسمسيلت.

المشروع لم يمر علي إطلاقا
من جهته، أنكر الأمين العام السابق لولاية تيسمسيلت “عبد الكريم.م” التهم الموجه له وقال إنه لا علاقة له لا من بعيد ولا من قريب بإبرام الصفقة، كما أن الملف لم يمر عليه إطلاقا.
القاضي: أنت متهم بجنحة تبديد أموال عمومية وإساءة استغلال الوظيفة
المتهم: أنفي التهم المنسوبة إلي.. سيدتي الرئيسة ليس لي أي علاقة لا من قريب ولا من بعيد بخصوص إبرام صفقة الحال.. كما أن الملف لم يمر على مصالحي إطلاقا، كيف أتابع اليوم بكل هذه التهم الثقلية؟
القاضي: لكن الوقائع تقول إن المشروع جاء باقتراح من الأمين العام للولاية كيف تفسر ذلك
المتهم سكت ولم يجب.

إنجاز المشروع كان قبل مجيئي على رأس بلدية تيسمسيلت
أما رئيس المجلس الشعبي البلدي السابق لبلدية تسمسيلت المدعو “ق. بوعلام”، فقد صرح خلال استجوابه من طرف رئيسة الجلسة بخصوص وقائع ملف المتابعة، أنه عند توليه لمنصب رئيس المجلس الشعبي البلدي كانت نسبة المشروع قد تجاوزت نسبة 40 بالمائة، وأنه استقال بعد ذلك من منصبه لدواعي صحية.
القاضية: أنت متابع بجنحة المشاركة في تبديد أموال عمومية وإساءة استغلال الوظيفة، هل تعترف، أم تنكر؟
المتهم: أنفي التهم المنسوبة لي، أنا توليت منصب رئيس المجلس الشعبي البلدي لبلدية تيسمسيلت سنة 2019 وبعدها قدمت استقالتي.
القاضية تقاطعه وتسأله: لكن لماذا استقلت؟
المتهم: سيدتي الرئيسة استقلت لأسباب صحية.
القاضية: ماذا تصرح لنا بخصوص مخيم الشباب الذي تم ابرام الصفقة الخاصة به مع شركة “ايديمكو” وعلى ماذا أمضيت أنت؟
المتهم: لا سيدتي الرئيسة، المشروع أولا وقبل كل شيء فإن البداية في إنجاز المشروع كان قبل أن أتولى منصب رئيس المجلس الشعبي البلدي لبلدية تيسمسيلت، حيث كانت نسبة المشروع أنذاك قد وصلت إلى 40 بالمائة، كما كانت هناك مراقبة مهنية من طرف السيد الوالي في ذلك الحين لإتمام المشروع، لأنه كان قائما وتحت إشراف أمين البلدية.
القاضية: هل وجهتم إعذارين لشركة “ايديمكو”؟
المتهم: نعم سيدتي الرئيسة، نحن وجهنا اعذارين لشركة “ايديمكو”.
القاضية: هل شركة “ايديمكو” كانت في وضعية قانونية أم لا؟
المتهم: نحن لم نمض معهم الصفقة، بل كانت هناك مراسلة لمنح الصفقة لشركة عمومية والنقطة السلبية الوحيدة في الملف هي التأخر في إنجاز المشروع وتسليمه في آجاله المحددة.
القاضية: وماذا بخصوص التسمية؟
المتهم: أنا قمت بتسيير البلدية سيدتي الرئيسة لمدة سنتين وكان المشروع قائما وليس لي أي علاقة بتغيير تسمية الشركة أو إبرام الصفقة أو الخبرة المنجزة.
القاضية: هل عندك إضافات في الملف تود أن تقولها؟
المتهم: أنا انفي تهمة تبديد المال العام وأنا قمت بمتابعة المشروع وقدمتت استقالة من منصب عملي لأسباب صحية.
وبالمقابل فإن مدير الشركة العمومية “ايديمكو” الكائن مقرها بولاية بمستغانم، نفى كل التهم الموجهة إليه، وصرح خلال استجوابه من طرف القاضية بخصوص تغيير اسم الشركة أنه تم دمج شركة “ايديمكو” إلى شركات أخرى، مؤكدا على أن الإجراءات القانونية تتطلب مدة طويلة في هذا الشأن، إلا أنه وبالمقابل يقول مدير الشركة “ايديمكو”، “وجب علينا” مواصلة الأشغال بالاسم القديم للشركة إلى غاية صدور القانون الأساسي للشركة الجديدة.
وإلى ذلك، أنكر جميع المتهمين المتابعين في الملف والبالغ عددهم 23 متهما بينهم المراقب المالي وأمين الخزينة ومدير مكتب الدراسات للولاية إلى جانب منتخبين وأعضاء المجلس الشعبي البلدي لبلدية ثنية الحد التهم الموجهة لهم، حيث حاول كل واحد منهم استعمال الأدلة والقرائن التي من شأنها أن تسقط الجنح المتابع فيها وأجمعوا أن كل الأمور والإجراءات تمت بطريقة قانونية لإنجاز المشروع تمت بطريقة قانونية لا غبار عليها، ولم تسجل أي تجاوزات أو خروقات، كما أن دورهم كان في المداولة بخصوص المشروع التي لديها رقابة قبلية وبعدية ولا علاقة لهم بلجنة الصفقات العمومية، التي هي من صلاحيات جهات أخرى.

دفاع عبد القادر بن مسعود: موكلنا مارس صلاحياته
أكد دفاع الوزير السابق للسياحة والصناعات التقليدية عبد القادر بن مسعود، أن موكله ممثل للدولة وله كامل الصلاحيات في اتخاذ القرارات التي تخدم مصلحة سكان ولاية تسيمسيلت باعتباره المسؤول الأول عن الإقليم، وأن ما يحدث اليوم “مهزلة” بكل المقاييس في حق ولاة الجمهورية.
وفي هذا السياق، رافع المحامي مؤنس لخضاري بقوة من أجل براءة موكله، مستعملا كل الوثائق والأدلة التي من شأنها أن تسقط التهم الموجهة له، وقال “سيدي الرئيس، موكلي بريء من التهم المنسوبة إليه وقد مارس صلاحيته كوال وممثل للدولة، فبما أنه تبين له أن هناك استعجالا نظرا لوجود التقارير الأمنية التي وصلت إلى مكتبه تفيد بأن مشروع غابة المداد تحول إلى بؤرة للفساد ووكر للدعارة وممارسة الرذيلة وساحة لتجارة المخدرات فما كان عليه سوى أن يقوم بواجبه كما ينبغي”.
وتابع الأستاذ لخضاري “أن التعاقد في صفقة الحال قد تم مع شركة عمومية اقتصادية سبق لها وأن أنجزت مشروعا بجدارة على مستوى ولاية تيسمسيلت يتمثل في بناء سكنات ترقوية والأكثر من ذلك فإن قيمة الصفقة كانت قد حددت قبل وصول الوالي للولاية ولم يتم مراجعتها بالرغم من مضي ثلاث سنوات”.
وتساءل المحامي مؤنس لخضاري “كيف لشركة عمومية اقتصادية أن تستفيد من امتيازات غير مبررة مادام أن أموالها أصلا تابعة للخزينة العمومية. وبخصوص مسألة تبديد المال العام، فإن الملف خال من خبرة مالية وتقنية مادامت انها جريمة فنية وتحتاج إلى الدقة”.
ومن جهتها، فإن هيأة الدفاع عن بقية المتهمين المتابعين في الملف، طالبت من هيأة المحكمة إنصاف موكليها وقالت إن الملف فارغ من محتواه وأن كل الإجراءات التي اتبعت خلال إنجاز هذا المشروع كانت قانونية ولصالح سكان وشباب ولاية تيسمسيلت التي غابت عنها التنمية ومساحات التنزه والترفيه، مشددة على أن أركان تهم تبديد المال العام وإبرام الصفقة مخالفة للقوانين والتشريع غير ثابتة وعلى هذا الأساس التمست البراءة وإنصاف موكليها.

مقالات ذات صلة