الرأي

‮”‬عربائيل‮”‬‭!‬

قادة بن عمار
  • 531
  • 0

‭ ‬انخفض منسوب الشجب والإدانة هذه المرة،‮ ‬وكاد‮ ‬يختفي‮ ‬تماما عن الخطاب الرسمي‮ ‬العربي،‮ ‬ربما لأن هذا الأخير اكتشف فجأة،‮ ‬وبعد ثورات الربيع العربي‮ ‬التي‮ ‬هزت أنظمة استبدادية وأرعبت أخرى،‮ ‬أن ما‮ ‬يحدث في‮ ‬غزة،‮ ‬لا‮ ‬يمكن اعتباره عدوانا على شعب محاصر ومظلوم وإنما‮ “‬تصفية‭ ‬حساب‮” ‬مطلوبة مع فصيل سياسي‮ ‬ترى فيه أكثر من عاصمة عربية أنه بات‮ ‬يشكل خصما كبيرا‮.‬

كثير من تلك العواصم السياسية العربية تبدو”سعيدة جدا‮” ‬و”مزهوّة‮” ‬بما‮ ‬يقوم به نتنياهو الذي‮ ‬بات وكيلا معتمدا لديها من أجل تصفية الخصوم السياسيين،‮ ‬ولو على حساب جثث الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ وكل المدنيين‮.. ‬ألم تقل صحيفة إسرائيلية قبل أيام أنّ‮ ‬ما‮ ‬يُدخل السعادة على قلب عبد الفتاح السيسي‮ ‬في‮ ‬هذا الظرف بالذات،‮ ‬رؤيته بيوت قادة حماس وهي‮ ‬تتحول إلى كومة حجارة‭! ‬فما أدرانا أن هذا الشعور لا‮ ‬يساور قلوب بقية أصحاب الجلالة والفخامة والسمو‭!!‬

لقد انتقل الصمت العربي‮ ‬من مرحلته الأولى وبات‮ ‬يشكل‮ “‬فجورا‮” ‬بأتم معنى الكلمة‮.. ‬ولعلّ‮ ‬لسان حال أكثر من زعيم عربي‮ ‬يردد الآن فيقول‮: ‬خلّي‮ ‬القطريين‮ ‬ينفعوهم؟‭!!‬

هكذا تحولت الدماء الفلسطينية إلى لعبة بين الأمم،‮ ‬وإلى أداة حرب‮ ‬يتم استعمالها من هذا الطرف أو ذاك دون خجل ولا أدنى شعور بالخزي‮ ‬أو العار‮..‬

هذه المرة قرّر الحكام العرب أن‮ ‬يوفِّروا قِممهم‮ (‬قمامتهم‮) ‬العظيمة وخطاباتهم التي‮ ‬كانت تشد على أيادي‮ ‬المقاومة،‮ ‬لأنهم تبينوا،‮ ‬ربما،‮ ‬أن النفاق لم‮ ‬يعد مجديا،‮ ‬وهم‮ ‬يراهنون فقط على سرعة العملية الصهيونية في‮ ‬عدوانها المستمر على القطاع فكلما كانت سريعة جدا،‮ ‬كلما ظفروا بنقاط جديدة‮.‬

حتى من كانوا‮ ‬يُحرجون هؤلاء القادة ويغرّدون خارج السرب الرسمي‮ ‬باتوا من الماضي‮.. ‬فبعضهم قُتل على‮ ‬غرار صدام حسين والقذافي‮.. ‬والآخر‮ ‬يغرق في‮ ‬معاركه الداخلية ويقتل من شعبه حفاظا على السلطة،‮ ‬أكثر مما قتلت إسرائيل في‮ ‬كل حروبها المستمرة على العرب،‮ ‬والحديث هنا طبعا عن بشار الأسد‮.‬

ولا‮ ‬يقتصر الأمر على”القادة‮”‬،‮ ‬بل‮ ‬يمتد حتى إلى بعض النخب العربية،‮ ‬في‮ ‬أكثر من بلد،‮ ‬هذه الأخيرة،‮ ‬أصبحت أكثر جرأة على المقاومة،‮ ‬فباتت تسخر من صواريخها وتدعو الصهاينة أن‮ ‬يتفوّقوا عليها‮.. ‬لقد بات حزب الليكود العربي‮ ‬أو”عربائيل‮”‬،‮ ‬أوسع انتشارا مما اعتقدنا،‮ ‬وبات حضوره الإعلامي‮ ‬وعبر مواقع التواصل الاجتماعي،‮ ‬مدوّيا،‮ ‬لكنه مثل القنابل الضوئية التي‮ ‬يستعملها الكيان الصهيوني،‮ ‬فائدته لا تتعد أن تكون”المساعدة على الاستطلاع‮” ‬وتنوير طريق القتل وسفك الدماء وترهيب الآمنين واغتيال المقاومين‭!‬

هكذا هي‮ ‬جميع قضايانا النظيفة‮.. ‬لم تخل‮ ‬يوما من الخيانات القذرة،‮ ‬ولا من التخطيط لوأدها،‮ ‬والتآمر عليها،‮ ‬لكن المقاومة كانت تنتصر دوما وتخلع عن هؤلاء ورقة التوت الأخيرة التي‮ ‬تستر عوراتهم‮.. ‬الفرق الوحيد هذه المرة،‮ ‬أنهم قرروا بمحض إرادتهم التخلي‮ ‬عن‮ “‬السترة‮” ‬وفضح أنفسهم مباشرة‮.. ‬ربما لأن الخيانة باتت‮ “‬مهنة شريفة‮” ‬في‮ ‬قاموسهم،‮ ‬أو ربما لأنهم‮ ‬ينتظرون المزيد من”التقدير‮” ‬على حساب جثث المزيد من الأبرياء‮.. ‬هؤلاء هم الليكود الجديد أو”عربائيل‮” ‬مثلما سمّاهم الشاعر الكبير أحمد مطر‮.. ‬أشد خطرا من العدو ذاته‭!‬

مقالات ذات صلة