الرأي

‬وعادوا‮ ‬مجددا‮!‬

قادة بن عمار
  • 4414
  • 11

من حق الإسلاميين عندنا أن يخافوا على أنفسهم بفعل حالة التباهي والتفاخر التي توجد لدى البعض هذه الأيام في الجزائرو من ردود الفعل على الجريمة التي ارتكبها العسكر في مصر، ضدّ الشرعية برعاية دينية ووجوه مدنية!

 

الحدث وبقدر ما كشف عورات العرب وعشقهم الممنوع لكل أشكال الاستبداد العسكري، وتمجيدهم الأبدي لأصحاب الأحذية الثقيلة، فإنه كشف في الوقت ذاته عن استمرار العقدة لدى حفنة من العلمانيين وزمرة من المتأسلمين، وكمشة من العسكريين القدامى الذين مازالوا وحتى كتابة هذه الأسطر يعتقدون جازمين أن ما ارتكبوه في الجزائر مع بداية التسعينيات من توقيف الإرادة الشعبية، هو إنقاذ للجمهورية وليس انقلابا، دفعت الجزائر بسببه فاتورة ثقيلة من الدم والدموع لا داعي للخوض فيها الآن!

ما معنى أن تخرج علينا أحد الوجوه الاستئصالية البارزة وهي السيدة ليلى عسلاوي، لتنفض الغبار عن نفسها مصرّحة عبر إحدى الصحف أن ما قام به العسكر في مصر هو “عين العقل وجادة الصواب”، وأنه لا أمان يعطى للإسلاميين حتى ولو احترموا الصندوق أو خرجوا منه بشرعية يشهد عليها‮ ‬القاصي‮ ‬والداني‮!‬

هؤلاء ــ حسب نظرة عسلاوي وأمثالها ــ لا يجب أن يحكموا، ولا حتى أن يمارسوا السياسة من الأصل، فمكانهم الطبيعي هو المساجد لترديد الخطب التي تكتبها لهم الجهات الرسمية في تمجيد الأعياد والمناسبات الوطنية والاجتماعية ليس إلا!

ألم‮ ‬يخرج‮ ‬أحد‮ ‬المخبولين‮ ‬في‮ ‬مصر،‮ ‬لينصح‮ ‬الرئيس‮ ‬مرسي،‮ ‬بأن‮ ‬يكون‮ ‬إماما‮ ‬في‮ ‬قريته‮ ‬أفضل‮ ‬له‮ ‬من‮ ‬ممارسة‮ ‬السياسة‮ ‬أو‮ ‬حتى‮ ‬تولي‮ ‬منصب‮ ‬الرئاسة؟‮!‬

نقول هذا الكلام، مع الاعتراف بأن المعسكر الآخر المتمثل في التيار الإسلامي، ارتكب من الأخطاء الحجم الكبير، ولا شك أن تلك الجرائم التي وقع فيها عن قصد أو من دونه، ولقلّة خبرته بممارسة السلطة أصلا، استغلها البقية للإيقاع به، على غرار ما قاله أحد رموز الحزب المحظور في الجزائر، خلال تلك المرحلة الصعبة حين صرح لوسائل الإعلام أن الانتخابات التي فاز بها الفيس وقتها، هي آخر عهد الجزائريين بالصناديق، فمنح للمنقلبين مبررا جاهزا لإقناع المجتمع الدولي بجريمتهم!

أخطاء أخرى ارتكبها مرسي وجماعته طيلة السنة التي حكموا فيها، أو بالأحرى حاولوا أن يحكموا فيها وسط غليان شعبي لم يتوقف، وتربص مستمر من طرف عديد الأنظمة العربية المستبدة، وتحديدا في الخليج، والتي هلّلت وكبّرت لسقوط مرسي، وكأنه كان جاثما على صدرها وليس حاكما شرعيا‮!‬

لكن تلك الأخطاء لا تشكل البتة أي مبرر لجماعة المنقلبين من أجل السيطرة على الحكم بطريقة أخرى غير الانتخابات الشفافة، والواقع أن إعجاب ليلى عسلاوي، وربما معها جماعة الاستئصاليين من الساسة والعسكر والإعلاميين الذين شكلوا في بداية التسعينيات جماعة لإنقاذ الجمهورية،‮ ‬هي‮ ‬ما‮ ‬دفعت‮ ‬عددا‮ ‬من‮ ‬الإعلاميين‮ ‬والقضاة‮ ‬وأيضا‮ ‬المفكرين‮ ‬في‮ ‬مصر‮ ‬لإنشاء‮ ‬جماعة‮ ‬أخرى‮ ‬أطلقوا‮ ‬عليها‮ ‬التسمية‮ ‬ذاتها‮ ‬وهي‮ ‬إنقاذ‮ ‬الجمهورية‮!‬

في كلتا الحالتين ــ الجزائر ومصر ــ فإن الشعب هو من سيدفع الثمن وليس هؤلاء المغامرين والمقامرين بمصيره ومستقبله، كما أنهم فوّتوا بفكرهم الاستئصالي المتشدد، وعلى غرار الإخوان المسلمين أيضا الفرصة الكبيرة على هذا الشعب من أجل الانتقال لمرحلة أخرى من معيشته، أكثر‮ ‬تطورا‮ ‬وازدهارا‮ ‬بدلا‮ ‬من‮ ‬الانشغال‮ ‬في‮ ‬كل‮ ‬مرة‮ ‬بالانقلاب‮ ‬والانقلابيين‮ ‬والمنقلب‮ ‬عليهم‮.. ‬ولا‮ ‬حول‮ ‬ولا‮ ‬قوة‮ ‬إلا‮ ‬بالله‮!‬

 

مقالات ذات صلة