الشروق العربي

يرفضون الراتب ويتكبرون على الوظيفة.. متخرجون وجها لوجه أمام البطالة

نسيبة علال
  • 457
  • 0

يجتهد غالبية الجزائريين في دراستهم أو مجال تكوينهم، لا لشيء غير الحصول على منصب عمل موقر يوفر لهم دخلا محترما ومكانة اجتماعية مرموقة. إلى هنا الأمر يبدو بديهيا في زمننا هذا، أما غير المعقول وفي ظل الظروف الاقتصادية التي يشهدها العالم، أن يؤمن المتخرجون بتحقق غايتهم من دون تضحيات أو تنازلات.

لا ننكر أن الواسطة، يليها الحظ يمكن أن تحقق كل ذلك دفعة واحدة فور تخرج الطالب، كما لا يجب أن نغض الطرف عن رغبة رواد الأعمال في الاستفادة القصوى من كل من يوظفونهم ويدفعون رواتبهم، فهؤلاء أيضا يبحثون عن الكفاءات والخبرات التي تقدم إضافة لمشاريعهم ومؤسساتهم.

صوريا، 34 سنة، درست علم الطاقة وكانت متفوقة في مشوارها الدراسي المثابر، حتى تخرجت بامتياز، بعدها أخذت تتقدم لكل الوظائف التي تعرضها مؤسسات الدولة فقد رفضت العمل لدى القطاع الخاص، مع أن أصحاب الوظائف التي تصبو إليها كانوا يطالبونها بالخبرة دائما، تقول: “أفقت بعد قبولي في وظيفة فيها كل المواصفات التي حددتها، لكنها تشترط علي الانتقال للإقامة في أقصى الجنوب، حينها أدركت أنه لا يمكننا الحصول على كل متكامل كما نتمناه دائما وراجعت حساباتي”.

الفرص الصغيرة طريق نحو الهدف

بدأت أحلام صاحبة شهادة ماستر في الأدب الفرنسي حياتها المهنية في مدرسة خاصة، تعلم الطلبة من الصغار أساسيات اللغة، وعملة أستاذة مستخلفة في المتوسط والثانوي لعدة مرات، بالرغم من أن هدفها كان التدريس في الجامعة، تقول: “لم أتكبر يوما على أي وظيفة عرضت علي، عملت في ثلاثة مناصب في الوقت ذاته، وأحلت للبطالة مرات كثيرة، كان ذلك إضافة إلى خبرتي في العمل وخبرتي في الحياة أيضا، حتى حصلت منذ أشهر على وظيفة الأحلام، مترجمة لدى شركة متعددة الجنسيات، وأصبحت أتعامل عديد السفارات، خصص لي راتب محترم جدا، وامتيازات لا تحصى، وأصبحت أسافر كثيرا”.

عندما يندم المتخرجون حديثا على تضييع الفرص

يقود التكبر على الراتب أو رفض الفرص الحقيقية إلى الندم مستقبلا مثلما حدث مع صلاح الدين، 31 سنة: “فور تخرجي توجهت إلى مؤسسة ذات صيت في تنظيم المعارض بما أنه مجال تخصصي، فتم إعلامي أن علي العمل لثلاثة أشهر من دون راتب، تسمى تلك فترة معاينة لقدراتي وكفاءتي، وهي بالمقابل فرصة لحصولي على الخبرة اللازمة مجانا، رفضت قطعا واعتبرت الأمر استغلالا واضحا، لكني ندمت بشدة في ما بعد، إذ وبعد مرور 7 سنوات على تخرجي أصبح ولوج تلك المؤسسة حلما، ولم أتمكن من العمل في غيرها لأنني لم أمتلك الخبرة”.

ناجي أيضا مر بتجربة مماثلة يقول: “في البداية، كنت أقول إنه من غير المعقول أن أعمل بشهادة ماستر في البيولوجيا في غير مخبر طبي محترم، عرض علي عمل براتب محترم كموظف استقبال في عيادة طبية جديدة، وشعرت بأنها إهانة قصوى لي، ثم استدعاني زميل للعمل كبائع أدوية في صيدلية والده وكان السبب الذي أيقظ غفوتي، حيث نهرني صاحبي قائلا: “ثلاث سنوات من البطالة وتتكبر على راتب يحلم به آلاف الشباب مثلك، عليك بالعمل على الأقل لتنخرط اجتماعيا”.

الوظائف البديلة مفيدة للمتخرجين لا يجب احتقارها

يؤكد الخبير في علم الاجتماع الأستاذ لزهر زين الدين: “يعمل المجتمع على تعزيز قناعة عدم العمل في غير تخصص الطالب المتخرج، إذ كثيرا ما نجد الأفراد يقللون من قيمة بعض الوظائف التي لا تتطابق مع المستوى الدراسي، أو المستوى الاجتماعي بالرغم مما تقدمه للفرد في خبرة وامتيازات أخرى كرفع مستوى التركيز، والتحمل وإنشاء العلاقات الاجتماعية.. إذ أيا كانت الوظيفة التي سيشغلها الطالب المتخرج مؤقتا تعد مفيدة جدا لبناء مستقبله المهني ورفع طموحه، وأفضل بكثير من البطالة وانتظار وظيفة الأحلام التي قد تتأخر أو لا تأتي أبدا”.

مقالات ذات صلة