الرأي

يتقربون إلى شعوبهم بسب الإسلام! (1)

عبد الرزاق قسوم
  • 1943
  • 6

عجبت لأمر الغرب هذا، وهو اليهودي النصراني عقيدة، والرأسمالي التحرري إيديولوجية، والديمقراطي التسامحي نظاما وحكما، عجبت له، إذ يرفع “بين الناس” شعاراته المظلومة هذه، ولكنه يتنكر لها، ويدوس عليها، كلما تعلق الأمر بالإسلام، ورموزه ومعتنقيه.

إنها معادلة فكرية يصعب حلها، على أي عقل، لما تحتويه من تناقض، ولما تنطوي عليه من مقدمات خاطئة، لا تقود إلا إلى نتائج فاسدة.

فهذا النظام الإسلاموفوبي العالمي الجديد، الذي يبشر به الغرب، ويشن به الحروب على الشعوب والقيادات باسم حماية الديمقراطية ومقاومة الظلم والاستبداد على مستوى القمة والقاعدة، إن هو إلا تجسيد لصراع الأقوياء والمستضعفين خصوصا في العالم الإسلامي.

إن المتتبعين لتطور أمر الغرب وتاريخه، يدركون أن هذه الإيديولوجية المقيتة الحاملة لفيروس العدوانية على الإسلام والمسلمين، لم تولد من عدم، فقد سبقهاكتمهيد  العدوانية على عقول الأطفال المسلمين بوضع مناهج مدرسية، وكتب دينية، وشعارات سياسية، هدفها تشويه الحقائق التاريخية، باسم المنهج العلمي، وهاهي اليوم تصل إلى قمة عدوانيتها السافرة، بوضع الرسوم الكاريكاتورية المسيئة إلى خير البرية، رسول الإسلام والبشرية، وكل هذا باسم الفهم الخاطئ لحرية التعبير وتطبيق الديمقراطية.

فما كان تلميحا، صار تصريحا وتقبيحا، وما كان إشارة، أضحى عبارة وإثارة.. وما ذلك إلا لأن ما كان جمهورية لائكية في المظهر، وصحافة علمانية في المنظر، وثقافة موضوعية في المخبر، كشف عن صهيونية نصرانية في الجوهر.

فما أقدمت عليه صحيفةشارلي هيبدو Charlie Hebdo أوشريعة هيبدوإن هو إلا تطوير لما دنسته من قبل الصحافة الدنماركية، والسينما الهولندية، والسياسي النازي الألماني، والبابا الإيطالي، والإعلام الفرنسي اليميني  واليساري، وكلهم يتقربون إلى شعوبهم، والإعلاء من مبيعات إنتاجهم، ورفع شعبيتهم، بسب المسلمين ورموزهم.

فصحيفةشارلي هيبدوكانت في بداية ظهورها، صوتا للمستضعفين، والمدافعة عن حقوق المظلومين، لكنها ما لبثت أن تحولت إلى صحيفة عنصرية، صهيونية، حليفة للأقوياء، وذات مضمون مبتذل، كما عبر عن ذلك البروفيسور شمس الدين شيتور في تحليله الرائع في صحيفة الأكسبريسيون L expression الجزائرية (الصادرة يوم الثلاثاء 08 نوفمبر 2011).

إن حرية التعبير التي يتشدق بها الإعلام والساسة الفرنسيون، في تضامنهم المغرض مع الصحيفة المعتدية على رموز الإسلام، والتي وصلت بها جرأتها إلى وصف  رسولنا ـ صلى الله عليه وسلم ـ بـ: “المهرج (clown)”. لا فرق إذن في الغرب بين الراهب في صومعته، والكاتب في مكتبته، والسياسي الديبلوماسي في بوتقته، والصحفي بمحبرته، والحرفي الفلاح في مزرعته، فهم يلتقون جميعا على صعيد معاداتهم  للإسلام ورموزه، فالإسلاموفوبيا، رحم إيديولوجي واحد للغرب، سواء أكان هذا الغربي واقفا على حافة اليمين، أم على حافة اليسار، وسيان أن يكون من المحافظين أو التقدميين، ذلك أن هذه الإسلاموفوبيا، هي مادة التلقيح الجديد، التي تكتسب بها فئات المجتمع الغربي مناعة الإسلاموفوبيا، لتقضي بها على مناعة الإنسان المسلم الحضارية، فيفقد بسببها هويته، ويخسر إنيته.

 

فما أشأم الغرب اليهودي النصراني على نفسه، وعلى الإنسانية جمعاء، فهو كلما ضعفت مصداقية سياسته، أو نقصت مبيعات صحافته، أو تحول المشاهدون عن بضاعة شاشته، أخرج لهم مادة التلقيح الإسلاموفوبية، ليستعيد الشعبية المفقودة، والمقروئية المعهودة، والمشاهدة التلفزيونية المنشودة، وما دور المثقفين، والمفكرين في هذه الحرب المعلنة على الإسلام والمسلمين؟ ذلك ما سيكونإن شاء اللهموضوع التعليق القادم. ((وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ)) صدق الله العظيم

مقالات ذات صلة