الرأي

“وكّالين” المال العام.. أخطر!

قادة بن عمار
  • 3285
  • 23

السلطة في بلادنا لا تُعامل “وكّالين المال العام” على كثرتهم.. بنفس الحدّة التي تعامل بها “وكّالين رمضان” على قلّتهم!!

الواقع أن هذه السلطة تريد الظهور أمام الرأي العام الوطني باعتبارها “ملتزمة دينيا”، من خلال ملاحقتها “كمشة” من “وكّالين رمضان”، في الوقت الذي تصوم فيه عن محاربة ناهبي الاقتصاد الوطني، بل وتستغرق وقتا طويلا في اتخاذ إجراءات ردعية، فتمارس المراوغة تلو المراوغة، والمناورة بعد المناورة في سبيل تأخير ملاحقة المفسدين الذين قطعوا أرزاق الشعب واستولوا على المال العام ونهبوا اقتصاد البلاد!!

هذه السلطة “المتديّنة”، تحاول أيضا أن تظهر “منفتحة حضاريا” أمام الرأي العام الدولي، حيث أعلن وزير الشؤون الدينية قبل أيام، ترحيبه بفتح مزيد من دور العبادة بالنسبة إلى الديانات الأخرى… دون أن يطلب منه ذلك أحد.. ما عدا رغبته الدفينة ببعث مؤشرات إيجابية للسفارات الغربية في البلاد، تفيد أن الحكومة الحالية “تحترم الأقليات”!!

التدخل الأجنبي للسفارات في عمل وزارة الشؤون الدينية ليس سرا ولا أمرا جديدا، بل إن الوزير الحالي ذاته، اعترف حين كان مديرا للتوجيه الديني ثم مفتشا عاما في وزارة غلام الله، أن فرقة من المخابرات الأمريكية حققت مع إطارات الوزارة بخصوص أموال الزكاة وطرق جمعها ثم صرفها، دون أن يُحرّك ذلك أيّ احتجاج ولا إدانة، ولو على سبيل الدفاع عن السيادة الوطنية التي طالما تغنّى بها هذا النظام!

الواقع أن وزارة محمد عيسى ومن ورائها حكومة سلال برمتها، ليست بريئة من هذه التدخلات، وستظل “مُذعنة لها” ما دامت تفكر بمنطق الأقلية للسيطرة على الأغلبية، وهي بذلك، تبحث عن شهادة حسن سلوك دولية في مقابل أن توزع “صكوك غفران” داخل البلاد.. حيث ما لبثت تلاحق الأئمة المتورطين في إطالة صلاة التراويح وكأنهم سرقوا بنك الخليفة أو تورطوا في فضيحة سوناطراك!

كان جديرا بالوزارة بدلا من فرض مزيد من الشروط على الأئمة، وملاحقة “السلفيين” باعتبارهم “اجتياحا أجنبيا” مثلما قال عيسى ذات يوم، أن “تنظف” بيتها الداخلي وتستعيد سمعتها التي تلطخت ببعض القضايا هنا وهناك، كما أن شنّ حرب استباقية على الفساد في القطاع بات أمرا ضروريا، بدلا من بعث  رسائل “أجنبية” بخصوص “انفتاح على بقية الديانات”.

هنالك فوضى “دينية” في البلد.. والوزارة الوصية تجاوزتها الأحداث بشكل كبير، كما تأكد للجميع أن المسألة لا علاقة لها بتغيير وزير والإتيان بآخر، بدليل أن كل ما سمعناه من محمد عيسى حتى الآن لم يختلف كثيرا عما سمعناه سابقا من غلام الله.. المسألة لها علاقة بالعقلية التي تحكم البلد، وطريقة رؤيتها للأمور، كما أن هذه السلطة التي “يثيرها” إمام يطيل الصلاة هنا، أو “مُفطر” ينتهك حرمة رمضان هناك، وتجتهد في “تعزيز مكانتها لدى السفارات” دون أن تتحرك بذات القدر أو الجهد لتطويق غول الفساد وإنهاء المشاريع العالقة ووقف الصفقات المشبوهة في أكثر من قطاع، هي سلطة فقدت البوصلة، ولا نعتقد أن مجرد جلسات في رمضان لعدد من الوزراء، أو مشاورات سياسية تستمر حتى الآن مع “ربع” المعارضة، كفيلة بإنهاء الأزمة أو إعطاء “مصداقية” للوضع الراهن.  

مقالات ذات صلة