الجزائر
الشروق العربي تحاور الصديقة المقربة لوردة الجزائرية "فاطمة بكرى":

“وردة تعرضت لظلم سياسي كبير وندمت على غنائها لمبارك”

حاورها من القاهرة موفد الشروق العربي طارق معوش
  • 2621
  • 0
تصوير: ابراهيم محمد ابراهيم
فاطمة بكرى

سبع سنوات من الغياب الكبير لصاحبة الصوت الماسي، والأغنيات التي سكنت وجدان جمهور من مختلف الأعمار، سبع سنين على رحيل وردة الجزائرية، التي كُتِبَ لها أن لا تشهد هذا البؤس العربي الكبير والتخبّط الفنّي الذي لم تستسِغه، فكان الموت ملاذها من الألم والصحّة التي خانتها، الشروق العربي حاولت أن تقدم وقفة خاصة وفريدة من نوعها بلقاء خاص وحصري مع صديقة مشوارها ومصففة شعرها “فاطمة بكري” فكان حديثها دائما كوكتيل من الأسرار..

أولا..نشكرك جزيل الشكر على استقبالك لنا السيدة فاطمة، خاصة وأننا نعلم أنك ترفضين الظهور في الاعلام.

العفو، فأنتم ضيوف أعزاء، وأنا اشكرك بدوري، لأن هذا اللقاء سيجعلني أفتح ألبوم الذكريات الجملية التي جمعتني بسيدة الطرب والتي كانت سببا في سعادتي وسعادة أسرتي.

المعروف أن وردة كانت تبوح بأغلب أسرار حياتها الشخصية لك خاصة بما يتعلق بوردة المراهقة من الحب الكبير الذي ملأ قلب وردة المراهقة؟

عشقت وردة وهي في سن السادسة عشر ملحن أغنية «تخونوه» في فيلم الوسادة الخالية وعرفت أن اسمه بليغ حمدي، ووقتها ظلت تنتظره وتترقب مقابلته وحدث ذلك عندما جاءت إلى مصر، وتقابلا في بيت الفنان محمد فوزي، ولحن لها بليغ أغنية «يا نخلتين في العلالي»، وأغرم بها لدرجة كبيرة . الحظ لم يحالف النجمين بعد ذلك فعندما تقدم بليغ لوالدها لطلب يدها للزواج رفض بشدة وطرده من منزله، وتزوجت الفنانة بعد ذلك من الضابط جمال قصري واعتزلت الغناء، وظل بليغ ينتظرها ويرفض الزواج ويتألم من هول الفراق، فكتب أغنية «العيون السود» لها، ورفض أن يعطيها لأحد وتركها في مكتبه، حتى أتته الفرصة ورآها في الاحتفال بعيد استقلال الجزائر حينما طلب منه رياض السنباطي أن يذهب بدلًا منه إلى هناك، فعاد الحنين إليها بعدما رأته وطلبت الطلاق من زوجها وقررت العودة إلى الفن.

بعد كل هذا الحب ولم يحضر مراسيم الخطوبة ..؟

بليغ تأخر كثيرًا عن موعد خطوبته، وأثار هذا الأمر قلق أصدقائه المدعوين، وكانت صدمة لوردة عندما علمت أن بليغ نسي موعد الخطوبة وأنه سافر إلى بيروت لانجاز عمل هام هناك، ورغم حرارة الحب بينهما استمر زواجهما ست سنوات فقط، ووقتها قالت وردة أن بليغ عاشق لعمله الفني بشكل يؤثر على بيته، ورغم ذلك ظلت على حبه حتى وفاتها.

ماذا عن الظلم الذي تعرضت له وردة سياسيا بمصر ؟

المعروف أن وردة تعرضت لظلم سياسي كبير، فقد منعت من الغناء 3 مرات في عهد جمال عبد الناصر، وأنور السادات، وحسنى مبارك، وأتذكر جيدا أنها قالت لي في إحدى المرات أنها ندمت ندما شديدا على الغناء لمبارك، رغم أنها كانت المطربة الأساسية في معظم احتفالات أكتوبر، ليس فقط لمجرد أنه رفض منح نجلها الجنسية المصرية، لكن لاقتناعها بأن الفنان لابد أن يغنى للشعب وليس للرئيس.

الكثير من صرح أن عنوان الألبوم الأخير لوردة كان وراءه سر هل هذا صحيح ؟

اختارت وردة أغنية “اللى ضاع من عمرى”، لتتصدر ألبومها الأخير، في رسالة أخيرة منها ، أرادت من خلالها تلخيص تجربتها في الحياة، كما أن كمية الشجن الكبيرة التي سيطرت على الألبوم لم تأت من فراغ، بل جاءت بعد قدر كبير من الحزن خصوصا بعد مرضها ووحدتها في ايامها الأخيرة.

في ختام لقاءنا هذا هل يمكنك أن تبوحي لنا عن السر الذي لا يعرفه أحد بحياة وردة ؟

تسكت ثم ترد والدموع بعينيها ..

من بين الأسرار التي لا يعرفها الناس عن وردة، أنه من أكثر الأعمال التي تعتز بها مقطع من القرآن الكريم قرأته بصوتها في فيلم “ألمظ وعبده الحمولي”، بل أنها تتمنى أن يكون ذلك شفيعاً لها يوم القيامة.
عن أيامها الاخيرة وعلاقتها بابنتها تقول فاطمة بكري:
“التونسية هي سبب العداوة بين وردة وابنتها وداد”

وداد لاتزال تبكيها ليومنا هذا..

وردة كانت تشعر بان ايامها بالحياة قد انتهت

احكي لنا عن وردة في أيامها الأخيرة..

لم تتحمل وردة الجهاز الذي كان بجسمها، وبعد أسبوع واحد سقطت على الرخام وماتت، الجميع ظن في تلك الفترة أن تلك السقطة هي الوحيدة التي قتلت وردة ولكن الحقيقة غير ذلك، منذ اليوم الأول الذي وضعت فيه وردة الجهاز لم يتحمله جسدها، وأصيبت بالوهن الشديد وفقدان الشهية والآلام الموجعة، لدرجة أن الأطباء منعوا عنها العديد من الأغذية.

 ألهذا الحد كانت صحتها متدهورة في أيامها الأخيرة؟

نعم، في أيامها الاخيرة كانت تتناول وجبة واحدة وصغيرة جدا في اليوم، وازدادت حالتها الصحية تعقيدا وتدهورا، ولم يكن هناك للأسف إشراف أو رعاية طبية في بيتها، وكانت الراحلة تشعر بضيق وألم في صدرها وعلى مستوى القلب، ولم تتمكن من الحراك وظلت راقدة فوق سريرها.

احكي لنا عن يوم وفاتها..

كانت وردة وهي على فراش المرض تشعر بقرب أجلها، وقالت لي: “يا فاطمة خلاص بقي وقت قصير جدا فقط في حياتي”.

كانت وردة يوم رحيلها مثل الملاك النائم بوجهها الطفولي ساكنة وهادئة

لا تتحرك، وقد تكلمت مع المرأة التي غسلتها وقالت لي والله أحس أنها كانت تصلي.

وماذا عن ابنتها وداد وغيابها من مراسيم جنازة والدتها؟

وداد لا تحب الظهور، ولكنها تحب والدتها كثيرا ولا تزال إلى يومنا هذا تبكيها بحرقة وتقيم لها عزاء سنويا ببيتها.

على هامش اللقاء

أنور السادات منعها من الغناء وهكذا استغل القذافي وردة الجزائرية!

–  صوت وردة الجزائرية كان لكل العرب على مسافة واحدة، دون تمييز وغير خاضع للساسة، الأمر الذي أوقعها في حرج أكثر من مرة، في إحداها أمر الرئيس المصري الراحل أنور السادات بمنع ظهورها أو بث صوتها في المحطات المصرية بعد غنائها للرئيس الليبي معمر القذافي عام 1977، حين أهدته أغنية خاصة في احتفالات الثورة الليبية، بعنوان “إن كان الغلا ينزاد” و”صلي ع النبي يا مصلي” وكان ذلك في عز التوتر بين مصر وليبيا.

– تعتبر النجمتان شيريهان ونبيلة عبيد من أكثر الفنانات اللواتي كنّ مقربات من وردة.

– لم تكن وردة تؤمن بمقولة “فنّان يخلف فنّانا”، وعندما سئلت عن نجوى كرم وإذا ما كان في استطاعتها أن تكمل مسيرة صباح في الغناء اللبناني، ردّت بتعجّب: “أبدا… صباح استثناء لا بل أسطورة، ونجوى شيء آخر”.

– كانت وردة خائفة جدا في حفلتها الأخيرة التي أقامتها في أسواق بيروت عام 2011، ولم يسعفها الطقس ولا الرطوبة المرتفعة نسبيا في بيروت على الغناء بالطريقة التي تريدها.

– رفضت وردة رفضا قاطعا أن تقوم أيّ شركة إنتاج بتقديم سيرة حياتها في مسلسل تلفزيوني، وحتّى اليوم يؤكّد ابنها رياض أنّ وردة لم تكن راضية على أيّ سيناريو يجري الحديث عنه ويتعلّق بمسيرتها الفنية، وكلّ ما حُكِيَ عن مسلسلات تتعلّق بتجسيد سيرة حياة وردة يبقى مجرد كلام.

– وردة كانت لا تحب الحديث عن الفنانين بسوء، وكانت تحب أن يمتلك مرافقوها خفة روح، وكانت تستمتع كثيرا وتغرق في الضحك حين تشاهد أفلام الممثل محمد هنيدي.

مقالات ذات صلة