الرأي

واسيني في القدس وإلياس سالم في إسرائيل

آسيا شلابي
  • 5399
  • 0

التقيت المخرج إلياس سالم، منذ أيام فقط، على هامش افتتاح فعاليات “أسطورة السينماتيك” في العاصمة الجزائر… بدا شابا بسيطا جدا وهادئا هدوء الحكماء… ينصت بإمعان لمحدثيه ولا يعلق إلا قليلا… وحتى عندما تلاحقه الصحافة وبعض المعجيبين من عشاق الفن السابع يبتسم خجلا…

إلياس سالم الذي تألق في “مسخرة” وحصد جوائز عربية وغربية عاد بقوة بفيلم “الوهراني”، الذي أقام الدنيا باستفزازه للأسرة الثورية وخوضه في “الممنوع”، عندما قال إن المجاهدين إبان الثورة التحريرية كانوا بشرا ولم يكونوا ملائكة. وأظهرهم في جلسات سمر وخمر.. الموضوع الذي فتح أبواب جهنم على إلياس سالم.. هذا الأخير استفاد من دعم وزارة الثقافة، مثلما استفاد نذير مقناش في عدد من “روائعه السينمائية” التي حاول من خلالها استمالة القائمين على مهرجان “كان”، على حساب سمعة الجزائر والجزائريين… هل شاهدنا “دليس بالوما” في قاعات العرض الجزائرية… طبعا لا، لأن خليدة تومي وقتها بذلت جهدها لإخفاء الفضيحة. كما حاولت خليفتها بعد ذلك، نادية لعبيدي، أن ترضي كل الأطراف بعدم تدخلها في ردود الفعل القوية التي أعقبت عرض “الوهراني”، رامية الكرة في مرمى المجاهدين.

الحديث يطول عن دفتر الشروط “الغائب” في التعامل مع الإنتاجات المشتركة وفي تمويل المخرجين والمنتجين “الفرونكو جزائريين” .. فبمجرد حصولهم على نصيبهم من “بترول” وطنهم الأم يرتمون في أحضان المنتج الفرنسي ويخضعون لشروطه…

وعلى هامش افتتاح تلك الفعاليات التقيت الروائي المتوج مؤخرا بجائزة “كاتارا” واسيني الأعرج.. وكعادته وببساطته المعهودة حدثني بحماسة الشباب وفرح الأطفال عن آخر رحلاته، التي كانت إلى القدس.. وفتح اللوحة الرقمية ليريني مجموعة صور التقطت له قي جامعة القدس، حيث حل ضيفا بدعوة رسمية من “رام الله”.. تحدث مطولا عن معاناة الفلسطينيين في الضفة الغربية ومرارة الإحساس بأنك مجبر على التعامل يوميا مع عدو مغتصب لا رحمة في قلبه ولا منطق قي عقله.. بالنسبة إلى واسيني رحلة القدس كانت رحلة العمر عبر الجغرافيا والتاريخ…

سعادة الروائي والإنسان واسيني مبررة يحسده عليها الكثيرون.. فمن منا لا يتمنى زيارة القدس التي توجتها الحكومات العربية رمزيا “عاصمة للثقافة الأبدية”.. ومن منا لا يحلم بدخول المسجد الأقصى والوقوف على جرائم “التهويد” التي طالته، كما طالت الشوارع والمعالم الأثرية.. سعادة واسيني تختلف كثيرا عن سعادة إلياس سالم.. فإلياس اختار أن تكون سعادته مع “الكيان الصهيوني” واختار أن يكون بعد الروائي بوعلام صنصال ثاني مجاهر بالتطبيع “الثقافي” مع إسرائيل.. لأن المشاركة في مهرجان سينمائي ترجع عائداته إلى المؤسسة العسكرية في تل أبيب لا يمكن أن تكون لها أي مبررات..

مقالات ذات صلة