-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

هل يُطرد قادة حماس من قطر؟

حسين لقرع
  • 3251
  • 0
هل يُطرد قادة حماس من قطر؟

تواترت في الأسابيع الأخيرة تقارير أمريكية وصهيونية عديدة تشير إلى أنّ قطر قد هدّدت مرارا قادة حماس المقيمين على أراضيها بالطرد من البلاد إذا لم يليّنوا موقفهم ويتخلّوا عن بعض شروطهم ويقبلوا توقيع صفقة تبادل أسرى مع الاحتلال. وذهبت “وول ستريت جورنال” الأمريكية إلى حدّ القول، نقلا عن مصادرها، إلى أنّ قطر ومصر أبلغتا قادة حماس بالدوحة أنّهم قد يواجهون خطر الاعتقال، وتجميد الأموال، وعقوبات أخرى كالطرد من قطر في حال لم يوافقوا على الصفقة التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي جو بايدن في خطاب 31 ماي الماضي.
تزايدُ هذه التقارير في الآونة الأخيرة يشير إلى أنّ قادة حماس في قطر يواجهون فعلا ضغوطا هائلة، عربية وأمريكية، للقبول بصفقة متواضعة تجعل تضحيات سكان غزة تذهب سدى، وفي مقدّمتها الموافقة على هدنة من 42 يوما لتبادل الأسرى، وخلالها يتفاوض الطرفان على شروط التوصّل إلى اتفاق لوقف دائم لإطلاق النار، لتبدأ المرحلتان الثانية والثالثة، ولكنّنا نجزم بأنّه لن تكون هناك إلا مرحلة أولى وأخيرة لتبادل الأسرى وبعدها يستأنف نتنياهو حربه على غزة بحجة القضاء على حماس. لذلك رأينا كيف كان موقفه من قرار مجلس الأمن الدولي الأخير غامضا مبهما، في حين صرّح مسؤولٌ صهيوني رفيع بأنّ هذا “القرار يسمح للكيان باستئناف الحرب بعد تبادل الأسرى”، ما يعني أنّ الاحتلال سيحاول فرض شروطه المجحفة على حماس خلال المرحلة الأولى، وإذا رفضتها الحركة فسيذرّع بهذا الرفض، بعد إكمال تبادل الأسرى، لاستئناف الحرب، وتحميلها أمام المجتمع الدولي مسؤولية إفشال الاتِّفاق.
وإذا وقعت حماس في هذا الفخ واستسلمت للضغوط الإقليمية والدولية، فستخسر دعم سكان غزة؛ لقد صبر هؤلاء إلى حدّ الساعة على ما يواجهونه في هذه الحرب من مجازر وتجويع ممنهج وتدمير واسع لبيوتهم ومرافقهم الخدمية، والتفّوا حول المقاومة ولم يخذلوها، ورفضوا ترك أراضيهم للمستوطنين وأفشلوا مخطط التهجير، أملا في تحقيق انتصار مشرِّف، وفكّ الحصار عن القطاع، وتحرير آلاف الأسرى الفلسطينيين الذين يقبعون في سجون العدوّ.. وإذا خضعت المقاومة للضُّغوط وقبلت بصفقة تبادل هزيلة، فسيرى فيها أهلُ غزة تنكُّرًا حقيقيًّا لتضحيات 47 ألف شهيد إلى حدّ الساعة -باحتساب 10 آلاف عالق تحت الأنقاض- ونحو 85 ألف جريح، ومئات الآلاف من المشرّدين، وسينتفضون عليها.
لذلك لا نعتقد أنّ حماس ستقبل بأقلّ من وقف إطلاق نار دائم في غزة، وانسحاب كامل لجيش الاحتلال من جميع مناطق القطاع، وعودة النازحين إلى بيوتهم بحرّية، وعقد صفقة تبادل مشرّفة تحرِّر من خلالها آلاف الأسرى وفي مقدّمتهم مروان البرغوثي وذوي أحكام المؤبّد، فضلا عن الاتّفاق على خطة لإعادة إعمار غزة بعد هذا الدمار الهائل الذي لحق بها. وقد صمدت الحركة إلى حدّ الساعة على موقفها هذا وواجهت كلّ الضغوط بثبات وإصرار، ولن تتراجع عن أيٍّ من شروطها ما دامت كتائب القسام متحكّمة في الميدان وتُثخن يوميا في العدوّ وتقنص جنوده وتفجِّر دباباته وآلياته، ولو كان ثمن هذا الثبات على الموقف طرد قادتها من قطر وفي مقدّمتهم إسماعيل هنيّة.
وإذا حدث ذلك، فلن يؤثّر فيهم هذا القرار؛ إذ أنّ هناك أكثر من بلد قادر على استقبالهم مثل روسيا وماليزيا وأندونيسيا وإيران واليمن وحتى كولومبيا التي كانت أكثر شهامة ونخوةً من المطبِّعين العرب وقطعت علاقاتها بالاحتلال، وهناك سيكونون بمنأى عن أيّ ضغوط عربية متخاذلة أو دولية متحاملة معادية، وقد يكونون هناك أيضا أكثر أمانا… ولحماس بعد ذلك أن تشكر قطر على حسن ضيافتها، وكذا على مساعداتها المالية المتواصلة لأهالي غزّة في السنوات الأخيرة، وعلى الدور الإعلامي الفاعل والمؤثر الذي تقوم به قناة “الجزيرة” في فضح جرائم الاحتلال أمام العالم أجمع طيلة ثمانية أشهر من الحرب.
إنّما على الاحتلال وأمريكا وبقيّة الوسطاء أن يبحثوا عن السِّنوار في أنفاق غزّة ليفاوضوه على الأسرى بعد خروج قادة حماس السّياسيين من قطر إلى أي بلد آخر، أو أن يحاوروهم في روسيا مثلا إذا اختاروها مقرّا جديدا لهم.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!