-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

هل تعرفون هيثم؟!

قادة بن عمار
  • 11499
  • 0
هل تعرفون هيثم؟!

بينما كان الجزائريون يستمعون لأسماء البرلمانيين الجدد أمس، كان الاسم الأكثر ترديدا عبر مواقع التواصل الاجتماعي وصفحات الجرائد والشارع، اسم هيثم نذير براهيمي، طفل عمره 14 سنة، قضى تحت عجلات “جرافة” كان من المفترض أن تنقله من حياة البؤس إلى حياة الكرامة، لكنها هدّمت حياته في لمح البصر مثلما هدمت منزل عائلته القصديري!

لا أحد من النواب الجدد، سمع بـ”هيثم نذير”، لكن سكان “حجرة الديس” في عنابة وما جاورها من أحياء، وغيرها من مدن، علموا بقصة هذا الطفل الذي وُلد وتربى وعاش ومات في بيت قصديري حقير!

المأساة صنفتها السلطات الولائية في عنابة ضمن خانة “القضاء والقدر”، لكن الوقائع التي سردها جيران الضحية تؤكد بما لا يدع مجالا للشك، فرضية الإهمال وسوء التسيير، تحديدا عندما تشترط السلطات المحلية على العائلات هدم منازلها قبل أخذ المفاتيح، ثم تستقيل من الإشراف على العملية وتسلّم الجرافات لسائقين “مراهقين” بلا خبرة، وعندما يُقتل الطفل وتبتر أطراف طفلة أخرى، يتم نقل الضحايا على متن سيارة “مازدا” وليس سيارة إسعاف، وعند الدفن، يحضر الجميع وتغيب السلطات الولائية، وكأن الأمر لا يعنيها!

ثورة الغضب التي قامت في عنابة، قد تتكرر في الكثير من المدن، ويزيدها اشتعالا طريقة تسيير ملف ترحيل العائلات، حين نجد مسؤولا يخاطب المواطنين قائلا: “أحمدوا ربي اللي رحلناكم”، ويكرر آخر على مسامعهم في ندوة صحفية رسمية: “اعلموا أن الجزائر هي البلد الوحيد الذي يوفر لمواطنيه سكنا بالمجان”، ويردد مسؤول ثالث بلا خجل ولا حشمة: “المواطن الذي يريد سكنا ولا ينتخب.. حرايمي”!

لا يمكن لسلطة بنَت عهدها على شعار العزة والكرامة أن تمعن في إهانة مواطنيها بهذا الشكل المبتذل، ثم لا تنتظر ردة فعل غاضبة بمجرد سقوط طفل في عملية الترحيل مثلما وقع في عنابة!

لا يمكن لبرلمان بلا شرعية يتجاهل مصرع طفل في عنابة وإقصاء عائلات من السكن في العاصمة، وتأخّر أجور آلاف العمال في الرويبة، وإهانة متقاعدي الجيش المحتجين على أطراف العاصمة، أن يستعيد سمعته بتهميش مثل هذه الصور والتعامل وكأنها تحدث في الفلبين وليس في الجزائر!

هنالك من يريد للجزائريين أن يكونوا بلا كرامة، في بلدٍ بلا سلطة، وبرلمان بلا شرعية، وحكومة بلا شعبية، وإعلام بلا مصداقية!

هؤلاء لم يشعروا بموت هيثم، مثلما لم يشعروا به حيّا، وقد يكون في جزائرنا العميقة آلاف من “هيثم”، لكن السلطة لا تنظر إليهم سوى كأرقام، وتتعامل مع ترحيل العائلات كإنجاز حكومي عظيم، انجاز بلا روح ولا ضمير، لذلك لم يكن غريبا ولا مفاجئا أن لا يشعر بعض هؤلاء المسؤولين بوخز الضمير عند قراءة أخبار وفاة مواطنين انتظروا سكناتهم منذ 17 سنة ولم تأت، بل يجتهد البعض في إظهار الوجه الآخر لمواطنين استفادوا من سكنات دون أن يدفعوا فلسا واحدا، وكأنهم وزعوا عليهم السكنات من أموالهم الخاصة وثرواتهم الشخصية وليس من ريع البترول ودم الشهداء و”دعاوي الخير” التي تحمي هذا البلد!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!