هل الخمار… مشكل..!
يبدو أننا دائماً ندخل في معارك “واهية” و”وهمية”، والمضحك في الأمر اعتبار الحجاب مشكلا في أداء الواجب الوظيفي، ونسي هؤلاء أنه قبل أن يكون ذلك حق شخصي مكفول دستورياً، فهو واجب ديني وقناعة فرضية، وعليه، فإن “علمنة” مؤسسة أو إضفاء “مدنية” مؤسسية لا يكون من خلال تعليمات نزع الخمار أو فرضه، ولكن بأمور أخرى أكثر جوهرية.
ولذلك متى كانت الدقة والمهنية وغيرها من المترادفات للمؤسسة الناجحة رمزاً لخلع الحجاب، فأين مؤسساتنا الدستورية للدفاع عن كل من يخدش شعار أحد بنود الدستور “دين الدولة الإسلام”…
فإنني أستعجب فرضاً من كل من يحاول استيراد مفاهيم غريبة عن تركيبة المجتمع الجزائري، ومحاولة غرسها، فالنتيجة لا محالة الرد وعدم القابلية والتلاشي..
ولذلك في القرن الحادي والعشرين، الكل يتمتع بحقوقه الشخصية، فهي مقدسة عرفاً وشرعاً وقانوناً، كما أن الشخص الوحيد القابل وله الحق في استعمالها أو استغلالها أو التصرف فيها كما يشاء دون تعليمات أو غيرها من الإجراءات، فهي معدومة -أصلا- وغير موجودة بنظرة القانون، ومختلف القوانين التي تحكم الجمهورية…
وبالنسبة للخمار في بعض الأسلاك الحساسة والتي تتعامل مع الجمهور بصفة دائمة، لنا العديد من التجارب الناجحة في الدول العربية والإسلامية من ماليزيا، تندونيسيا، مروراً بالخليج إلى المغرب.
والكل يؤدي عمله بدون أدنى مشكلة، ومحافظاً على طبيعة النظام السياسي، وعلى الانسجام والتناغم داخل المؤسسة..
وإننا كنا ننتظر تعليمات تخرجنا من تخلفنا على مستوى التحكم في التقنيات الحديثة، وتعليماتنا حول الإجراءات لمحاربة بعض الظواهر وتعليمات تدخلنا إلى مصافّ التحضر، وإذْ بنا نتفاجأ بتعليمة حول “الخمار”؛ وكأن الكل على ما يرام، ولم يبقَ سوى هذه الإشكالية، ولذلك إن كان قد تم “حظر” الحجاب في فرنسا وتجريمه بحجة رمز ديني، ودفاعاً عن الجمهورية، ففي الجزائر قياساً مع الفارق، فالطابع الإسلامي وثوابت الأمة، والتوازنات داخل المجتمع، والموروث المشترك للجزائريين، والقاسم المشترك، الإسلام والعروبة والأمازيغية.. لذلك لدفع الأمور نحو الاستقرار والاستفزاز ومحاولة خلق معارك وهمية..!
ويبدو أن الشارع الجزائري من سلطة ومعارضة، أفرادا ومؤسسات، استهجن هذه التعليمة، لذلك، فإن التساؤل المطروح هو: هل تم إلغاؤها أو التراجع عنها، وهل تم الرجوع إلى الحق والفضيلة؟
أم أن كل هذه الصرخات والمواقف “المعارضة” مجرد زوبعة في فنجان، لا أثر لها ولا تأثير، وهي كنداء بدون صدى؟
نتمنى أن ذلك السلم الاجتماعي قد يبدأ من خلال التوافق والانسجام مع مقومات الأمة وخصوصيتها الحضارية..
وما نريد إلا الإصلاح ما استطعنا.. وما توفيقي إلا بالله… والله على ما نقول شهيد…!