العالم
أحاطها النظام العلوي بكثير من السريّة لأكثر من 24 شهرا

هكذا تستّر المغرب على خسائره بوقف تدفق الغاز الجزائري

محمد مسلم
  • 15433
  • 2
أرشيف

من بين المسائل التي حرصت السلطات المغربية التستر عليها الخسائر التي تكبّدها الاقتصاد المغربي بعد قرار السلطات الجزائرية عدم تجديد عقد تدفق الغاز باتجاه إسبانيا عبر الأنبوب المغاربي في 31 أكتوبر 2021، الذي كان يمر عبر التراب المغربي، وذلك في أعقاب قرار الطرف الجزائري بقطع العلاقات الدبلوماسية وما ترتب عنها من عقوبات قاسية طالت المصالح المغربية.
ومعلوم أن المغرب كانت تحصل بموجب اتفاق تمرير الأنبوب على التراب المغربي قبل أن يصل إلى إسبانيا، على كميات معتبرة من الغاز في صورته الطبيعية، مع سيولة مالية بالدولار، منصوص عليها في العقد، هي عبارة عن رسوم مرور الأنبوب، غير أن كل هذه الامتيازات توقفت مباشرة بداية من الفاتح من نوفمبر 2021.
كما أن اثنتين من محطات توليد الكهرباء، وهما محطتا “تهدارت” و”بني مظهر”، كانتا تشغلان بالغاز القادم من الجزائر عبر الأنبوب المتوقف، وهو ما كان وراء توقفهما عن النشاط تماما، فكم دام توقفهما؟ وما هي الحلول التي لجأت إليها الحكومة المغربية لإعادة تشغيلهما، والتي تم التستر عليها في حينها، في وقت كان الطرف المغربي يصرح بأنه اتخذ كل التدابير تحسبا لقرار الجزائر السيادي بوقف العمل بالأنبوب؟
وفي هذا الصدد، عالج تحقيق ميداني بعضا من الجوانب التي تكبدها الاقتصاد المغربي بعد قرار الطرف الجزائري قطع الغاز. واستنادا إلى منصة “طاقة”، التي زارت محطة “تهدارت” بالقرب من مدينة طنجة، والتي تبعد بنحو 260 كيلومتر من العاصمة المغربية الرباط، فإن هذه المحطة توقفت لنحو ثمانية أشهر عن توليد الكهرباء بسبب عدم توفر الغاز، علما أنها كانت توفر الكهرباء لمناطق جنوب المملكة المغربية.
ومحطة “تهدارت” التي دشنت في عام 2005، باستثمارات قدرت بنحو 311 مليون دولار وبقدرة إنتاجية تقترب من 400 ميغاواط، هي مؤسسة تسيطر على غالبية أسهمها شركتين أجنبيتين، وهما شركة “إنديسا” الإسبانية بواقع 32 بالمائة، وشركة “سيمنس إنرجي” الألمانية بواقع 20 بالمائة، فيما النسبة المتبقية والمقدرة بـ48 بالمائة تسيطر عليها الحكومة المغربية.
وقد وجد القائمون عليها صعوبة كبيرة في توفير الغاز بداية من الفاتح من نوفمبر 2021، مباشرة بعد وقف ضخ الغاز عبر الأنبوب المغاربي الأوروبي، واحتارت الحكومة المغربية وفق المصدر ذاته، بين توقيفها نهائيا عن النشاط أو إغلاقها مؤقتا لمدة عام إلى حين توفير حاجياتها من الغاز، وفي الأخير لم تعد إلى النشاط إلا في جويلية 2022، أي بعد أزيد من ثمانية أشهر من التوقف، كما نقل المصدر عن مسؤولين مغربيين.
ولم تعد المحطة إلى العمل إلا بعد توقيع الحكومة المغربية صفقة لمدة 12 عامًا مع شركة شل (Shell) العالمية، لاستيراد نحو 500 مليون متر مكعب من الغاز المسال سنويا، لضمان استمرارية تشغيل محطتي “تهدارت” و”بني مطهر”، حيث تشتري الحكومة المغربية الغاز المسال، ثم تقوم بتحويله إلى غاز طبيعي في مركبات إسبانية، قبل أن يتم شحنه في اتجاه عكسي عبر أنبوب الغاز المغاربي الأوروبي، انطلاقا من إسبانيا.
وكان قرار تصدير الغاز من إسبانيا باتجاه المغرب قد خلف رد فعل جزائري قوي، بسبب الاشتباه في احتمال إقدام مدريد على تصدير الغاز الجزائري المصدر إلى إسبانيا عبر أنبوب “ميدغاز” الرابط بين التراب الجزائري والإسباني مباشرة ومن دون المرور على التراب المغربي، غير أن الطرف الإسباني، قدم يومها ضمانات لنظيره الجزائري بعدم تصدير أي “قطرة”، الأمر الذي جعل العملية تسير من دون معوقات.
ويكشف هذا التحقيق جانبا فقط من تداعيات وقف تدفق الغاز الجزائري على الاقتصاد المغربي، وهو ما تعلق بمحطتين فقط لتوليد الكهرباء، فماذا عن بقية قطاعات النشاط الأخرى، لاسيما وأن فترة الانقطاع جاءت في عز فصل الشتاء والربيع، اللذين عادة ما يكون فيهما الطلب على الغاز في عز ذروته، علما أن كمية الغاز محل العقد مع شركة “شل” العالمية، لم يوجه فقط سوى للمحطتين المتوقفتين عن التشغيل.

مقالات ذات صلة