جواهر
جواهر الشروق تقرّبت من مسنّات

هكذا بدأت قصص إدمانهن لـ “الشمّة”؟!

سمية سعادة
  • 6762
  • 7
ح.م

هن نساء في خريف العمر، تعلقن بها تعلقا شديدا، وأصبحت معه أي محاولة لإقناعهن بتركها لما لها من مخاطر على صحتهن، ضربا من ضروب المستحيل وتعديا صارخا على خصوصياتهن لأنهن أدمنها وانتهى الأمر، إنهن نساء “الشمة”، جزائريات اتخذن منها الأنيس والرفيق المواسي في رحلة حياتهن الطويلة يوم لم يكن في الحياة إلا خبز جاف، ومطرقة الاحتلال الفرنسي تدق رؤوس الجزائريين.

اليتم علمني “الشمة”

رقية عجوز على عتبة السبعين مصابة بمرض السكري، إلا أنها قد تتخلى عن دوائها ولكنها لا يمكن تحت أي ظرف من الظروف أن تتخلى عن “شمتها”رفيقة عمرها وصديقتها التي كانت تواسيها وتخفف من أحزانها، حيث تقول عن نفسها عندما سألناها عن سبب تعلقها ب”الشمة” أنها مرت بظروف قاسية في طفولتها جعلتها تدمن عليها، “مات أبي وأنا مازالت طفلة صغيرة فتزوجت أمي وتركتني في بيت جدي الذي لم أجد فيه راحتي، خاصة وأننا كنا حينها نعاني من الفقر وبطش الاستعمار الفرنسي  وانتقلت بين بيوت الأقارب التي لم أجد فيها ترحيبا وشعرت أنني ضيفة ثقيلة الظل، في تلك الأثناء كنت قد تعرفت على نساء يستعملن “الشمة” التي كانت حينها موضة لا تستغني عنها المرأة والرجل على السواء، حينها لم أجد بدا من تجريبها، ثم صرت مثلهن غير قادرة على تركها إلى يومنا هدا، لأنها تشعرني بالراحة النفسية التي كنت أفتقدها في تلك الظروف، وعلى الرغم من أن زوجي يمنع أبناءنا الذكور من التدخين واستعمال “الشمة”، إلا انه لا يتأخر في شرائها لي كلما نفدت مني لأنه يدرك جيدا أنها صارت جزءا مني.

تعلمتها من عمتي

تتقاطع قصة زينب التي لا يفصلها عن الثمانين عاما إلا بضع سنوات مع قصة رقية في نقطتين، اليتم و”الشمة”، حيث مات والدها وترك خلفه ستة أطفال بين ذكور وإناث، هي أكبرهم وأوسعهم إدراكا، خاصة وأن أمها كانت تعاني من اضطرابات نفسية تجعلها غير قادرة على تحمل مسؤولية أبنائها، فتحملت زينب المسؤولية بدلا عنها في وقت مبكر، وأصبحت تدير شؤون البيت بما كانت تحصل عليه العائلة من إعانات المجاهدين، في تلك الفترة تعرفت على “الشمة” من خلال عمتها التي كانت تزورهم باستمرار للاطمئنان على أبناء أخيها، “كنت اشعر أنني مدفوعة إلى تقليد عمتي في كل شيء لأنها كانت تحظى باحترام من قبل معارفها لما كانت تتمتع به من شخصية قوية ولما أبدته من مواقف شجاعة ضد الاستعمار الفرنسي، حيث كانت تقف في وجه الجنود التي تزور المداشر بشجاعة منقطعة النظير، كل هدا جعلني أقلدها في طريقة كلامها ومشيتها وفي حركاتها وتبني مواقفها وأخيرا في “شمتها”، كانت تضعها تحت الشارب كلما تطرقت في حديثها إلى أحد المواقف التي واجهتها بشجاعة، منذ ذلك الحين صرت مدمنة عليها حتى حين نصحني الطبيب بالإقلاع عنها، خاصة وأنها مصابة بمرض القلب.

موضة نسائية

أما السيدة حورية، وهي في منتصف السبعينات، تقول إن تعلقها ب”الشمة” ليس مرتبطا عندها بذكرى سيئة، مثل الأخريات، وإنما كان تعاطي “الشمة” في ذلك الوقت بمثابة الموضة التي تمنح صاحبتها الاحترام والإعجاب، فسارعت إليها الكثيرات من النساء ليحظين بهذه المكانة، وكنت أنا وأخواتي من بين هؤلاء النسوة، ورغم أنني حاولت الاستغناء عنها، خاصة وأن الأطباء يحذرون منها، إلا أنني لم أتمكن من ذلك إلى أن حانت ساعة سفري لأداء مناسك الحج، حيث استعضت عنها بمسحوق الزعتر مؤقتا، ريثما أعود إلى الوطن، وشعرت حينها بصداع ودوخة تجاوزتهما بصعوبة شديدة، وعندما عدت إلى بيتي، فقدت الرغبة في استهلاكها وبالتالي تخليت عنها بصفة نهائية.

أقلها تشويه الأسنان وإضعاف للثة

قد نلتمس لنساء “الشمة” من المتقدمات في السن العذر، لأن إدمان أكثرهن لديه علاقة مباشرة بالظروف القاهرة التي مررن بها، والجهل الذي كان مخيما على تلك السنوات، ولكن ذلك العذر لا يمكن أن نلتمسه لنساء “الدخان والزطلة”، لأن الظروف والأسباب مختلفة، غير أن هذا العذر لا يمنعنا من توجيه النصح لهؤلاء النساء بالإقلاع عن “الشمة” لما تسببه من تشويه للأسنان وإضعاف للثة، ناهيك عن الأمراض الخطيرة مثل سرطان الدم واللثة.

مقالات ذات صلة