هذه أولويات التنمية المحلية ورسائل الزيارات الميدانية

في التعهدات الـ54 التي وضعها الرئيس عبد المجيد تبون، خلال حملته الانتخابية، نجد اهتماما بالغا بالجبهة الداخلية والتنمية المحلية، من ذلك “تعزيز الدور الاقتصادي للجماعات المحلية”، و”إطلاق مشاريع مهيكلة ومشاريع هياكل قاعدية كبرى”، إضافة إلى تحسين مناخ الأعمال وتشجيع الاستثمار، بعض هذه الالتزامات تتطلب شراكة أجنبية، وهذه الأخيرة تقتضي بطبيعة الحال قوانين ناظمة للاستثمار وتحسين مناخه، وهو الأمر الذي يفسر “الجولات الماراطونية” التي قادت الرئيس تبون في الفترة الأخيرة إلى دول محورية، كما هو الحال مع روسيا والصين وتركيا وقطر، وقبل ذلك إيطاليا والبرتغال.
وبين تلك الخرجات الدبلوماسية، كانت هناك محطات داخلية، حيث أجرى الرئيس تبون مؤخرا، جولة شملت ثلاث ولايات وسطى هي العاصمة وبومرداس وتيبازة، دشن خلالها مشاريع وتوقف عند أخرى تخص قطاعات حيوية متصلة بالحياة اليومية للمواطن، هي المياه والسكن والصحة، واستكمالا لعملية الوقوف على التنمية المحلية، أجرى الوزير الأول “دورية نحو الشرق”، شملت ولايات قالمة، عنابة والطارف، لمعاينة مشاريع لا تقل أهمية في قطاعات الطاقة والنقل والمياه.
وفي تعليقه على هذه الحركية التي تعرفها الجزائر على مستوى الجهاز التنفيذي، أكد رئيس المركز الجزائري للدراسات الاقتصادية والبحث في قضايا التنمية المحلية، ياسين عبيدات، أن زيارة العمل والتفقد التي قام بها الوزير الأول مرفوقا بوفد وزاري هام إلى ثلاث ولايات بشرق البلاد للوقوف على سيرورة عدد من المشاريع الحيوية ذات الطابع الاقتصادي والاجتماعي تأتي تطبيقا لتعليمات رئيس الجمهورية التي وجهها للوزير الأول ووزراء الحكومة بتقليص الاجتماعات الأسبوعية والنزول للميدان، من خلال وضع أجندة زيارات إلى الولايات، لتفقد مشاريع البنى التحتية والوقوف على مدى تنفيذ القرارات.
وأضاف عبيدات لـ”الشروق” أن الحكومة لجأت إلى السرعة القصوى للوقوف على متابعة المشاريع الحيوية والمنشآت القاعدية في قطاعات الأشغال العمومية والطاقة والصناعة والمناجم والموارد المائية وغيرها من المشاريع التي تهم ملايين الجزائريين.
كما أشار المتحدث إلى الزيارة السابقة لرئيس الجمهورية إلى ثلاث ولايات بوسط البلاد، وهي العاصمة، بومرداس، تيبازة، بمناسبة ذكرى عيد الاستقلال، وتدشينه هناك لعدد من المشاريع الحيوية ووضع حجر الأساس لأخرى تدخل في إطار تنفيذ برنامجه الرئاسي وتجسيد التزاماته خلال حملته الانتخابية، خصوصا أن مدة العهدة الانتخابية ستدخل قريبا عامها الأخير.
من جانبه، قال الخبير في التخطيط الاستراتيجي والعلاقات الدولية، محمد الشريف ضروي، إن نزول الوزير الأول لولايات شرقية وقبلها زيارة الرئيس تبون في الخامس جويلية، وما ينتظر من زيارات أخرى مبرمجة لأعضاء الجهاز التنفيذي “تندرج ضمن المعاينة المباشرة للعديد من المشاريع ذات الطابع الحيوي الاستراتيجي”.
ويؤكد ضروي في تصريحات لـ”الشروق” أنّ “البلاد ستشهد في الفترة المقبلة عملية إدماج ما بين التوجهات الكبرى في الجانب الاقتصادي والتجاري، والمشاريع الاستثمارية العملاقة التي وقَعت عليها الدول مع الجزائر وعلى رأسها الصين”.
ويتابع ضروي أن “المشاريع والوعود المقدمة والاتفاقيات الموقع عليها والاستثمارات المنتظرة، ستكون ذات طابع استراتيجي في القطاعات الاقتصادية ذات الأولية، ما يجعل الزيارات التي تمت من رأس الدولة والمبرمجة لاحقا من الوزراء، ستكون للوقوف ومتابعة ومدى استعداد الولايات لما حدد لها في الشراكات الدولية”، موضحا “نتكلم عن استثمارات المناولة واستثمارات الشراكة، وهما ما تم وضع الأسس القانونية لتنفيذها، ومن ذلك قانون الصفقات العمومية وقبله قانون النقد والصرف وقانون الاستثمار، حيث يمكن الجزم بأن بيئة الاستثمار جاهزة”.
وبخصوص الرسالة التي بعثت بها السلطات العمومية من خلال هذه الزيارة، وتأكيد الوزير الأول على تجسيد التزامات الرئيس تبون، قال ضروي “الرسالة المبلغة للمواطن أن القطار التنموي انطلق أسرع بعدما تمكنت البلاد من التوقيع على اتفاقيات ضخمة بملايير الدولارات، هذا الأمر من شأنه إعطاء دفع وحركية في عدة قطاعات حيوية، كالأشغال العمومية والسكن وقطاع الطاقة، ما سيكون له الأثر المباشر على حياة المواطن، باعتباره أساس العملية التنموية”.
وفي منظور ضروي، فإن الرسالة الثانية التي يريد تمريرها الرئيس تبون هو أن “الاستثمارات عادلة على جميع ولايات البلاد، لتحقيق حركة تنموية متوازنة بين جميع المناطق”.