-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

“هذا نتاعنا”!

قادة بن عمار
  • 4347
  • 3
“هذا نتاعنا”!

كنا نتمنى لو أن التقويميين المطالبين برأس عبد العزيز بلخادم، جعلوا من فضيحة التزوير في أحد مكاتب الانتخاب بتبسة سببا لدعوة خصمهم للاستقالة “حفاظا على سمعة الحزب العتيد التي باتت في الحضيض منذ سنوات”، ولكن لأن تلك السمعة لا تهم التقويميين أصلا، بل ساهموا في ضياعها حين كانوا حلفاء لبلخادم في السابق، فقد اتخذوا من قضية وعده الخيالي بالفوز في ألف بلدية، ثم عجزه عن تحقيق ذلك أحد الأسباب المهمة للمضيّ في مشروع انقلابهم!

نشك لحظة واحدة في أن بلخادم الذي يعتبر فوزه بالتزوير في التشريعيات ثم في المحليات، كرما إلاهيا، مشغول للحظة واحدة في التفكير بمناوئيه وخصومه، بل تفكيره الآن ينصب حول أمر واحد وهو قصر المرادية ولا شيء غير ذلك!

الأمر ذاته بالنسبة للأمين العام للأرندي أحمد أويحيى، والذي يدرك تماما أنه حتى في حال اشتداد شوكة التقويميين ضدّه بزعامة وزير الصحة السابق يحيى ڤيدوم، فإنها ستنكسر في ربع الساعة الأخير قبل تنفيذ الانقلاب أو التغيير، ولمن يشكك في ذلك فليسأل الطاهر بن بعيبش عن “الجماعة” التي اتصلت به عقب إقالة أويحيى من على رأس الأرندي وطالبته بإرجاعه والتخلي عن فكرة التغيير؟!

“الجماعة” هنا هي “الدولة العميقة” في عدة دكتاتوريات، لا تؤمن بالحرية في الاختيار، ولا بالانتخاب وسيلة للتغيير، بل تتعامل مع الأمر على أنه تسيير لمصالح متبادلة، حيث لا أعداء ولا أصدقاء، كما أن منطق “هذا نتاعنا” أو “رجلنا” أفسد الحياة السياسية بالكامل، والغريب أنه بات السبيل الوحيد لاختيار كبار المسؤولين في أهم المناصب!

المشكلة الأكبر أن جميع المتواجدين في الساحة السياسية حاليا يعتقدون أنهم يتوفرون على صفة “رجلنا” أو”هذا نتاعنا” فبلخادم يعتقد ذلك، وأويحيى أيضا، وحتى عمار غول، وربما عمارة بن يونس، وكذا علي بن فليس وشخصيات أخرى!

جميع القيادات السياسية التي شاركت في التشريعيات ومن بعدها في المحليات، تدرك جيدا أن تلك الانتخابات لم تكن سوى بروفة من أجل الرئاسيات التي تبدأ كالعادة مُبكّرا في بلادنا، ولا أحد حتى الآن، يعرف الإجابة عن السؤال التالي: هل سيترشح الرئيس لعهدة رابعة أو أنه سيغادر؟!

جماعة الانتهازيين والمستفيدين من ريع السلطة لا يهمهم “الرئيس” بقدر ما يهمهم استمرار النظام..وهذا الأخير، يتوفر على العديد من الخيارات، والتي ليست بالضرورة “محبوبة شعبيا” بل وأحيانا مرشحة للسقوط حتى في داخل أحزابها على يد حركات تقويمية، لكن متى توفرت شروط ومعايير أخرى في تلك الشخصية فإنها بلا شك ستحقق الإجماع المطلوب!

سيكون الوصول إلى الرئاسيات طويل جدا، بسبب انطلاق الحملة الانتخابية مبكرا، لكن يخطئ البعض حين يعتقد بأن الاعتماد على عمارة بن يونس مثلا أو حتى بلخادم وأويحيى وعمار غول، سيكون كافيا من أجل إقناع الشعب بالكذبة الكبيرة المسماة “التغيير في ظل الاستمرارية”، كما أن انتحار الإسلام السياسي على يد سلطاني وجاب الله وربيعي وبن عبد السلام، لم يكن أمرا مستبعدا لأن هؤلاء لم يكونوا على قدر أهمية التيار تاريخيا، وعليه، فإن الشعب بات يبحث عن التغيير الحقيقي وليس المفبرك، وهنا نتحدث عن الملايين التي قاطعت وأيضا عن تلك التي شاركت عنوة، فكلها تقتسم الهّم نفسه والرغبة ذاتها في تحقيق الانتقال السلمي للسلطة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • rachid

    ما دمتم انتم الصحافيون لا تملكون شجاعة عبد الحليم قنديل و ابراهيم عيسى و بلال فضل فلا تكتبوا عن التغيير
    انصحك ان تكتب عن الرقص الشرقي او عن تاريخ الروينة عبر العصور

  • هشام

    ربيع عربي أم بعير عابر

    في يوم من أيام شتاء تونس الخضراء,صفعت شرطية متهورة بائعا متجولا يدعى محمد البوعزيزي, فاحترقت روحه غيضا من هذا الفعل المهين قبل أن يقرر حرق جسده المثقل بالهموم معلنا بذلك –من حيث لا يدري- حرق العالم كله.
    فمنذ ذلك اليوم و نحن نتخبط و نتألم لما ألم بالأمة العربية من خراب و دمار تحت عنوان الربيع العربي الذي تم استثماره سياسيا و إعلاميا من قبل الدول الكبرى و حتى الصغرى على رأسها قطر الناطق الرسمي العربي للغرب,و كتيبة الجزيرة الجناح العسكري لدويلة قطر.
    أول سؤال يتبادر إلى ذهن أي إنسان عاقل هو:لماذا استهدفت الدول التي ل

  • منير

    كلام في الصميم هذا هو الواقع للأسف
    بتفاصيله