الرأي

نقاشات فارغة!

قادة بن عمار
  • 4036
  • 7

ما يقوله البعض ويجتهد في نشره عدد من السلفيين، أو المحسوبين عليهم زورا وبهتانا، في مصر وتونس وبلدان أخرى، هو قصور فكري صحيح، كما أنه حقّ يراد به باطل، حيث يعمد ناشرو تلك الأفكار إلى القول بأن الإسلاميين إن وصلوا للسلطة سيُغرقون الأمّة في نقاشات فارغة، لا أساس لها من الصحة ولا علاقة لها بالواقع!

خلال اليومين الماضيين فقط، تناقلت العديد من المواقع الأخبار التالية.. جهادي مصري يدعو لتدمير أبو الهول والأهرامات.. سلفي آخر يطالب بإطلاق اسم أم الثوم على كوكب الشرق أم كلثوم حتى لا يربط البعض بين اسمها واسم بنت الرسول صلى الله عليه وسلم.. داعية سعودي يؤدّب طفلته الصغيرة حتى الموت.. شيخ من شيوخ السلفية في تونس يدعو إلى تزويج الفتيات الصغيرات حتى قبل بلوغهن سنّ السادسة بشرط توفر القدرة على الاستمتاع أثناء الجماع!!

مثل هذه العناوين العريضة وغيرها، تهدف بالأساس إلى تجريم السلفيين والإسلاميين عموما، كما أن عددا من المحسوبين على الليبرالية والعلمانية زورا وبهتانا أيضا، ينتقون تلك الأخبار بعناية “شيطانية” فائقة للقول بأن الإسلاميين شرّ مطلق سيطال الجميع، في حال الانتخاب عليهم أو اختيارهم بطريقة حرّة وشفافة!

هذه النقاشات وغيرها، تفجرّت أكثر في بلدان الربيع العربي، لذمّ أي تغيير أو تفكير فيه، وللقول بأن جحيم الإسلاميين من أصحاب اللِحى أقسى وأمرّ من خريف الاستبداد والدكتاتورية، وهنا يضع البعض تلك الشعوب أمام خيارين لا ثالث لهما، وكأنّ الإسلاميين المتطرفين مثل المستبدين من العسكر، قدر ثابت لا يمكن تغييره، وهذا تحليل خاطئ تماما!

من العادي جدا أن يكون الإسلاميون في تونس ومصر، في طليعة المشهد السياسي والفكري ما بعد سقوط النظم الاستبدادية العسكرية، والتي تحالفت لسنوات وعقود مع نخبة رخيصة من مدّعي العلمانية والليبرالية، حتى تسحق كلّ من يصلي ويصوم ويحج، أو انبعثت منه رائحة الالتزام الديني، رغم أن تلك الأنظمة وإن ذكِرت عنها واحدة من صفات العدل والمساواة، فهي لا تُذكر سوى من خلال عدلها بين جميع خصومها، حيث حشرت العلماني مع الشيوعي مع السلفي داخل زنزانة واحدة، لتستمر هي في السلطة!

لابد على عقلاء التيار الإسلامي، وخصوصا أولئك الذين انتخبت عليهم غالبية شعوبهم في مصر وتونس، أن يتعاملوا مع دخولهم السلطة بفكر مغاير تماما عن نضالهم في سنوات المعارضة، كما أن للأمة العديد من المعارك الشرسة والجراح المفتوحة، ما يكفيها عن خوض معركة تسمية أم كلثوم أو هدم أبو الهول. وفي الوقت ذاته، على بقية العلمانيين المزورين أو بقايا الشيوعية من غير الوطنيين والمتحالفين مع الخارج، دون الشرفاء وهم قلّة، أن يخرسوا أو يمارسوا المعارضة بشكل حرّ وديمقراطي نزيه، بعيدا عن التنابز بالألقاب أو إثارة الفتن، وإظهار عيوب السلفية وكأنها جريمة لا تغتفر.

مقالات ذات صلة