-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

نعل ولعن

نعل ولعن

لو أُوتيتُ مثل ما أوتي أحمد بن محمد المقري التلمساني (ن 1631م) من قلم سيّال، وفكر جوّال، وعقر صوّال، وخصب خيّال لألّفت كتابا عن حذاء الشاب العراقي منتظر الزيدي كما ألّف المقري كتابا عن نعل سيد ولد آدم -عليه الصلاة والسلام- سماه »فتح المتعال في مدح النعال«.

  • لو ضُرب جورج ولكر بوش بسيف فلق حتفه لكان ذلك شرفا له، ألم يقل حكيمنا أبو الطيب المتنبي:
  •  
  • ولا تحسبن المجد زِقًّا وَقَيْنَة***فما المجد إلا السيف والفَتْكَة البِكر
  •  
  • ولو أُطلقت رصاصة على جورج بوش فأصابت منه مقتلا لكان ذلك وساما على صدره، يرفع به خسيسته، ويواري به سوأته.
  • إن جورج بوش ليس أهلا لا لهذا ولا لذاك، فكان نصيبه أن يقذف بحذاء قد يكون حاملا لِعَذِرة.
  • إن قذف جورج بوش بحذاء يمثّل أسوأ إهانة يمكن أن توجه إلى شخص، لأن الحذاء -رغم فائدته- هو أهون شيء، ولذلك ضرب العرب به الأمثال في الذِّلة والمهانة، فقالوا: »أذل من النعل«، وقالوا »ما كنتُ نعلا« لمن ينفي عن نفسه الذلة والمسكنة. وقالوا: »ليت لي من وجهك حذاء فأنتعله«، وذلك لمن تسلّفت مروءته، وشانت أخلاقه، حتى لم يعد صَلِحا منه إلا جلد وجهه لصنع حذاء يُنتعل.
  • لهذا كله، رأى الشاب منتظر الزيدي أن الحذاء هو أحقر، وأتفه، وأهون شيء ممكن أن يضرب به وجه جورج بوش، الذي ينطبق عليه قول شاعرنا العربي:
  •  
  • حويتَ من السوءات ما لو طرَحته***وما ترك الهاجون فيك بقية
  •  
  • على الشمس لم تطلع بأي مكان***يدور عليها في الهجاء لساني
  •  
  • إذا كان أكثر العرب يرون النعل أهون الموجودات، وأحقر الكائنات، فإن بعض العرب يعتبرون النعل أشرف وأكرم من بعض الناس، وقد تخيل شاعر أن النعال احتجت، وشكت لأنها قُذِفت في وجوه أناس لئام، فقال:
  •  
  • قوم إذا صفعت النِّعال وجوههم***شكت النعال بأي ذنب تصفع
  •  
  • لقد استهجن هُجَنَاؤنا فعل منتظر الزيدي، وقال سفهاؤنا إن فعله وقيح، وسلوكه قبيح، وكان في مُكْنَته أن ينتقد سياسة جورج بوش بلسانه أو قلمه.
  • ونقول لهؤلاء الهجناء، ونرد على هؤلاء السفهاء بأن جورج بوش ليس من الصنف الذي يخاطب باللسان، أو يرد عليه باليراع، فقد أعمته القوة وأطغته وأصمته، فطغى وبغى، فكان جزاؤه أن قذف بنعل احتقارا لشأنه، وإهانة لشخصه: »وما المرء إلا حيث يجعل نفسه«
  • ألمْ ير هؤلاء الهجناء كيف خرجت المظاهرات، وسُيّرت المسيرات، وأُقيمت التجمعات في العالم كله لإيقاف بوش عند حده، ورده عما عزم على فعله؟ فهل ألقى بوش المتغطرس السمع لتلك الاحتجاجات: وهل استجاب لتلك الصيحات؟
  • ألمْ يقرأ هؤلاء السفهاء مئات المقالات في كبرى الجرائد والمجلات تنهى بوش عن تلك الجرائم والمنكرات؟ فهل تدبر بوش تلك المقالات الصادرة عن كبار الشخصيات؟
  • إننا نقول لهؤلاء الهجناء ولهؤلاء السفهاء الذين أطلقوا ألسنتهم وأجروا أقلامهم بالسوء في منتظر الزيدي على فعله، نقول لهم ما قاله عربي لامَه لائمون على تصرف سيء وسلوك غليظ نحو شخص لئيم خسيس، حيث جادل عن نفسه بقوله »لو كان ذا عقل لكنت أُعَاقِله«
  • إن جورج بوشلحماقته وطغيانهليس أهلا لأن يُهجى، فضلا عن أن يُخاطب مخاطبة العقلاء، أو يُتصرف معه تصرف الشرفاء.
  • إنني كلما رأيت وجه ذلك الـ »بوش« أو سمعت صوته تذكرت ذلك الشاعر العربي الذي احتار كيف يهجو شخصا عديم الذمة، حقير الهمة، فلسان الشاعر لا ينطلق فيه، وشعره يُنزّهه عن تناول ذلك الشخص الرقيع، فقال:
  •  
  • بما أهجوك؟ لا أدري
  •  
  • إذا فكرتُ في عرضـ
  •   
  • لساني فيك لا يجري
  •  
  • ك، أشفقت على شعري
  •  
  • ومن سوء حظ هذا الشاعر أنه لم يكن معاصرا لمنتظر الزيدي، ولو كان من معاصريه لكان أول المقتدين به، المستنين بسنته، ولرمى صاحبه بنعله، احتقارا لشأنه، وإهانة لشخصه، كما فعل منتظر بعدوه.
  • يبدو من مظهر الشاب منتظر أنه »عبق لبق« ولكن كلمة تلفظ بها اعتبرتها إساءة إلى مخلوق بريء، حيث خاطب ذلك الـ »جورج« وهو يرجمه بالنعل قائلا: »هذه قبلة الوداع يا كلب«. فما هو ذنب الكلب -يا أخي منتظر- حتى تشبه به هذا الكائن؟
  • ألم تعلم -يا أخي منتظر- أن مواطنك عمرو بن بحر الجاحظ قد قال في كتابه »الحيوان«: »ومنافع الكلب لا يحصيها الطَّوامير« (أي الصحف)، وتحدث عما سماه »أدب الكلب«؟ فما هي منافع جورج بوش؟ وما هو أدبه؟ فاستغفر لذنبك -يا أخي منتظر- واعتذر للكلاب، »وخَلاَكَ ذَمٌّ«.
  • لقد حاول جورج بوش أن يخفف من وقع الحادثة، فقَزَّح (*) وجهه، وجاء بكذبة أكبر من »الطِّمّ والرِّمّ« فقال: »إنني أعلم أن الصحفي لا يمثل الشعب العراقي«.
  • إن الأمر الذي يجحد به بوش، وتستيقنه نفسه، ويعلمه علم اليقين هو أن منتظر الزيدي لا يمثل الشعب العراقي فقط، ولا يمثل الشعوب العربية فسحب، ولكنه يمثل كل المسلمين -إلا أراذلهم- وكل الأحرار في العالم. وإذا أراد بوش أن يتجاوز »علم اليقين« إلى »عين اليقين« فلينزل إلى شوارع المدن العربية والإسلامية والعالمية -ولو في حماية زبانيته وعملائه- ليسمع ما لا يرضى من القول، وليرى آلاف النعال يُرجم بها كما يُرجم الشيطان في مِنى، لأنه يجسد من وصفه الشاعر بقوله:
  •  
  • مِن وجهه نحسٌ ومِن قربه
  •  
  • رِجسٌ، ومن عِرفَانِه شُؤمُ
  •  
  • كنت أفكر في عنوان معبر لهذه الكلمة، فإذا بي أرى في المنام شخصا يقول لي:
  • اجعل عنوانها: »نعل ولعن«. فقلت لصاحبي: ولماذا؟ فأجابني: لأن فيه السخرية والاستهانة بهذا الطاغية، الذي عاث في الأرض فسادا، واستعلى فيها بغير الحق، وفيه الدعاء عليه. فقلت: أما الاستهانة والسخرية فقد أردكتها من كلمة »نعل«، ولكن أين أجد اللعن في اقتراحك؟ فقال: اقرأ كلمة »نَعْل« من آخرها.
  • لقد سنّ منتظر الزيدي سنة حسنة، فله أجرها وأجر من عمل بها، خاصة أن عالمنا مملوء بمن يستحقون الرجم بالنعال لوضاعة نفوسهم، وقذارة أفعالهم، وخساسة أخلاقهم، ولذلك فهم ليسوا أهلا حتى للذم والهجاء، إذ كل واحد منهم يصدق فيه قول الشاعر:
  •  
  • وليت الهجاء يرفع منك***إن ذَمّ الوضيع كالإطراء
  •  
  • وسلام عليك يا منتظر يوم ولدت، ويوم رميت، ويوم ابتليت بإلقائك في غياهب السجن يتعاورك الأنذال، ويتخطفك الأرذال، ويوم تخرج يا منتظر وأنت منتصر.
  • ————- 
  •  * قَزَّحَ وجهَه: صبّ عليه بَوْلاً، ويُقال لمن لا حياء له.
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!