-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
محاولا الإيقاع بين الجالية الجزائرية ومعسكر اليسار

نصيحة مسمومة من سفير فرنسا الأسبق للجزائر

محمد مسلم
  • 12085
  • 0
نصيحة مسمومة من سفير فرنسا الأسبق للجزائر
أرشيف
السفير الفرنسي الأسبق في الجزائر، كزافيي دريانكور

نصيحة من نوع خاص قدمها السفير الفرنسي الأسبق في الجزائر على مرتين، كزافيي دريانكور، للسلطات الجزائرية تخفي الكثير من المكر، بخصوص المعسكر الذي ستعول عليه، بالأخص ذلك الذي سيحمي مصالحها في مرحلة ما بعد الانتخابات التشريعية الفرنسية المسبقة، المرتقبة على مرحلتين يومي 30 جوان الجاري والسابع من جويلية المقبل.
الدبلوماسي الفرنسي وانطلاقا من النصيحة التي قدمها في شكل مقاربة، يبدو قي صورة من يدس السم في العسل، وإن حاول تبرير هذه المقاربة بالقياس على حالات سابقة في مرحلة من مراحل العلاقات الجزائرية الفرنسية.
وقد يقف المراقب للسجال الانتخابي في فرنسا هذه الأيام، على محاولة كزافيي دريانكور، ضرب العلاقة بين الجزائر من خلال جاليتها في فرنسا، بمعسكر اليسار (الجبهة الشعبية الجديدة)، والذي من أبرز رجالاتها، جون لوك ميلونشون، الذي يواجه بشراسة اليمين المتطرف، بقيادة عائلة ماري لوبان، التي تدير حزب “التجمع الوطني”، وريث “الجبهة الوطنية” المتطرفة، الذي أسسه جون ماري لوبان، في سبعينيات القرن الماضي، رفقة رموز منظمة الجيش السري الإرهابية (OAS) .
وفي مقال جاء في شكل مساهمة في صحيفة “لوفيغارو”، المنبر الرئيسي لليمين واليمين المتطرف في فرنسا، تحت عنوان: “الجزائر قلقة بشأن الانتخابات الفرنسية”، أشار إلى أن أفضل ما عاشته العلاقات الجزائرية الفرنسية، كان في عهد “اليمين المعتدل”، وخص بالذكر منهم “الديغوليين”، نسبة إلى الجنرال والرئيس الفرنسي الراحل، شارل دي غول (1959/ 1969)، الذي يتهمه اليمين المتطرف بالتفريط في الجزائر الفرنسية، بسبب جلوسه إلى طاولة المفاوضات مع الحكومة الجزائرية المؤقتة، والاستسلام لخيار الاستقلال تحت الضغط العسكري.
كما يعتبر الدبلوماسي المتقاعد أن “الجيسكارديستانية”، نسبة إلى الرئيس فاليري جيسكار ديستان، أقامت علاقات مستقرة مع الجزائر خلال فترته الرئاسية 1974/ 1981، فيما يعتقد أن فترة حكم الرئيس الاشتراكي، فرانسوا ميتران (1981 / 1995)، كانت سيئة على صعيد العلاقات مع الجزائر، ومن ثم فهو يعطي الانطباع بأن المعسكر اليساري القادر على هزيمة حزب اليمين المتطرف بقيادة حزب عائلة لوبان، قد لا يكون الأفضل للمصالح الجزائرية.
ولكن ماذا بقي من اليمين المعتدل الذي يعتبره كزافيي دريانكور، الأفضل من الناحية التاريخية للعلاقات مع الجزائر؟
في فرنسا حاليا ليس هناك أثر لليمين المعتدل، فهناك يمين واحد وهو اليمين المتطرف الذي تقدمه عمليات سبر الآراء على أنه المعسكر الأوفر حظا للفوز في الانتخابات التشريعية المسبقة، ومن ثم إمكانية قيادته للحكومة المقبلة، ممثلا في حزب عائلة لوبان.
وحتى لو كان دريانكور يتحدث عن حزب “الجمهوريون”، والذي يحسب مجازا على التيار الديغولي، فقد تشتت بعد الصدمة التي تلقاها في الانتخابات البرلمانية الأوروبية، فقد تحالف رئيسه، إيريك سيوتي، مع حزب لوبان الذي يقوده حاليا، جوردان بارديلا، وقد تم طرد سيوتي من الحزب، ولا يزال وضعه الحزب غير واضح وهو يدخل الانتخابات التشريعية بقوائم متشرذمة، وحظوظه شبه معدومة في الفوز بالانتخابات التشريعية المقبلة.
إذن لماذا يروج سفير الجزائر الأسبق لعلاقات أفضل بين الجزائر وفرنسا في عهد اليمين المعتدل الذي أصبح غير موجود واقعيا؟
كل عمليات سبر الآراء والمحللين السياسيين، تشير إلى أن المعسكر الوحيد القادر على مقارعة معسكر اليمين المتطرف، هو معسكر اليسار المنضوي تحت لواء “الجبهة الشعبية الجديدة”، أما معسكر الرئيس لإيمانويل ماكرون، المعروف بتسمية “معا”، فأبعد ما يكون عن هزيمة اليمين المتطرف، على الأقل بالنظر لاحتلاله المرتبة الثالثة في البرلمانيات الأوروبية الأخيرة، بعيدا عن معسكر اليمين المتطرف ومعسكر اليسار.
ولأن كل القراءات تشير إلى أن الجزائر تكون قد راهنت على معسكر اليسار، من خلال رسائل عميد مسجد باريس، شمس الدين حفيز، المتكررة والمحذرة من مخاطر وصول اليمين المتطرف إلى قصر الحكومة (ماتينيون)، واستقباله بعض رموز هذا التيار في المسجد وفي مأدبات عشاء، علما أن عميد المسجد كان قد زار الجزائر مؤخرا وحظي باستقبال من قبل الرئيس عبد المجيد تبون.
ومن ثم فما كتبه كزافيي دريانكور، لا يعدو أن يكون تشويشا على الجالية الجزائرية وعلى الجهود التي يقوم بها عميد مسجد باريس، الذي يحشد لقطع الطريق على اليمين المتطرف بكل السبل الانتخابية المتاحة.
وقد تتضح هذه القراءة أكثر عند حديث بعض المنابر الإعلامية والسياسية المقربة من اليمين المتطرف، على أن السفير الفرنسي الأسبق بالجزائر، سيكون من بين الشخصيات المرشحة بقوة لتولي حقيبة الخارجية، في حال فاز اليمين المتطرف بالانتخابات التشريعية المقبلة، لاسيما أن دريانكور، يعتبر من منظري هذا التيار ومن المطالبين بشدة، رفقة اليمين المتطرف، بمراجعة أو إلغاء اتفاقية 1968 للهجرة مع الجزائر.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!